يعانى الإسلام كثيراً من تخلف بعض المسلمين فى فهمه وإدراكه واستيعاب روحه ومنهجه وسماحته، واحتواء أيديولوجيته، الإسلام كما هو منهج حياة ونجاة ودستور كونى عظيم، ولكن تكمن الكارثة فى أن بعض المسلمين بعيد كل البعد عن جوهر الإسلام فعمله ليس مطابقاً لعقيدته، ونرى ذلك واضحاً فى تكاسله وتخاذله فى إدراك قيمة العمل فتراه متخلفا فى إنتاج ما يحقق له الاكتفاء الذاتى بل قد تراه لا ينتج شيئاً أصلاً، حتى فى استهلاكه للمواد والأشياء تخلف فى ذلك أيضاً فقط يريد أن يشبع شهواته وإرواء ماديته فى أشياء تافهة، حتى فى فكره متعصب لا يرتكز على ثوابت الحوار لأننا مسلمون بالاسم فقط، فنحن بعيدون كل البعد عن إطار التواجد لا المنافسة الحضارية بين الأمم فى تطورها الرهيب فى المكر التكنولوجى بل نحن نعيش فى زمن آخر وهم يدركون ما يفعلون ويخططون لذلك، لا يخطون خطوة بدون سابق معرفة ودراسة ونحن ما زلنا نتخبط ونهرول فى زمن غير الزمن.
لقد ابتعدنا عن مضمون وجوهر رسالة الإسلام وتمسكنا بالشكليات التى كانت وما زالت مجالا خصبا للجدل والبعد عن جوهر العمل، أين نحن من بناء الإنسان أخلاقياً وذهنياً وفكرياً وتربوياً واجتماعياً وعلمياً واقتصادياً.؟
فإذا بنا نصطدم بمشاكل لا حصر لها وإذا بنا نلهث وراء حلول للآخرين ونحتكم لصراع القوة فى التخلص من نظم كثيرة فى اعتقادنا أن هذا سوف يكون الحل لا لمنطق الحجة بالحجة والحوار والنقد البناء.. وإذا بنا نختلف نحن مع أنفسنا وفى داخل عقيدتنا لأننا نحن السبب فيما نحن فيه الآن لا فى إسلامنا!
نحن نعيش حالة مرضية مستعصية وهذا لا يدعو لليأس بل قد تكون نقطة انطلاق فى تشخيص الحالة التى نحن فيها وندركها جميعاً، الإسلام برئ من تخلف وتصرفات بعض المسلمين فالعيب فينا لا فى منهجنا وقيمنا أو فى إسلامنا.
لابد أن نعيد ترتيب أنفسنا من الداخل من أجل الأجيال القادمة فنحن لا ينقصنا شيء فالمنهج موجود فقط نريد أن نتفهم ونفهم ما هو الإسلام ونورث لأبنائنا مفهوما مغايرا لما نحن فيه من تخلف نريد أن نفتح لهم أبواب العلم والعمل ومنافسة الأمم ولن يكون ذلك إلا بالعطاء المتكافل والنظرة الشمولية بحنكة وفطنة وذكاء لا بعقول متحجرة.
أعُلنها صراحة نحن متخلفون أمام إسلامنا بجهلنا عنه وقطيعتنا له منذ زمن وانعكس ذلك على حياتنا وفى أسرنا وفى مجتمعنا وفى معاملاتنا وفى انتمائنا وفى ردود أفعالنا، إسلامنا إسلام منهج وحياة لا إسلام قشور لا إسلام موسميا لا إسلام المغالاة واللامبالاة.
