صباح عادى مثل كل الصباحات الحزينة التى بتنا نستيقظ عليها كل يوم، كالعادة قمت بفتح "الميل الخاص بى" لأرى المرسل من مواد العمل، إلا أننى فوجئت بخبر لفت نظرى من شركة أفلام مصر العالمية، طلبة من الإخوان يمنعون فريق عمل مسلسل ذات من استكمال التصوير داخل الجامعة وطردهم، مشترطين تعديل الأزياء، حيث "فوجئ فريق عمل مسلسل ذات أمس الأول فى أول أيام تصويره بكلية الهندسة جامعة شمس بهجوم من الطلاب ومنعوا فريق العمل من استكمال التصوير المقرر له 3 أيام، وكان قد اتفق عليه سابقا مع إدارة الجامعة.. وبرروا موقفهم بأنه بسبب ما ترتديه الممثلات أثناء التصوير من ملابس غير لائقة أخلاقيا على حد قولهم، واعترض فريق العمل عليهم وأوضحوا لهم أن المسلسل يتحدث عن الحقبة الزمنية فى فترة السبعينات وهذا ما كانت ترتديه النساء وقتها ولا يوجد فيه ما هو خارج عن حدود الأخلاق."، توقفت للحظات وأنا أعيد قراءة الخبر أكثر من مرة، وانتابتنى حالة من الذهول وعدم التصديق، ففريق عمل المسلسل.
يقومون بعملهم ويصورون عملا عن واحدة من أهم الروايات الأدبية فى تاريخ الرواية العربية وهى رواية ذات للأديب الكبير صنع الله إبراهيم وصدرت عام 1992 وهى تصور حياة امرأة مصرية من الطبقة الوسطى خلال حكم الرؤساء الثلاثة عبد الناصر والسادات ومبارك، وما رافقها من تدهور للظروف المعيشية وانحلال فى الأخلاق وصعود للتيارات الدينية المتطرفة، وفى هذه الرواية لجأ صنع الله إبراهيم إلى "التناص"، بأن وضع قصاصات من صحف ونصوص علمية وحولها إلى "كولاجات" تكمل القصة من ناحية وتسخر منها من ناحية أخرى، لتكشف حجم الزيف والفساد الذى كنا نعيش فيه، ولكن يبدو أن بعضا من هؤلاء الطلبة لا يعرفون شيئا عن الرواية ورغم ذلك قرر بعضهم بسطوه الدين، والبعض الآخر، بدعوى الأخلاق أن يمنع تصوير المسلسل داخل أسوار الجامعة، رغم موافقة إدارة الجامعة ولكن يبدو أن تحدى المؤسسة أصبح هو الهاجس عند البعض دون إعمال العقل، فهؤلاء مجموعة من الفنانين الذين يؤدون عملهم بمفرداته ومن هذه المفردات ملابس الشخصيات والتى تنتمى جميعها إلى حقبة السبعينيات، ومصر فى هذا الوقت كانت دولة ليبرالية، فماذا كان يريد المهاجمين من طلبة هندسة عين شمس ؟ هل كانوا يريدون تحجيب بطلات العمل، أو إلباسهم النقاب؟
وما معنى أن ترضخ إدارة الجامعة لرغبة تلك المجموعة من الطلاب رغم منحها كافة التصاريح لأسرة المسلسل، وللأسف يبدو لى أن هناك كارت إرهاب للفنانين بدأ فى الظهور مع واقعة الفنان عادل إمام والذى صدر حكم غيابى بحبسه بدعوى الإساءة للدين فى أعماله، والكارت الثانى لأسرة مسلسل ذات، وذلك يعنى ببساطة" يا اتقدموا الفن اللى على مزاجنا يتقعدوا فى بيتكوا "ومازال الحديث فى تلك القضية مستمر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة