طه سيف الله

بيـســـة والعصيان المدني

السبت، 11 فبراير 2012 10:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم يوم سبت، أيقظتنى بيسة الشغالة بالتليفون تسألنى أتأتى كعادتها فى ذلك اليوم من كل أسبوع، فحذرتها من أسرتى الداعية إلى العصيان المدنى. فاستفسرت فى حيرة عما يجب أن تفعله، فإن هى أرضعت ابنها بوبوس فقد خانت الثوار، والثوار قادرون وكثيرون ومتنفذون لو تعلمون، وإن هى اعتصمت فنصيبها المؤكد علقة سخنة من زوجها سيد المكوجى الذى يحتاجها اليوم فى مهام كثيرة، أولها طاجن السمك الذى يدمنه كل سبت، وآخرها مرفوض مرفوض فمزاجها متوعك، ثم إن اليوم يوم سبت.

ولما طال رغيها طلبت منها أن تلخص وتنجز فأنا اليوم مسئول عن المطبخ حيث زوجتى فى الاعتصام، وأوجعت رأسها بأسئلتى الغبية عن كيفية عمل القهوة العربية، ولما تبرمت بيسة ملحةً فى السؤال أفهمتها بأن العصيان أمر عظيم ولكنه كملح الطعام ينبغى استخدامه فى حينه المناسب ومكانه المناسب وقدره المناسب وإلا يفسد الطبيخ ومعه يحترق العش والقش والسنبلة!!.

يا بيسة الصغيرة، طويل أمامنا الطريق ولكن خاتمته جميلة، فى حلاوة بوبوس الذى ترضعينه بكل رحمة الأم وعطائها، وفى روعة ابنتك التى سوف تأتى إلينا هديةً من السماء لو أنت سمعت كلام زوجك اليوم.

يا بيسة الجميلة. العصيان المدنى ليس غاية ولكنه سيلة اخيرة يستخدمها الحالمون بالحرية عندما يستنفدون وسائلهم الأخيرة، وتتقطع بهم السبل الأخيرة، فيقررون أن يواجهوا الشيطان بورقتهم الأخيرة، فى مقامرتهم الأخيرة، فى ليلتهم الأخيرة.

ولكننا - يا بيسة – ما زلنا فى بداية الطريق، والطريق لو تعلمين طويل شاق ملتو متعرج، والظلام يلفنا، وليس أمامنا إلا شموع قليلة. لا تطفئيها يا بيسة. ولا تدعى أحباءك يطفئونها. لا يجب علينا إحراق جميع المراكب وسط عواصف لا ترحم وأمواج تبغضنا ونبغضها.

وغمغمت بيسة بأنها لا تفهم كلامى الكبير. فقلت إننى أخاطب نفسى. فقالت كيف تخاطب ذاتك وأنت تحاورنى. أجبتها بأن هذا شأن المثقفين، فهم دوماً فى حوار ذاتى مع ذواتهم مكتفين بذواتهم معتزين بذواتهم ابتغاء إرضاء ذواتهم. ولهم الحق طبعاً فهم أولاد الذوات.

فسألتنى ماذا أفعل وماذا ستفعل يا سيدى. قلت لها إننى سوف أستكمل الطبيخ. أما أنت يا سيدتى فحسبك ان ترضعى الوليد. قالت: والوطن؟؟؟ قلت له رب يحميه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة