كيف انقلب مرسى على أفكار البنا؟! .. الجماعة فى مواجهة الشعب للمرة الأولى بعد 80 عامًا من مواجهة السلطة ونزيف حاد لرصيدها الشعبى.. مكتب الإرشاد يهدم تاريخ الإمام المؤسس بسبب أطماع الحكم

السبت، 08 ديسمبر 2012 06:23 ص
كيف انقلب مرسى على أفكار البنا؟! .. الجماعة فى مواجهة الشعب للمرة الأولى بعد 80 عامًا من مواجهة السلطة ونزيف حاد لرصيدها الشعبى.. مكتب الإرشاد يهدم تاريخ الإمام المؤسس بسبب أطماع الحكم مرسى
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس فى الأمر أى شك إذا قلت الآن إن جماعة الإخوان المسلمين تعيش محنة أكبر بكثير من محنة زمن الستينيات التى حولتها أدبيات الجماعة إلى أسطورة ودليل على ما تعرضت له من اضطهاد، وليس فى الأمر أدنى شك من أن تلك «المحنة» الجديدة «تنخر» كما السوس فى بنيان الجماعة القوى، وتسحب من رصيد الجماعة فى الشارع وهو الرصيد الذى تراكم فى سنوات صدر الإخوان فيها أنفسهم المدافع الوحيد عن الدعوة الإسلامية وحائط الصد والمهاجم الأول للحكام الطغاة فى الوطن العربى وعزز من هذا الرصيد الذى يتآكل ويتهاوى وينهار الآن أسطورة الاضطهاد التى أسست لها الجماعة فى سنوات عبدالناصر وتكرار الحديث عن حاجة الجماعة لفرصة سياسية لإثبات ما يمكن أن تقدمه للوطن وماتفعله للشعب.

وعلى عكس «محنة» زمن عبدالناصر التى استخدمها الإخوان لحصد رصيد من التعاطف الشعبى، يأتى زمن ما بعد ثورة 25 يناير ليجد الإخوان أنفسهم أمام «محنة» فى ثوب «منحة» خاصة بعد وصول محمد مرسى لكرسى الرئاسة، وبدأ الإخوان مرحلة تاريخية جديدة فى عمر دعوة حسن البنا.. هى مرحلة تحولهم إلى أصحاب سلطة مضطرين لأن يواجهوا الشعب والمعارضين الغاضبين والبشر المتطلعين بعد أن كان الإخوان طوال ما يزيد على 80 عاماً أهل معارضة يستمدون قوتهم من الشارع عن طريق مواجهة السلطة.

بدون أى استعداد وبعد ثورة مفاجئة ووسط تسهيلات غير متاحة وفرتها أجواء اختفت فيها قوى سياسية قوية منافسة للجماعة دنت السلطة وتدلت قطوفها أمام الجماعة التى لم يفلح تاريخها الطويل ولا تراث شيخها ومؤسسها حسن البنا المؤسس على الذكاء والهدوء وتخير اللحظات المناسبة للانطلاق فى أن ينصحها بالتأنى فى قطف ثمار السلطة التى تدلت أمامهم بسبب ضعف القوى السياسية وشباب الثورة والمجلس العسكرى، وهرول الإخوان إلى حيث كرسى السلطة الأول حارقين الكثير من الخطوات، مرتكبين الكثير من الأخطاء التى وضعتهم فجأة ولأول مرة وجها لوجه مع الشعب لتصاب الجماعة المبرمج أهلها على أساليب مواجهة السلطة بارتباك وضعف وارتخاء فجائى يدفع قادتها للتعامل مع الشعب بنفس منطق التعامل فى السلطة تارة، أو بنفس منطق تعامل السلطة السابق تارة أخرى، أو بنفس منطق تعامل المرشد مع أعضاء الإخوان الذين يدينون له بالولاء والسمع والطاعة.

وأثبتت شهور ما بعد الثورة وأيام ما بعد وجود الرئيس مرسى فى السلطة أن الجماعة لا تملك الخبرة الكافية للتعامل مع الشعوب التى لها مطالب وتنادى بالحرية بعد أن أسست كيانها وبرمجة أفرادها على مواجهة السلطة فقط مرة بالصفقات وأخرى بالمظاهرات وثالثة بالصمت والاكتفاء بالعمل الدعوى فى الشوارع، ولذلك فإن الطرق الثلاث التى تخيرها الإخوان للتعامل مع الشعب كانت سببا فى تآكل الرصيد الشعبى الخاص بالجماعة وتحولها من جزء معارض تعرض للظلم كثيراً من قبل الأنظمة السياسية إلى سلطة جديدة غاشمة لا تملك مفاتيح تحقيق إنجازات على أرض الواقع ولا تمنح الملايين الذين يطالبون بالحرية والكرامة إلى تصريحات وردية ووعود لا تنفذ على طريقة نظام مبارك.

الخطوات الأخيرة للجماعة وللدكتور محمد مرسى رفعت عن الإخوان المسلمين الغطاءين التى نمت الجماعة وبقيت فى ظلهما.. الغطاء السياسى والغطاء الدينى..

الغطاء السياسى رفعته الأكاذيب والوعود الإخوانية التى لم تتحقق منذ اللحظة الأولى لثورة 25 يناير التى أعلن الإخوان عدم مشاركتهم فيها ثم العودة للتأكيد على أنهم صناع الثورة الحقيقيين، ثم لقاء قيادات الإخوان السرى بعمر سليمان نائب رئيس مبارك فى وقت كان أمن مبارك يسحل المتظاهرين ويشوه صورة الثوار، ثم الانتقال إلى مرحلة الوعود الكاذبة مثل وعود المشاركة لا المغالبة، ثم الوعد الصريح بعدم ترشيح مرشح إخوانى للرئاسة وتصريح بديع الشهير الذى قال فيه إن وجود رئيس إخوانى فى السلطة خطر على مصر فى تلك الفترة، وهو التصريح الوحيد الذى صدق فيه الإخوان بعدما وصلنا إلى حالة الاقتتال الأهلى التى عشناها أمام قصر الاتحادية خلال الفترة الماضية.

تساقط الإخوان استمر مع مواقفهم الرمادية من المجلس العسكرى وعقد صفقات معه على حساب الثوار، ثم موقف الجماعة من أحداث محمد محمود وسخريتهم من الفتاة التى عرتها قوات الجيش وسحلتها فى الشوارع، ثم تطور السقوط السياسى للإخوان أكثر من صعود محمد مرسى لرأس السلطة وفشله فى تنفيذ وعود المائة يوم واكتشاف الناس لأكذوبة طائر النهضة، ثم تكريم المشير وعنان رغم كل البلاغات التى تتهمهما بقتل الثوار وإفساد المرحلة الانتقالية، ثم تدهور وضع الملفات الأمنية والاقتصادية وتفرغ الرئيس للخطابة ولمعارك جانبية للاستحواذ على القضاء وباقى السلطات، ثم فضيحة أسيوط ومن قبلها أرواح جنود مصر الـ16 الذى وعد الرئيس بالقصاص لهم خلال 48 ساعة، ومرت شهور وسقطوا سهوا من أجندة الرئيس الذى لم يكن مهتما فى خطابه الأخير بدماء المصريين التى سالت بسبب قراراته بقدر اهتمامه بتعرض موكبه لهتافات معادية وتحطيم سيارة من ضمن سيارات الموكب.

سقوط الغطاء السياسى للإخوان أتبعه سقوط للغطاء الدينى بعدما اكتشف الناس أن الجماعة التى تدعو دوما لرفعة الإسلام وتطبيق شرع الله، يكذب قادتها ويتلونون حسب المصالح السياسية، وتطوع الدين وتغيير أحكامه حتى يحصل الرئيس على قرض صندوق النقد الدولى، وتدفع بالعناصر المسلحة فى الشوارع لقتل معارضى الرئيس وتأديبهم وكأن كل آيات وأحاديث دم المسلم على المسلم حرام خارج نطاق الدين الإسلامى الذى يتغنون به.

المؤسسة التى بناها حسن البنا على عمودين أحدهما سياسى قائم على تحقيق مصالح العباد وتقدم الأوطان ونهضتها، والآخر دعوى قائم على نشر الدعوة وتعاليم الدين الإسلامى الوسطية أصيبا بشروخ فى سنوات البحث عن التمكين والسلطة، والشروخ التى أصابت العمودين التى تقوم عليهما فكرة الإمام البنا وجماعة الإخوان المسلمين يصحبها بالتالى نزيف حاد فى الرصيد الشعبى الذى تمتلكه الجماعة يبدو واضحا فى حالة النفور الجماعى التى تسود الشارع المصرى تجاه قيادات الإخوان الذين اعتبروا أن قتل المعارضين وسحلهم وضربهم هو عقاب لهم على تسجيل هتافات ضد مرسى والإخوان على قصر الاتحادية، تاريخ البنا ودعوته نفسها شوهت على أيدى قيادات الجماعة الحالية وأصبح واضحا للجميع وتحديدا العناصر التى خرجت من الجماعة مؤخرا أن عصر البنا وأفكاره منفصلة تماماً ومنقطعة الصلة بما يفعله مكتب الإرشاد الآن، وأن ما يفعله بديع والشاطر ومرسى وعزت وحسين والعريان هو ناتج تطور تنظيم ساعى نحو السلطة وليس ناتج أفكار حسن البنا أو منهجه الذى لا ينفذه محمد مرسى، بل وربما يكون أبعد الناس عنه، لأن حسن البنا هو صاحب الوصية الأشهر للإخوان، والتى قال فيها: (كونوا كالشجر يرميكم الناس بالحجر فترمونهم بأطيب الثمر)، وهو ما لم ينفذه مرسى الذى يخرج على الشاشات ليهدد معارضيه ويرد إساءاتهم بوابل من التهديد والإساءات، وهو ما لا تفعله قيادات الإخوان الذين يردون على هتافات المعارضة بجيوش مسلحة تضربهم وتسحلهم فى الشوارع.

ولكى تعرف أن مرسى فى طريقه لهدم تاريخ البنا وتكبيد الإخوان خسائر تاريخية بالجملة لابد أن تدرك كيف يخالف هذا الرئيس قليل الحيلة صانع الانقسام تعاليم حسن البنا ورؤيته، ففى ورقته الخاصة بالنظام السياسى فى الإسلام يقول البنا: (رئيس الدولة عليه واجبات وله حقوق، وهذه الواجبات يجب أن يقوم بها، ويقدم حسابا للأمة بذلك، فإن أحسن فى ذلك أعانته، وإن أساء قوّمته وأمرته ونهته. وهذا منهج الخلفاء الراشدين فى الحكم، أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم من الحكام العادلين من المسلمين كعمر بن عبدالعزيز رحمه الله). وهانحن نرى مرسى رافضا للمعارضة مصوراً كل نقداً له ولأدائه الرئاسى كجزء من مؤامرة كبرى على المشروع الإسلامى ككل، وفى النهاية قرر تحصين نفسه قضائيا بالإعلان الدستورى الذى يعتبر قراراته أمرا صادر على طريقة فرعون ما أريكم إلا ما أرى، ويحصن نفسه إعلامياً وسياسياً بنشر رجال الإخوان فى الشوارع ومواقع التواصل الاجتماعى للدفاع عنه ووصف معارضيه بالعملاء وأعداء الدين.

البنا فى نفس السياق الرئاسى يقول: (إن تولى رئيس الدولة يكون بموجب عقد يتم بين الأمة وبين الحاكم، وهذا العقد ليس كعقد البيع، لأن العلاقة بين المبايعين تنتهى بمجرد العقد والتقابض، وإنما هو عقد وكالة مقيدة بشروط، وهذه الشروط مفادها قيام رئيس الدولة بواجباته من تدبير شؤون الأمة الداخلية والخارجية وتحقيق مصالح المسلمين ودرء المفاسد عنهم فى أموالهم ودمائهم وأعراضهم. ورأس الأمر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فى جميع نواحى الحياة، وفى مقابل ذلك وجب على الأمة أن تطيعه وتساعده وتنصره).

فالأمة كما ترى موكّلة ورئيس الدولة وكيل عنها، فإذا أحسن رئيس الدولة وكالته وقام بكل ما وكل إليه وأجاد فى ذلك فيبقى رئيساً للدولة تدعمه وتساعده وتنصره وتطيعه، وإن قصّر فى وكالته ولم يحقق مصالح الأمة فلها أن تعزله وتوكل غيره، لأنها هى صاحبة الحق. وقد استدل رحمه الله على مسؤولية الحاكم بين يدى الله، وبين يدى الناس، وأنه أجيرٌ لهم وعامل لديهم بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وبقول أبى بكر الصديق: «أيها الناس كنت أحترف لعيالى فأكتسب قوتهم، فأنا الآن أحترفُ لكم، فافرضوا لى من بيت مالكم». وهذا تعاهد بين الأمة والحاكم على رعاية المصالح العامة، فإن أحسن فله أجره، وإن أساء فعليه عقابه. هذه تعاليم البنا التى لا ينفذها الإخوان والتى يهدرونها ويشوهونها بالحديث عن كون الرئيس منتخبا وكأنه ملك ناصية الناس حتى نهاية فترته الرئاسة حتى ولو ارتبك من الأخطاء ما يدفع المصريون للاقتتال وإسالة الدماء فى الشوارع، حسن البنا قال إن الرئيس الذى لا ينفذ وعوده ولا يدرء المفاسد عن المواطنين فى أموالهم ودمائهم وأعراضهم وجب عزله وتعيين غيره ومرسى قتل فى عهده الكثير ولم ينفذ وعوده وتم انتهاك عرض الفتيات تحت بصر كاميرات قصره الرئاسى بحجة الدفاع عنه ولم يتحرك ليحميهن، الإمام البنا يحمل الحاكم مسؤولية رعيته ومرسى يرفض تحمل مسؤولية دماء أطفال أسيوط وجنود الحدود وشباب المعارضة وشباب الإخوان الذين قتلوا بسبب فتنة تأييده.

هرولة الإخوان نحو السلطة وتغيير لمجتمع لصالح بقائهم فى السلطة سواء عبر دستور أو قوانين وغيره أمر لا علاقة له بتعاليم البنا التى وردت فى مذكرات الدعوة والداعية التى تقول لكل إخوانى: (لا تحاول هدم عقيدة فاسدة إلا بعد بناء عقيدة صالحة، وما أسهل الهدم بعد البناء وأشقّه قبل ذلك)، وفى نفس الوقت الذى يتفاخر فيه الإخوان بالانتصار على المعارضة وسحلهم وضربهم ويتفاخر فيها عصام العريان بكثرة أبناء الجماعة ويدعوهم لحصار البلطجية تقول تعاليم البنا التى من المؤكد أنهم قرأوها ولم يفهموها أو أعمتهم عنها الرغبة فى السلطة: (إن خير النفوس تلك النفوس الطيبة التى ترى سعادتها فى إسعاد الناس وإرشادهم، وتستمد سرورها من إدخال السرور عليهم، وذود المكروه عنهم).

- تشويه مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة الحالية لتاريخ حسن البنا يمكنك أن تلحظه فى الهتافات المعادية والاتهامات المستمرة بالكفر والعمالة لكل مختلف معهم، ويمكنك أيضا أن تلمحها فى الحديث المتكرر عن تطبيق شرع الله بالقوة، ويمكنك أن تدرك مخالفة هذه الخطوات والنداءات الإخوانية لما نادى به حسن البنا فى رسائله قائلاً وناصحاً: (لا تهدموا على الناس أكواخ عقيدتهم، ولكن ابنوا لهم قصراً من الإسلام السمح. فما أحكم الإمام مالك رضى الله عنه حين قال لأبى جعفر وقد أراد أن يحمل الناس على الموطأ: (إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا فى الأمصار، وعند كل قوم علم، فإذا حملتهم على رأى واحد تكون فتنة)، وليس العيب فى الخلاف ولكن العيب فى التعصب للرأى والحجر على عقول الناس وآرائهم).

وحتى تكتمل لك صورة كيف يخسر الإخوان ما بناه حسن البنا طوال العقود الماضية فى سنوات البحث عن السلطة والنفوذ سأتركك مع العديد من التعليمات والنصائح التى ترسم لك تصورا مختلفا لمصر تحت حكم حسن البنا وليس تحت حكم محمد مرسى الذى شوه تعاليم مؤسس دعوته وخالفه وأنكرها هو ومن معه من قيادات مكتب الإرشاد الحالى من أجل الاستحواذ على السلطة حتى ولو كان المقابل السير على جثة الدين والأخلاق وتاريخ الجماعة التى أسسها رجل كتب فى رسالة كتبها للحكام العرب سنة 1366 هجرية العديد من النصائح والأوامر التى لم يعمل بها مرسى ولم يحقق منها شىء، وبالتالى أصبح عزله حقا طبقا لتعاليم البنا التى جاءت فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كالتالى، فانظر وقارن لتكتشف بنفسك أن مرسى وضع تعاليم حسن البنا جانبا وشغل نفسه بتنفيذ تعاليم محمد حسنى مبارك.. يقول الإمام حسن البنا فى بداية رسالته: (إن الله وكل إليكم أمر هذه الأمة، وجعل مصالحها وشؤونها وحاضرها ومستقبلها أمانة لديكم ووديعة عندكم، وأنتم مسؤولون عن ذلك كله بين يدى الله تبارك وتعالى، ولئن كان الجيل الحاضر عدتكم، فإن الجيل الآتى من غرسكم، وما أعظمها أمانة وأكبرها تبعة أن يسأل الرجل عن أمة: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»). وقديما قال الإمام العادل عمر بن الخطاب رضى الله عنه: (لو عثرت بغلة بالعراق لرأيتنى مسؤولا عنها بين يدى الله تبارك وتعالى لِم لَم أسوّ لها الطريق؟). وصوّر الإمام عمر بن الخطاب عظم التبعة فى جملة فقال: (لوددت أن أخرج منها كفافا لا لى ولا على).

وإن أخطر العهود فى حياة الأمم وأولاها بتدقيق النظر عهد الانتقال من حال إلى حال، إذ توضع مناهج العهد الجديد وترسم خططه وقواعده التى يراد تنشئة الأمة عليها والتزامها إياها، فإذا كانت هذه الخطط والقواعد والمناهج واضحة صالحة قويمة فبشر هذه الأمة بحياة طويلة مديدة وأعمال جليلة مجيدة، وبشر قادتها إلى هذا الفوز، وأدلتها فى هذا الخير بعظيم الأجر وخلود الذكر وإنصاف التاريخ وحسن الأحدوثة.

(ب) على مفترق طريقين:

ولقد كانت المهمة ذات شطرين:
أولهما: تخليص الأمة من قيودها السياسية حتى تنال حريتها، ويرجع إليها ما فقدت من استقلالها وسيادتها.

ثانيهما: بناؤها من جديد لتسلك طريقها بين الأمم، وتنافس غيرها فى درجات الكمال الاجتماعى.. وبالنسبة لموقف الدولة من الأقليات والأجانب التى حولهما الإخوان إلى أعداء ولم يهتز الرئيس ولم يتأثر بانسحابهم من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وسجلت الفيديوهات أمام قصر الاتحادية استهداف الإخوان الواضح للمسيحيين واتهامهم بالتآمر على الدولة يقول الإمام حسن البنا: (يظن الناس أن التمسك بالإسلام وجعله أساساً لنظام الحياة ينافى وجود أقليات غير مسلمة فى الأمة المسلمة، وينافى الوحدة بين عناصر الأمة، وهى دعامة قوية من دعائم النهوض فى هذا العصر، ولكن الحق غير ذلك تماماً، فإن الإسلام الذى وضعه الحكيم الخبير الذى يعلم ماضى الأمم وحاضرها ومستقبلها قد احتاط لتلك العقبة وذللها من قبل، فلم يصدر دستوره المقدس الحكيم إلا وقد اشتمل على النص الصريح الذى لا يحتمل لبساً ولا غموضاً فى حماية الأقليات، وهل يريد الناس أصرح من هذا النص:
(لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).

فهذا نص لم يشتمل على الحماية فقط، بل أوصى بالبر والإحسان إليهم، وأن الإسلام الذى قدّس الوحدة الإنسانية العامة ثم قدس الوحدة الدينية العامة كذلك، فقضى على التعصب وفرض على أبنائه الإيمان بالرسالات السماوية جميعا ثم قدس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة فى غير صلف ولا عدوان فقال تبارك وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ

أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10).

هذا الإسلام الذى بنى على هذا المزاج المعتدل والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سبباً فى تمزيق وحدة متصلة، بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدنى فقط).

ثم ينتقل البنا إلى إسداء النصح عبر نقاط واضحة وصريحة ومحددة وليس على طريقة محمد مرسى الذى يتبع اللف والدوران والكلام عن الحارات الضلمة والمزنوقة والمؤامرات التى فشل حتى الآن فى تقديم دليل واضح عليها.. كما فشل فى أن يستنتج من نصائح البنا خارطة طريق تنجيه من الارتباك وحالة الضعف التى يعانيها.. يقول البنا فى نصائحه:

1 – القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية فى وجهة واحدة وصفّ واحد
.
2 – تقوية الروابط بين الأقطار الإسلامية جميعاً، وبخاصة العربية منها تمهيداً للتفكير الجدى العملى فى شأن الخلافة الضائعة.

3 – بث الروح الإسلامى فى دواوين الحكومة بحيث يشعر الموظفون جميعا بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام.

4 – تقديم مواعيد العمل فى الدواوين صيفا وشتاء حتى يعين ذلك على الفرائض ويقضى على السهر الكثير.

5 – القضاء على الرشوة والمحسوبية والاعتماد على الكفاية والمسوغات القانونية فقط.

6 – أن توزن كل أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلامية، فتكون نظم الحفلات والدعوات والاجتماعات الرسمية والسجون والمستشفيات بحيث لا تصطدم بقاعدة بتعاليم الإسلام، وتكون الدوريات فى الأعمال على تقسيم لا يتضارب مع أوقات الصلاة. (وهذا لم يفعله مرسى فى واقعة خطاب إسرائيل).

7 - تعويد الشعب احترام الآداب العامة، ووضع إرشادات معززة بحماية القانون فى ذلك الشأن، وتشديد العقوبات على الجرائم الأدبية.

8 - علاج قضية المرأة علاجاً يجمع بين الرقى بها والمحافظة عليها وفق تعاليم الإسلام، حتى لا تترك هذه القضية التى هى أهم قضايا الاجتماع تحت رحمة الأقلام والآراء الشاذة.

9 - تحديد مواعيد افتتاح وإغلاق المقاهى العامة ومراقبة ما يشتغل به روادها وإرشادهم إلى ما ينفعهم وعدم السماح لها بهذا الوقت الطويل كله.

10 - استخدام هذه المقاهى فى تعليم الأميين القراءة والكتابة ويساعد على ذلك هذا الشباب المتوثب من رجال التعليم الإلزامى والطلبة.

11 - مقاومة العادات الضارة اقتصاديا أو خلقيا أو غير ذلك وتحويل تيارات الجماهير عنها إلى غيرها من العادات النافعة، أو تهذيب نفسها تهذيبا يتفق مع المصلحة وذلك كعادات الأفراح والمآتم والموالد والزار والمواسم والأعياد وما إليها، وتكون الحكومة قدوة صالحة فى ذلك.

12 - وضع سياسة ثابتة للتعليم، تنهض به وترفع مستواه، وتوحد أنواعه المتحدة الأغراض والمقاصد، وتقرب بين الثقافات المختلفة فى الأمة، وتجعل المرحلة الأولى من مراحله خاصة بتربية الروح الوطنى الفاضل والخلق القويم.

13 - العناية باللغة العربية فى كل مراحل التعليم وإفرادها فى المراحل الأولى عن غيرها.

14 - العناية بالتاريخ الإسلامى والتاريخ الوطنى والتربية الوطنية.

15 - القضاء على الروح الأجنبية فى البيوت من حيث اللغة والعادات والأزياء والمربيات والممرضات.. الخ.

16 - العناية بشؤون الصحة العامة، من نشر الدعاية الصحية بمختلف الطرق والإكثار من المستشفيات والأطباء والعيادات المتنقلة وتسهيل سبل العلاج.

17 - العناية بشأن القرية من حيث نظامها ونظافتها وتنقية مياهها ووسائل الثقافة والراحة والتهذيب فيها.

18 – تنظيم الزكاة دخلا ومنصرفا بحسب تعاليم الشريعة السمحة، والاستعانة بها فى المشروعات الخيرية التى لابد منها كملاجئ العجزة والفقراء واليتامى وتقوية الجيش
.
19 – تشجيع المشروعات الاقتصادية والإكثار منها، وتشغيل العاطلين من المواطنين فيها واستخلاص ما فى أيدى الأجانب منها للناحية الوطنية البحتة.

20 – حماية الجمهور من عسف الشركات المحتكرة وإلزامها حدودها والحصول على كل منفعة ممكنة للجمهور.

21 – تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم واستبقاء علاواتهم ومكافآتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار.

22 – حصر الوظائف وخصوصاً الكثيرة منها، والاقتصار على الضرورى، وتوزيع العمل على الموظفين توزيعاً عادلاً والتدقيق فى ذلك.

23 – تشجيع الإرشاد الزراعى والصناعى والتجارى، والاهتمام بترقية الفلاح والصانع من الناحية الإنتاجية.

24 – العناية بشؤون العمال الفنية والاجتماعية، ورفع مستواهم فى مختلف النواحى الحيوية

25 – استغلال الموارد الطبيعية كالأرض البور والمناجم المهملة وغيرها.

26 – تقديم المشروعات الضرورية على الكماليات فى الإنشاء والتنفيذ.











مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

Geo

Momtaz

عدد الردود 0

بواسطة:

المحظورة وقعت للابد

ابوحسن

وهذا من فضل ربى ؟

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

......

عدد الردود 0

بواسطة:

kareem maged

اتقو الله

عدد الردود 0

بواسطة:

مظلوم

مظلوم

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو يوسف

الكفاح

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد القادر الشافعى المحامى

هم شر حل بالوطن فقسموه

عدد الردود 0

بواسطة:

ماجد حسني

اللواء احمد رشدي

عدد الردود 0

بواسطة:

كريم ابراهيم

لتعليق 5 ( مظلوم)

عدد الردود 0

بواسطة:

على الكرمى

خروج عن المنهج

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة