نائب رئيس وزراء بولندا السابق لــ"اليوم السابع": أخشى على مصر من السير فى طريق "المجهول" .. ومن المستحيل أن يلحق هذا البلد بتركيا فى 7 سنوات .. وثورة يناير عالجت مشاكل كثيرة وأظهرت أخرى على السطح

الجمعة، 10 فبراير 2012 04:04 م
نائب رئيس وزراء بولندا السابق لــ"اليوم السابع": أخشى على مصر من السير فى طريق "المجهول" .. ومن المستحيل أن يلحق هذا البلد بتركيا فى 7 سنوات .. وثورة يناير عالجت مشاكل كثيرة وأظهرت أخرى على السطح البروفيسور ججيجوش كوودكو نائب رئيس وزراء بولندا السابق
حاورته هدى زكريا - تصوير سامى وهيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال البروفيسور ججيجوش كوودكو، نائب رئيس وزراء بولندا السابق، إن مشكلة البطالة تعد واحدة من التحديات الأساسية التى تواجه المجتمع المصرى الآن والتى يستلزم القضاء عليها وضع خطة اقتصادية من قبل الحكومة الجديدة تهدف إلى زيادة دخل الفرد ليتناسب مع احتياجاته اليومية، وأضاف كوودكو الذى يعد المهندس الرئيسى للإصلاحات الاقتصادية البولندية، أنه مثلما هناك بواعث أمل جديدة فى مصر بعد ثورة 25 يناير، فهناك أيضا مصادر للخوف تتطلب مواجهتها وضع استراتيجية تقوم على العمل الجاد والسياسة الحكيمة.

وأكد كوودكو الذى تولى مناصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية أربع مرات بين عامى 1994 و2003، تحت أربعة رؤساء وزراء مختلفة، وعمل مستشارا لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى والأمم المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية، فى حواره مع اليوم السابع على أنه ينبغى على الحكومة الجديدة القادمة سواء كانت إسلامية أو غير ذلك أن تدرك تماما حكم الإمكانيات المتوفر لديها وتحسن استغلالها خاصة وأن هذا البلد يمتلك كم عظيم من الموارد.

وفيما يلى نص الحوار الذى جاء تزامنا مع زيارة كوودكو لمصر لتوقيع كتابه الصادر عن دار كلمات عربية "حقائق وأخطاء وأكاذيب.. السياسة والاقتصاد فى عالم متغير" والذى يتناول فيه قضايا التنمية على المدى البعيد والنمو العادل والمستدام والإصلاحات المشجعة للمشاريع التجارية والاستثمارات الداعمة للترابط الاجتماعى فى الوقت نفسه والاقتصاد والسياسة فى عصر العولمة وإستراتيجيات التنمية الإقليمية والوطنية.

ما رأيك فيما حققته ثورة 25 يناير حتى الآن؟
حدوث تغيير حقيقى فى مصر مرتبط بمدى فهم ما تعنيه كلمة "ثورة"، ولكن من وجهة نظرى أن تلك الثورة قامت لرغبة الناس فى إحداث تغيير سياسى واقتصادى واجتماعى، ولكن لم يحدث التغيير الكامل الذى كانوا يرجوه ولم تنته وتتوقف بعد تطلعات الشعب نحو الأفضل، خاصة أنه حتى الآن لم يتم التوصل للشكل النهائى الخاص بالدستور ولم يتم تحديد العلاقة بين البرلمان والحكومة.

ومن ناحية التغييرات الاقتصادية ففى رأى انها لم تحدث بعد على عكس بولندا التى مرت على سبيل المثال بظروف صعبة، ولكنها استطاعت أن تحقق تغييرات اقتصادية فى فترة وجيزة، فمازالت احتياجات الطبقات المصرية أعلى بكثير من مستوى الدخل، وأنا أخشى على مصر أن تسير فى طريق المجهول، فقد سألت نفسى يوما ما خلال واحدة من محاضراتى هل مصر ستلحق بتركيا خلال 7 سنوات فوجدت أن الإجابة هى "مستحيل".

وفى رأيك ما المشكلات التى تواجه الاقتصاد المصرى؟
تعتبر البطالة واحدة من أهم المشكلات وأكثرها تأثيرا على المجتمع المصرى وينبغى على الحكومة الجديدة أن تحدد كيفية التعامل مع تلك المشكلة من خلال تخصيص دخل أكبر للأفراد من ميزانية الدولة يتناسب مع احتياجاتهم الأساسية، حتى يرتفع مستوى النمو وأعتقد أن هذا هو الحل الوحيد فلقد استيقظ المجتمع المصرى من خلال ثورته ومثلما عالجت الثورة بعض المشاكل طفت مشاكل أخرى جديدة على السطح مازالت فى حاجة للعلاج.
وما الخطوات التى يجب أن يسير عليها أى مجتمع يمر بحالة من التغيير كما أشرت فى

كتابك "حقائق وأخطاء وأكاذيب.. السياسة والاقتصاد فى عالم متغير"؟
أرصد فى كتابى الاتجاهات التى من المفترض أن يسير عليها أى مجتمع يشهد حالة من التغيير وهناك دور كبير مُلقى على عاتق الحكومة الجديدة، ولكن بشرط أن تكون مستقرة وثابتة فهذه الثورة أثرت بكل تأكيد على النمو الاقتصادى التابع للدولة، وسبق وأن سألونى هل أنت متفائل بشأن مصر فقلت سأكون أكثر جدية وواقعية فثلما هناك بواعث أمل عديدة هناك أيضا مصادر خوف جديدة فقد اقتربنا من الوقت الذى يلزم فيه وضع إستراتيجية تقوم على العمل الجاد والسياسة الحكيمة.

الجميع يشهد لك بالتحول والطفرة التى أحدثتها فى مجال الاقتصاد ونهوضك به فى الفترة التى توليت فيها منصبى وزير المالية ونائب رئيس الوزراء.. فكيف تمكنت من ذلك فى ظل الأوضاع السيئة التى كانت تمر بها بولندا بعد انتهاء الشيوعية؟
بعد انتهاء فترة الشيوعية كان هناك مراحل مختلفة فى بولندا فى كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، وبالطبع بعض هذه المجالات كانت أوضاعها متدنية للغاية أثناء تلك الفترة فكان الأمر بالنسبة لى بمثابة الشوك الذى يبدو فى البداية كما لو كان ليس له علاج، ولكنى اعتمدت على سياسة مغايرة تماما عندما توليت تلك المناصب وهذا هو سر نجاحى فى تلك المهام فيمكن القول، إن من خلالها حدث نهوض وتطور فى ذلك البلد حتى أصبح عضوا فى الاتحاد الأوروبى فمثلا أستخدمت سياسة تهتم ببعض التفاصيل الاجتماعية، فكان هناك اهتمام بالوضع الاجتماعى ووجهة نظر الناس وشعورهم واحتياجاتهم وكان الاستثمار يتم فى القوى العاملة نفسها وفى بعض الاحيان كان الاهتمام بالمجتمع أهم من التركيز فى تفاصيل اقتصادية او تكنيكية حتى تمكنت من تحسين الأوضاع الاقتصادية بعد أن كانت منهارة تماما،

وبدخول بولندا فى الاتحاد الأوروبى كان هناك سياسة أو اتجاه آخر للاستثمار فى بعض قطاعاتها، ولكن إجمالا يمكن القول بأنه لا شك الآن أن الأمر فى بولندا كغيرها من الدول مرتبط بالظروف الاقتصادية الحالية فى العالم والوضع الاقتصادى المستمر فى الصعود والهبوط، وتأثير ذلك على مستوى العيش ولكن الصورة ليست قاتمة تماما والوضع ليس سيئاً، على الرغم من أنه كان من المفترض ان يكون أفضل من ذلك.

لذا فى كتابى حرصت على تقديم الوسائل التى يتحسن من خلالها الوضع الاقتصادى العالمى حتى يستطيع القارئ أن يخرج بكثير من الاستنتاجات فى كثير من القضايا الهامة سواء سياسة أو اقتصاد أو اجتماع أو حتى القضايا البيئية، فهذه القضايا مهمة لتطور البلد وتلعب دورا مهما فى عالم العولمة، القضايا الموجودة فى الكتاب تثير الاهتمام.

وكيف يمكن تطبيق ذلك على مصر؟
مصر بحاجة لوضع إستراتيجية اقتصادية مع الأخذ فى الاعتبار أهمية القضايا التى سق الأشارة اليها والتى تلعب دورا حيويا فى عالم العولمة، ويمكن لتلك الإستراتيجية أن تهتم بالانفتاح العالمى، وتهدف إلى تحقيق استقرار فى التوازن الاقتصادى والحفاظ عليه ونفس الشىء بالنسبة للتوازن التجارى والمالى، ولكن هذا ليس كافيا، فيجب بجانب كل هذا هناك حاجة للتوازن البيئى والمجتمعى.

وذكرت فى كتابى أن الاقتصاد يشبه طريقا وسط الغابة حيث من السهل جدا إن تضل الطريق فعندما تستدير كى تعود ادراجك يبدو الطريق وكأنه نفس الطريق الذى سلكه، لكنه لا يكون كذلك وعملية التغير فى الاقتصاد أمر طبيعى وواضح تماما على الأقل بعد مرحلة معينة من مراحل تطور الحضارة، وللأسف بدلا من التكيف مع التغيير غالبا ما يتطلع الاقتصاديون إلى دول أكثر تقدما وذات ثقافات مختلفة وتكنولوجيا أكثر تفوقا ومؤسسات أكثر نضجا ويستعيرون منها تفسيرات وعناصر نظرية وحتى مذاهب فكرية كاملة حتى أنهم يواجهون فيما بعد مشكلة فى التكيف مع الظروف المحلية وهذا يجعلهم كمن ينتعل فردتى حذاء للقدم اليسرى وقد أصبح هذا الأمر شائعا فى السنوات الأخيرة فى ظل التأثر بهيمنة اتجاه فكرى واحد وهو الليبرالية الجديدة.

كيف ترى مستقبل الاقتصاد المصرى فى ظل الحكم الإسلامى؟
مهما كانت الحكومة القادمة لابد أن نضع فى الاعتبار طريقة سياستها وعملها فى المجال الاقتصادى والبيئى والمجتمعى، فهذه الحكومة سواء كانت إسلامية أو غير ذلك لابد أن تدرك حجم الإمكانيات المتاحة لديها وتعى تماما كيفية توظيفها، خاصة وأن المصادر الموجودة فى هذا البلد جيدة بل ممتازة ولكن لابد ان يُحسن استخدامها.

ما الذى نحتاجه حتى لا يؤثر ذلك بشكل سلبى على اقتصاد دولتنا؟
ينبغى أولا التخلص من سياسة الوعى دون تنفيذ على أرض الواقع فمصر بحاجة لجهد شديد لتتطور وذلك من خلال توسيع دائرة الاستثمار فيها، والتشجيع على ذلك إضافة إلى أنهاء مرحلة المظاهرات التى تشهدها حاليا والميل إلى اقتراح المشروعات الإيجابية وبذل الطاقة والمجهود لتنفيذها.

وقد أرسلت بالفعل نسخة عربية من كتابى هذا لكافة أعضاء البرلمان إسهاما منى فى تعزيز حالة الحوار الدائر حول كيفية النهوض بالوضع الاقتصادى المصرى لأقدم لهم الاقتراحات المباشرة فمصر أمامها فرصة عظيمة للإزدهار والتطور، ولكنها بحاجة للمرور أولا بمراحل مختلفة يتم فيها تحديد كيفية استغلال تلك الفرص، وهذا فى رأى يعتمد على سياسة مجلس الشعب الموجود والقيادات التى تستطيع أن تستخدم موارد الدولة وإمكانياتها لصالح سياسة هذا البلد.

وما أشكال المساعدات التى يمكن أن تقدمها بولندا لمصر فى تلك المرحلة خاصة أننا سمعنا أنه يتم تدريب بعض النشطاء المصريين والتونسيين فى بولندا على كيفية إدارة مرحلة التحول الديمقراطى فى بلادهم؟
لا أعرف كثيرا عن أمر التدريب، ولكن هناك فرصة مهمة للمساعدة من وجهة نظرى وذلك من خلال تدريس الطلبة المصريين وتبادل الطلاب والخبرات العلمية فنحن لدينا وكما تعلمون مدارس وجامعات على مستوى عالى وممتاز وبالطبع بجانب وجود الطلبة وتعليمهم فى بولندا سيأتى دور الاستثمار، ويمكن أن يتحقق الازدهار الاقتصادى بعد زيادة خبراتهم ومعلوماتهم، ولا ننسى أن بولندا انضمت للاتحاد الأوروبى وهذا يجعلها تقدم المساعدات اللازمة لمصر كبقية الدول داخل السوق الأوروبى.

























مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة