وصف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مسودة الدستور التى سيتم الاستفتاء عليها فى الخامس عشر من ديسمبر الجارى بأنها تمثل خطوة للوراء بالنسبة لآفاق الديقراطية فى البلاد.
ورأى المعهد فى تقرير لكل من روبرت ساتلوف، المدير التنفيذى، وإريك ترايجر، الخبير فى الشأن المصرى، أن إسراع الرئيس محمد مرسى فى إصدار الدستور من قبل الجمعية التأسيسية برغم انسحاب معظم الأعضاء غير الإسلاميين بها يكاد يضمن لمصر مستقبلا ثوقراطيا، مع وجود العديد من المواد التى يمكن للإسلاميين الممسكين بالسلطة فى البلاد استغلالها بسهلة.
كما أشار المركز إلى أن الوثيقة تعكس ما وصفه بالصفقة بين جماعة الإخوان ا لمسلمين والقوات المسلحة، بما أنها تمنح كبار الضباط حكما ذاتيا نسبيا مقابل الاستجابة لطموحات الإخوان السياسية، على حد قول المؤلف.
ويقول التقرير إن مواد مسودة الدستور الخاصة بالعلاقة بين الإسلام والسياسة عكست الغياب الفعلى للأعضاء غير المنتمين إلى تيارات إسلامية وللأقليات الدينية، من الجمعية التى قامت بصياغتها. وفى حين يعتمد الكثير من مواد على الكيفية التى ستفسر بها الحكومات المصرية المستقبلية الدستور، إلا أن هناك عدد من الفقرات الرئيسية التى توفر للإسلاميين موطئ قدم كبير لإقامة سلطتهم وتعزيز أجندتهم.
وأشار معهد واشنطن إلى أن الدستور يعطى دوراً كبيراً محتملاً للدولة فى فرض العقيدة الدينية. وفى هذا السياق، تخول المادة 11 الدولة بأن "ترعى الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية". وفى الوقت نفسه، تحظر المادة 44 "الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة" وبالتالى تعمل على تمكين الحكومة من استخدام المبررات الدينية لتحجيم حرية التعبير.
كما أن الدستور يقدم نظرة محدودة عن حقوق الأقليات. ففى حين تسمح المادة 3 بأن تكون مبادئ شرائع المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم، إلا أن النص لا يذكر شيئاً عن حقوق الأقليات الأخرى مثل البهائيين والشيعة، الذين يعانون من التمييز فى كثير من الأحيان. ووفقاً لزعيم فى جماعة الإخوان المسلمين حلمى الجزار، كان ذلك مقصوداً لأن "البهائيين هى مجموعة غريبة الأطوار إلى حد كبير وهى أبعد ما تكون عن الإسلام"، بينما الشيعة "يعبدون الله بطريقة غريبة للغاية".
كما علق تقرير المعهد على الصلاحيات الممنوحة للجيش فى الدستور سواء بتجنيبه الرقابة المدنية، وجعل مجلس الدفاع الوطنى هو المسئول عن مناقشة ميزانية القوات المسلحة، أو بمنحه دور رئيسى فى قرارات الحروب أو إرسال قوات خارج البلاد.
واعتبر التقرير أن الدستور المقترح يساوى بين وزير الدفاع ورئيس الجمهورية فى زمن الحرب: فالمادة 146 تعرف الرئيس بأنه "القائد الأعلى للقوات المسلحة"، فى حين المادة 195 تعلن بأن وزير الدفاع هو "القائد العام للقوات المسلحة."
ويقول معهد واشنطن إنه على الرغم من أن الإخوان رفضوا سابقاً تقديم مثل هذه التنازلات إلى القوات المسلحة، إلا أن مسودة الدستور الجديد توضح إدراك الجماعة أنها فى حاجة إلى القوات المسلحة لتحقيق أجندتها فى البيئة الحالية. فبالنظر إلى أن القضاة المصريين يحتجون على إجراءات مرسى، فعلى الإخوان أن يعتمدوا على السلطات العسكرية لفتح مراكز الاقتراع وإدارة عملية التصويت، كما فعلوا بنجاح خمس مرات منذ ثورة العام الماضى.
وختم المعهد تقريره بالقول إن إدارة أوباما تقف حتى الآن بشكل فعال مع مرسى ضد معارضيه من غير الإسلاميين. فمنذ اندلاع الأزمة الحالية بطرح الإعلان الدستورى، أصدرت الخارجية الأمريكية بيانين رئيسيين، كلاهما أخرسا أى انتقاد ورددا تصريح مرسى بأن المعارضين ينبغى أن يعبروا عن وجهة نظرهم بالتصويت بـ "لا".
والآن، ومع انقسام مؤسسة القضاء فى مصر حول الإشراف على الاستفتاء من عدمه، تقدمت جماعات أخرى مثل "نقابة الدعاة" بعروض للقيام بهذه المهمة، وهنا تواجه واشنطن اختباراً آخر عما إذا كان شهر العسل السياسى الذى تقضيه مع مرسى يفوق دعمها للمبادئ الدستورية العالمية. وسوف يكون لموقف إدارة أوباما تداعيات قوية على محتوى العلاقات الأمريكية المصرية، وعلى اتجاه التطور الدستورى فى الديمقراطيات الانتقالية العربية الأخرى.
معهد واشنطن: الدستور المقترح يكاد يضمن لمصر مستقبلاً ثيوقراطيًا
الخميس، 06 ديسمبر 2012 10:13 ص