محمود البدرى يكتب: فلول النخبة أم نخبة الفلول؟!

النخبة هى خاصة المثقفين ومُميًزيهم، هم أعلى فئة علماً وعلاماً وتفكيراً وإدراكاً وتداركاً لهموم الوطن وأعباؤه، وهى التى تضع الحلول والأطروحات لتقدم البلاد ورقيها، هم منً يلجأ اليهم الوطن عند الشدائد، هكذا هى وهكذا يجب أن تكون، ولكن؟!
تعالت تلك النخبة عن مجتمعها وسكنت برجها العاجى الذى ظل يرتفع ويعلو حتى لامس السحاب، متخيلين متوهمين أنهم الصواب والصواب هو هم.
تجسد ذلك بوضوح فى الثورة المصرية، حيث عجزت تلك النخبة عن التمهيد أو التنبؤ أو حتى مجاراة الأحداث إلاً نفر قليل لا يزيد على أصابع اليد الواحدة أو أقل، وما جىء بهم إلى الميدان إلاً بعدما دفعوا دفعاً بعد إستشعارهم الحرج من شباب فعل ما عجز عنه الآباء والأجداد.
تخصصت تلك النخبة فى التنظير على الفضائيات مرددين نظريات وأقاويل فاقت حواديت ألف ليلة ولية وكأنهم يتحدثون فى وعن كوكب تانى.
زادت حدة نظرتهم الدونية لشعبهم فحاولوا فرض وصايتهم عليه، ونصًبوا أنفسهم متحدثين بلسانهم، فعمدت إلى إلقاء التهم الجزاف عليه والتسفيه من أفكاره، فعنتوه بالسلبية المفرطة مع أنهم هم روادها وقادتها، فطالبوه بالخروج للاستحقاقات الوطنية التصويتية مهما كان إتجاه صوته، وما أن اختلف صوته عن اتجاههم حتى نقلبوا عليه متهمينه بيع صوته بزيت أو سكر.
إنساق بعض من الجماهير وراء بعضاً منهم لتخيلهم بأنهم القدوة والمثل وسار كثير منهم وراء تلك النخبة نكاية فى تيارات وأيدلوجيات يكرهها، مما أوحى إلى بعضهم بأنه المخلص المنتظر والملهم الموهوب والناصر صلاح الدين أو الناصر جمال.
كيف تتغير مفاهيم تربوا عليها وسعوا اليها ورددوها لسنين طوال، فوجدنا أحدهم يدعو إلى انقلاب عسكرى ثم يستنجد بالأمريكان والألمان، وثانى مجًد نائب النظام البائد وحامى أركان فساده، وثالث تستر على دليل إدانة تعمد حل مجلس الشعب، ورابعهم قادم من النظام البائد متبنياً كل أفكاره محارباً من أجله متخفياً وراء عبائته الدبلوماسية، وخامسهم ظل ممسكاً بالعصا من المنتصف حتى إنلفتت منه فصار منهم.
لا أتخيل كيف سيكون حالهم لو وقفوا ليحاجوا الشهداء بعدما وضعوا أيديهم فى اليد التى تلطخت بدماء الثوار والتحريض على قتلهم.
العظماء حفروا أسمائهم فى سجلات التاريخ لثباتهم راسخين شامخين كالجبال على مبادئهم حتى وإن لم تتحق فى حياتهم فسيحيا بها أخرون.