نعم.. إنها المراوغة واللعب على الحبال مرة أخرى!
إن الإعلان الدستورى الجديد الذى أصدره (الرئيس) محمد مرسى مساء أمس السبت 8/12/2102 يؤكد أنه، وجماعته، مصرون على السطو على كل مؤسسات الدولة بالطرق (المشروعة)!
لماذا؟
لأن هذا الإعلان الجديد لم يستجب لمطالب القوى المدنية، بتنويعاتها المختلفة، فى إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع دستور عصرى وحديث، وهو مطلب مهم للغاية. بدلاً من الدستور المشبوه الذى صاغ مواده التيارات الإسلامية المتعددة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن انسحب ممثلو القوى المدنية والكنيسة المصرية اعتراضاً على ديكتاتورية تيارات الإسلام السياسى.
لو تأملت جيدًا ملامح الذين وقفوا أمس فى قصر الرئاسة لينصتوا إلى الدكتور محمد سليم العوا وهو يتلو مواد الإعلان الدستورى الجديد لاكتشفت بمنتهى اليسر أن الثورة قد خطفت، فالعوا ونائب الرئيس وبقية المشاركين فى المشهد تجاوزت أعمارهم الستين إن لم يكن السبعين عامًا، فى حين أن الذين ثاروا وانتفضوا وزلزلوا عرش مبارك كانوا كلهم من شباب مصر العظيم الذين تم إبعادهم عن مشهد أمس! صحيح أن الدكتور أيمن نور ظهر فى المشهد التلفزيونى، وهو خمسينى تقريبًا، إلا أن التاريخ يعلمنا دومًا أن لكل ثورة انتهازييها وأفاقيها.
إن تأمل سلوك السلطة الحاكمة فى الأيام القليلة الماضية يوضح لنا هزال فكرها وقلة حيلتها، ذلك أنها ظلت، ومن لف لفها، تتحدث عن ضرورة الحوار للخروج من الأزمة، وقد تناسى الجميع أن هذه السلطة هى التى صنعت الأزمة عندما أصدر (الرئيس) إعلانه الدستورى (الإلهى). ولما خرجت الملايين من الشعب المصرى منددة ومحتجة على الإعلان الدستورى وعلى الاستفتاء تركت السلطة ميليشيات الإخوان يعتدون بقسوة على المتظاهرين أمام القصر الرئاسى فى سابقة لم تحدث من قبل، وكأن لا شرطة ولا حرس جمهورى هناك يحمى القصر وساكنيه، كما يحمى المعتصمين سلميًا.
لا تنس كذلك أن الرئاسة لم يرمش لها جفن حين قدم مجموعة من مستشارى (الرئيس) مرسى استقالاتهم من مواقعهم احتجاجًا على طريقة إدارة البلاد، وقد أعلنوا أنهم مجرد مستشارين لا يُستشارون فى الأصل. الأمر الذى يشير إلى أن من يحكم مصر الآن، لا يعنيهم سوى أنفسهم، ويتعاملون مع بقية القوى السياسية والشعب كله باستخفاف لا نظير له!
اللافت للانتباه أن لا الرئيس ولا الذين اجتمع بهم من عواجيز السياسة، ولا العوا ولا أحد ممن بيدهم الأمر حاليًا أشار ولو بكلمة إلى حصار المحكمة الدستورية وهى جريمة بكل المقاييس لو كان أهل الحكم عندنا يدركون ما يفعلون!
باختصار.. لقد وضحت الصورة الآن، فنحن أمام صراع سياسى اجتماعى بين جماعة تقبض على جزء كبير من السلطة وتسعى حثيثاً إلى خطفها كلها، وبين شعب كبير وعظيم يحاول أن يسترد ثورته التى سلبتها جماعات سياسية ترتدى عباءة الدين.. جماعات تخاصم العصر وتظن نفسها أنها المتحدث الرسمى الوحيد باسم الإسلام!
ترى.. هل يمكن الوصول إلى نقطة التقاء بين الغالبية المستنيرة من الشعب وبين تيارات الإسلام السياسى؟ الأمر يحتاج إلى مقال آخر بإذن الله.
ملحوظة:
عاتبنى بشدة الصديق المهندس جمال عبد الناصر، وهو قارئ حصيف وثورى أصيل، لأننى وصفت الدكتور محمد مرسى فى مقالى السابق بأنه (الرئيس مرسى)، حيث أكد لى أنه فقد شرعيته، وبالتالى لا يستحق أن يمنح لقب رئيس. وفى ظنى أنه حتى هذه اللحظة لم يفقد شرعيته الرسمية على الأقل، وهكذا قررت وضع كلمة الرئيس بين قوسين فى هذا المقال بناءً على اقتراح صديقنا جمال. ومن يدرى ماذا سيحدث فى مصر الحيوية بعد دقيقة واحدة من الآن؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامه
الهيصه فى الفاضى
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
عن الشرعيه أتحدث