لا أعرف لماذا استدعيت مشاهد كاملة من الفيلم العظيم فى تاريخ السينما المصرية والعربية "البرىء" للكاتب وحيد حامد والعبقرى أحمد زكى، الفيلم الذى ظل ممنوعاً لأكثر من 17 عاماً، بالأمس، فقط تذكرت أحمد سبع الليل الشاب القوى الفتى، والذى كانت مداركه تتفتح ووعيه يتشكل بسيط، لا يعرف الخبث، يعشق العمل، طيب لأقصى حد، وفى أحيان كثيرة تصل تصرفاته إلى حد السذاجة.
نعم استدعيت أحمد سبع الليل، ذلك الغض البرىء، وأنا أتابع أمس مثلى مثل الكثيرين منا، الأحداث المتلاحقة، وأخبار السرقات والسطو المسلح، بالقاهرة على بنك H.S.B.Cفرع التجمع الخامس فى عز الظهر، وسرقة عربية أمانكو فى التبين، حادث فتنة طائفية فى العامرية، حادث صلب لمواطنين فى الشرقية بدعوى أنهما بلطجية، خناقة بين سائق سيارة ملاكى، وسائق ميكروباص فى شارع جامعة الدول العربية، وتطورت الخناقة، وببساطة أخرج قائد السيارة الملاكى مسدسه، وأردى سائق الميكروباص الذى لم يتجاوز عمره الـ21 سنة قتيلاً، لذلك قام زملاء السائق بقطع الطريق، ليس ذلك فقط، بل طالبوا القيادات الأمنية التى تواجدت فى مكان الحادث، وكان لا حول ولا قوة لها، بضرورة تسليمهم القاتل ليأخذوا حق زميلهم بأيديهم.
أما الحدث الأهم والجلل، فهو قيام المجلس العسكرى بإصدار قانون انتخابات الرئاسة، ونشره فى جريدة الوقائع المصرية، قبل انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان المصرى بأربعة أيام، تلك نماذج لما شاهدته القاهرة وبعض محافظات مصر، أمس، من أحداث تناقلتها وسائل الأعلام المصرية وبرامج التوك شو، دون أن يقول لنا أحد شيئاً سوى رصد ونقل ما يحدث، تلك الحالة من العبث والفوضى، لذلك كان من الطبيعى أن أتذكر بطل البرىء، والذى لم يكن يفهم شيئاً مما يدور حوله، وللحظة شعرت بأن معظمنا بات يشبه أحمد سبع الليل فى تعاطيه مع كل الأمور المتعلقة ببلده.
أحمد لم يكن يعرف سوى ما يملى عليه من أوامر، وما يقوله له قياداته فى معسكر الأمن المركزى،"اضرب يضرب، دول أعداء الوطن، فيه مؤامرة ضد الوطن" كان سبع الليل ينفذ دون أن يفكر إلى أن حدث التحول الدرامى له بعد أن شاهد صديق عمره وابن قريته حسين- جسده ممدوح عبدالعليم- مقبوضا عليه؛ لأنه من أعداء الوطن، وهنا أدرك سبع الليل الكذبة الكبيرة التى عاش فيها، وفاق بعد فوات الأوان، فصديق عمره قتل، وهو تحول إلى قاتل، بعد أن حاول أن يأخذ بثأر صديقه، وثأر لنفسه ممن ضللوه، وكل ما أخشاه أن يكتشف أغلبنا مثل أحمد سبع الليل، ونفيق بعد فوات الأوان، خصوصاً إننا أصبحنا لا نفهم ما يدور حولنا ولا أعتقد أن أحد منا يملك تصوراً محدد الملامح لما يحمله الغد فهل فات الأوان؟
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيى ابو الوفا
اقطعوا الذيول تستقر العقول!