محيى الدين سعيد يكتب: نصائح «هيكل» التى تجاهلها «الرئيس»

السبت، 08 ديسمبر 2012 08:33 ص
محيى الدين سعيد يكتب: نصائح «هيكل» التى تجاهلها «الرئيس» محيى الدين سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«أن يجلس الرئيس ساعة فقط مع نفسه للبحث فى الأوضاع دون مستشاريه».. نصيحة أنهى بها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الجزء الأول من حواره المتلفز مساء أمس الأول، وخاطب بها رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، مدعما إياها بأمثلة لكيفية تعامل عدد من الزعماء والقادة مع أزمات مرت بها بلادهم، وبدأوا أول ما بدأوا فى مواجهتها بتصفية أذهانهم والتحلل من كل القيود والضغوط المادية والمعنوية، للوصول إلى حلول لأزمات بلادهم، حيث يدركون أن التاريخ لا يرحم أحداً، وأن سطوره تسجل لهؤلاء الذين استطاعوا قيادة سفينة أوطانهم إلى بر الأمان بحروف من نور، كما تلقن هؤلاء الذين أغرقوا بلادهم وأضاعوا أنفسهم دروسا يجب أن يعيها غيرهم.

فى حوار «الأستاذ» ما يمكن لـ«الرئيس» أن يعمل به لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وما يوجب على الرئيس ألا يظل متجاهلا له، خاصة أنه قد بدا واضحاً للعيان أن البلاد صارت فى مفترق طرق، وأن الأزمة توشك أن تدخل بمصر فى نفق مظلم وأن تجهض ثورتها ودماء شهدائها، لتحل مكانها دماء جديدة على مذبح الاقتتال الأهلى بين مؤيدين للرئيس من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من القوى والجماعات السلفية وبين معارضيه من مختلف القوى والأحزاب والحركات السياسية، وأول ما رأى «الأستاذ» أنه كان يمكن أن يكون مخرجا لـ«الرئيس» من الأزمة «أن يعرض الدكتور محمد مرسى مشروع الدستور إما فى ميدان التحرير أو فى المحكمة الدستورية التى أدى فيها اليمين»، و«أن يؤجل الاستفتاء على

الدستور لمدة شهرين تجنبا للأوضاع الحالية».
فى نصائح الكاتب الكبير هيكل ما لا يخل بمقام الرئيس المنتخب مرسى، وما يجنب فى الوقت نفسه حكمه والبلاد الاضطرابات والفوضى، «البلد دخلت فى مأزق فظيع وقلق»، بحسب تعبير هيكل، والدستور الذى يصر مرسى على المضى قدما فى إجراءاته دون اكتراث بالمعارضين والمحتجين والرافضين لما أنتجته الجمعية التأسيسية «ليس قانونا وإنما هو عقد طوعى لجماعات مختلفة ويقتضى أن تتواجد فيه جميع القوى، فإذا غابت الكنيسة والمفكرون، وإذا اقتصر على فئة واحدة فإنه يمثل خطرا كبيرا».

فى حواره مع الإعلامية لميس الحديدى على قناة c.b.c يؤكد الأستاذ هيكل مسؤولية رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى كانت تدعوه أن يفتح مخارج أخرى للحوار، وهو ما بدا أن مؤسسة الرئاسة لم تعيه جيدا مبررة ذلك بما وصفته بـ«تعنت» قوى المعارضة، التى تصر هى الأخرى على ألا تجلس إلى طاولة الحوار قبل تنفيذ شروطها بإسقاط الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر الماضى وإلغاء الاستفتاء على الدستور الجديد، لكن حتى هذه النصيحة التى يبدو للبعض أن أوان العمل بها قد مضى لا تزال مساحة الاستفادة منها ممتدة، ولا يزال أمام مؤسسة الرئاسة فرصة البحث عن هذه المخارج، خاصة أن ما ذكره الأستاذ فى وصفه لمليونية 4 ديسمبر يجب ألا يغيب عن عقل كل باحث عن مخرج من المأزق الراهن، حيث رأى هيكل أن «خروج الحشود يوم 4 ديسمبر لرفض الإعلان الدستورى أعاد إلى الأمة مشهد 25 يناير، فالشباب نفذ حلقة وصل بين 25 يناير و4 ديسمبر»، كما يجب على أول رئيس منتخب لمصر الثورة - بحسب ما ذكره هيكل - «أن يعطى نفسه متسعا من الوقت ليقرأ ملفاته، فمصر لا يوجد بها مستندات أو وثائق تشرح للحالة التى تعيشها حاليا، وهو ما كان عليه النظام السابق على مدار الـ30 عاما الماضية.. فهو - أى مرسى - جاء على أوضاع لا تشرح الموقف الحالى».

«الحرية هى الحل الحقيقى»، باب آخر يفتحه حوار هيكل للخروج من مأزق الصراع بين فريقى «الديمقراطية هى الحل»، و«الإسلام هو الحل»، وهو باب لا يزال أمام الرئيس مرسى فرصة الطرق عليه بقوة باعتباره حكما، «يجب أن يكون محايدا» بين كل المصريين، فضلا على أن يبحث كيفية تفعيل «فكرة الدولة الموجودة بإرادة جميع فئات المجتمع»، والتى رأى هيكل أنها فكرة معطلة فى ظل الأوضاع الحالية، مع العمل على فتح طريق للمستقبل للمجتمع وعدم وضع أى طرف فى ركن ومحاصرته فيه فى هذه اللحظات الحرجة.
هى ساعة إذن طلبها الكاتب الكبير من الرئيس ليجلس منفردا مع نفسه، ومتناولا معها وحدها، دون الاستعانة بآخرين من داخل الدائرة الرئاسية أو من خارجها، أبعاد الأزمة وكيفية الخروج منها.. فهل يستمع الرئيس؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة