لم يكن الشعب السورى محظوظاً مع حكامه منذ سنوات خلت، شأنه شأن أشقائه العرب، وربما يعد هذا الأمر غريباً وعجيباً فى حد ذاته! إلا أن الأكثر غرابة من هذا وأشد عجباً! أن يعانده الحظ من قبل المجتمع الدولى الذى تخلى عن مساندته فى محنته وتحديد مصيره، وتقاعس عن اتخاذ القرارات الصارمة ضد انتهاكات نظام الأسد البشعة فى حقه، ودأبه فى غض الطرف عنها، حتى بلغ عدد ضحاياه ستة آلاف شهيد! والغريب فى الأمر أن يصمت المجتمع الدولى على هذه المجازر الشنيعة، رغم ما بينه وبين هذا النظام الآثم من خلافات جوهرية ملتبسة وعميقة الأثر كانت كفيله بانتقاضه عليه!
ومن غير شك فإن هناك دول عظمى مثل أمريكا كانت تتربص بنظام الأسد، وكانت تتحين مثل هذه الفرصة السانحة لها فى الوقت الحالى حتى تزيحه عن طريقها! لكن الظروف هذه المرة لم تمكّنها من زحزحة بشار عن عرشه حتى يرتاح شعبه من بطشه وظلمه على غرار ما حدث مع أسلافه المخلوعين من طواغيت العرب ـ وذلك بعد أن قطعت دولتى روسيا والصين الطريق عليها باستخدام حق النقض ـ الفيتو المزدوج ـ ضد المشروع العربى ـ الغربى الذى تقدمت به الجامعة العربية أمام مجلس الأمن خلال الأسبوع المنصرم ـ وقد وقفت دول الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وروسيا والصين فى وجه المشروع العربى بغرض الحد من الهيمنة الأمريكية ـ الغربية على العالم ولإحداث توازن دولى لحماية اقتصادياتها الصاعدة فى الوقت الراهن ! ولقد عمدت الدول الخمس إلى الممانعة، بعد أن لمست تجاهل الجامعة العربية لقدراتها كدول فاعله ومؤثرة فى النظام العالمى الجديد!
ذلك أن دول روسيا والصين والبرازيل أعضاء فى تجمع الدول الصناعية الثمانى الكبرى ـ والدول الخمس مجتمعة ممثلة فى نادى الدول العشرين ـ ولا ريب أن قدراتها الصناعية والسياسية فى تنام مطرد وفى تنافس وسجال مع أمريكا والغرب، بل تكاد تقف منهما على تماس واحد فى العلاقات الدولية!
ووسط هذه الصراعات الدولية القائمة ـ يقف الشعب السورى قرابة العام متأسداً فى وجه نظامه الغاشم باحثاً عن حريته من طريق ربيع الثورات العربية العابق بشذاه فى الأوطان، وهو حائر، يائس الحال، ممزق الأوصال، غارق فى دمائه وأشلائه وأحزانه، عاجز عن أن يخلص نفسه بنفسه من آلة الحرب الضروس، وحين لجأ إلى من يخلصه منها، نكأ جراحاته الغائرة بهذا الفيتو الظالم الذى قطع عليه سبل الخلاص من الجور والتعسف والطغيان، الذى عانى منها لعقود طويلة ليجد نفسه مرة أخرى رهينة فى كنف نظام الأسد القاتل يفعل به ما يشاء متى شاء! ويستبيح دمه كيف يشاء، تحت غطاء الشرعية الدولية، التى لم تعبأ بدماء السوريين الجارية كالأنهار صباح مساء فى شوارع حمص وإدلب وحماة دونما حسيب أو رقيب!
رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: الفيتو المزدوج يعمق الجراح السورية
السبت، 11 فبراير 2012 01:52 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد حسين
لك الله ايها الشعب السوري
ماذا نقول للشعب السوري سوي لك الله فالعرب نيام