كاتب هذه السطور، كان أحد ضباط الصاعقة وحصل على نوط الشجاعة من الطبقة الأولى عن بطولاته فى حرب العبور، وهو أيضاً مساعد وزير الخارجية سابقاً، وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو نقابة المحامين.. لم يطمع أبداً فى ذهب المعز، لكنه لم ولن يخشى سيفه.
فى مساء الأربعاء الماضى تعرضت لصفعة وبعض الركلات على تخوم قصر الاتحادية، من شباب فى عمر أبنائى، وذلك عندما تدخلت لأخلص فتاة صغيرة «محجبة» من بين أيديهم.. لقد فعلوا ما عجز اليهود أن يفعلوه معى أثناء الحرب.. وكان من المحتمل أن تكون نهايتى على أيدى هؤلاء الشباب.
إن الإهانة التى لحقت بى عجز اليهود أن يلحقوها بى فى زمن الحرب، ورغم أننى كنت أتوقع تدهور الأوضاع منذ فترة، وكتبت ذلك فى مقالات منشورة، آخرها مقالان فى الأهرام واليوم السابع، فلم أكن أتخيل أن تصل الخسة إلى حد الاعتداء الرخيص على الفتيات والنساء بلا رحمة، وكان من يقع بين أيديهم يتجمعون حوله كالذباب ضربا وركلا وبصقا وكأنه أسير.. ورغم الرجاء بفتح منفذ لانسحاب النساء وبعض الشباب الجرحى، فإنهم رفضوا بوحشية، كان الجميع يحاولون الوصول بكل الطرق لقيادات الإخوان كى توقف المجزرة على أساس سحب «الأسرى» ومغادرة المكان، ولكن لم يستمع أحد.. لقد قلت شفاهة وكتابة أكثر من مرة إننى سأدافع عن شرعية الرئيس المنتخب، ولكننى الان أتهمه هو وأعوانه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وسألاحقه قضائياً.
أذكر الرئيس وأولئك الذين دفعوا شباب مصر للاقتتال بأن المادة السابعة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية تنطبق عليهم وهى تنص فى فقرتها الأولى على أن القتل العمد يعتبر «جريمة ضد الإنسانية» متى ارتكب فى إطار هجوم واسع النطاق أو منهجى موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم.. وتعنى عبارة «هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين»: أى نهج سلوكى يتضمن الارتكاب المتكرر للأفعال المشار إليها فى هذه الفقرة ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، عملاً بسياسة دولة أو منظمة «جماعة» تقضى بارتكاب هذا الهجوم، أو تعزيزاً لهذه السياسة، ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم.
أعرف أن فقهاءكم القانونيين سوف يسخرون على أساس أن مصر لم تنضم لاتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، ولكن السودان أيضاً لم ينضم لهذه الاتفاقية، ومع ذلك فهناك ملاحقة قضائية من المحكمة الدولية لرئيس السودان البشير وبعض أعوانه.
ولجوئى للمحكمة الدولية سببه الإعلان الدستورى الأخير الذى حرمنى من حق التقاضى بعد أن حصن الرئيس قراراته، أى أننى ومعى شعب مصر نواجه جريمة أخرى هى إنكار العدالة، فضلاً عن ما لحق قضاء مصر الشامخ من إهانات وانتهاكات.. وإلا فليقل لى السيد النائب العام الجديد ما فعله إزاء جرائم ارتكبت وترتكب على مرأى ومسمع الجميع؟.
أريد فقط أن أوضح أن المشكلة ليست فى وثيقة فأى وثيقة ليست قرآنا، المشكلة فى المنهج، وأوكد أن معلومات تفيد بأنه قد بذلت خلال الأيام السابقة جهود تفوق القدرات الإنسانية للتوصل إلى نقطة التقاء، وللأسف فإن دوائر الحكم قابلت كل ذلك باستعلاء وسخرية بل وتهديد صريح.
نحن فى مواجهة ديكتاتورية فى طور التكوين، إن لم يتم إجهاضها اليوم فسوف ندفع أو يدفع أبناؤنا ثمنا باهظاً فيما بعد.. المسألة تتجاوز صراعا على السلطة، فالجميع كان يقر ويسلم بشرعية الرئيس، بل وأبدوا استعدادا للعمل تحت قيادته بما يحقق أهداف الثورة.. وعلى كل حال فلا ينبغى السماح بالمزيد من الدماء لأى مصرى أو مصرية.
هذا الدم الذكى الذى سال على عتبات قصرك الشامخ سيظل لعنة تلاحقك وتلاحق كل من حرض ودفع شباب مصر الطاهر إلى التقاتل، ولعل صرخات الضحايا كانت تصل إلى أسماعك وأسماع نائبك الذى وقف فى نفس التوقيت ليعقد مؤتمراً صحفياً يقول فيه «البقاء للأقوى».. ذلك القاضى الذى كان يحكم بين الناس ويتظاهر باستقلال القضاء ثم لا يجد غضاضة فى حصار المحكمة الدستورية أعلى محكمة فى البلاد وإهانة قضاتها.
أنا لا ألوم الشباب الذين تهوروا واعتدوا علىّ، بل إننى أسامحهم لأننى كنت شاباً متحمساً مثلهم ذات يوم ودفعنى حماسى لأن أترك كلية الهندسة كى ألتحق بالصاعقة لتحرير بلادى.. هؤلاء الشباب قد غرر بهم، وتم غسل عقولهم كى يخوضوا معركة فاسدة ضد بنى وطنهم.. ولكننى تعلمت فى الصاعقة أن أذهب إلى العدو فى عقر داره، وتعلمت من سنوات الخدمة الطويلة فى مؤسسة الدبلوماسية المصرية العتيقة، ومن دروس المفاوضات المنهكة دفاعاً عن مصالح بلادى.. تعلمت أنه لا يضيع حق وراءه مطالب.
أقول للرئيس: إذا كان هذا هو مصير قدامى المحاربين فى عهدك، وإذا كان هذا أسلوبك فى التعامل مع شعبك، وإذا كانت هذه هى أخلاق أهلك وعشيرتك.. أقول لك بوضوح إنك لا تعرف شعبك، هذا شعب أبى لن يقبل أن يُستذل أبداً، ولن يركع إلا لخالقه.
لقد نجحت يا سيدى الرئيس فى شىء واحد حتى الآن بأن وحدت أغلب الشعب ضدك، كما أنك أعدت روح المقاتل لرجل عجوز شارك ذات يوم فى معركة الكرامة لتحرير الأرض، ولن يسمح لأحد أن يستعبد هذه الأرض وشعبها إلى آخر نفس يتنفسه.
أقول للرئيس إننى كنت أعارض بشدة كل من يتعرض لشرعيته، ورغم أننى لم أصوت له فإننى كنت أحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، وكنت أطالب الجميع بأن نصطف جميعاً خلفه من أجل بناء مصر المستقبل، وهكذا كان يؤمن أغلب الشباب الذين خرجوا للتعبير بسلمية وتحضر عن رأيهم.. ولكن.. أيها الرئيس، بعد كل هذه الدماء، أنت لم تعد رئيسى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed elsaeed
إنهم فئة ضالة
عدد الردود 0
بواسطة:
اخوان الشياطين
طوبى لك،نحن معك
لن ننهزم وسيسطع الحق دوما وسنقهر تجار الدين والدم
عدد الردود 0
بواسطة:
جرجس فريد
معركة فكر و ثقافة
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
الاخوان تاريخهم معروف لدي كبار وحكام مصر من ايام الزعيم عبد الناصر والزعيم انور السادات
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى مفرووس
هل هذا عقل و تفكير صائب
عدد الردود 0
بواسطة:
مسعود ماضى
قولوا الحق
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
سلمت يداك كاتبنا المبدع ..كلماتك من القلب فاستقرت في القلب
عدد الردود 0
بواسطة:
khamis khalaf
الف سلامه ٠٠
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الله
شئ مؤسف محزن
عدد الردود 0
بواسطة:
تارك الديار
شرعية التزوير