قال فيليب كراولى، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق، إن توطيد الرئيس محمد مرسى لسلطته بالشكل الذى تم فى الأيام الأخيرة يمثل حجرا عثرة آخر فى النظام الجديد، إلا أنه أشار إلى أن بناء ديمقراطية حقيقية يستغرق وقتا.
وفى مقال له على موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، قال كراولى: إن الأحداث التى شهدتها مصر خلال الأسبوعين الماضيين تؤكد مدى صعوبة تحولها من الديكتاتورية إلى شىء يشبه الديمقراطية. لكن مجموعة الأخطاء والاحتجاجات والاصطدامات المؤسسية، والإسراع فى صياغة الدستور والتطلعات التى لم يتم تحقيقها، ربما لا تزال تعنى تقدما. فمن المبكر جدا فى مرحلة تحدى بين الأجيال، هى قبيحة بقدر ما تبدو، أن نصدر حكما نهائيا على الأطراف أو على العملية نفسها.
وكان نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، ويليام برنز، قد حذر خلال مؤتمر فى واشنطن مؤخرا حول التحديات التى من المحتمل أن تشكل الشئون الدولية فى السنوات القادمة، قائلا: إن التاريخ نادرا ما يتحرك فى خطوط مستقيمة، وهذا سيكون حقيقيا بلا شك فى مصر.
وتحدث كراولى عن الأزمة الراهنة فى مصر منذ بدايتها، وقال إن القضاء فى مصر يمكن أن يكون بمثابة جهة مراجعة مهمة ويحدث توازنا مع السلطة التنفيذية، على الرغم من أن المحكمة الدستورية العليا قد أضرت بسمعتها بحل المجلس الشعب الذى تشكل قبل عام، والذى كان ينظر إليه باعتباره حرا ونزيها.
والنقطة الإيجابية الواضحة فى إعلان مرسى الدستورى هو أنه نص على إلغاء الإعلان فى حال الانتهاء من الدستور الجديد، والتأكيد على مبدأ المراجعة القضائية للقرارات التنفيذية. وفى المقابل يمكن للمحكمة الدستورية مراجعة ما حدث، وأن تصدر بيانا تعرب عن قلقها من الدستور الجديد وعملية صياغته، لكن مع السماح بالمضى قدما فى الاستفتاء.
ورأى كراولى أن مرسى يتصرف مثل السياسى الصاعد، فهو رجل دولة لدقيقة واحدة، ثم يصبح فى اللحظة التالية رئيس حزب يبالغ فى رد فعله، ويجد صعوبة فى التوازن بين المؤيديين المختلفين. كما يشير السياسى الأمريكى السابق إلى أن مرسى ليس ديمقراطيا، على الأقل وفقا للمعايير الغربية. فالإعلان الدستورى الذى أصدره يتعلق كثيرا بالإخوان المسلمين وميلها إلى المركزية، أكثر مما يتعلق بالرئيس مرسى.
لكن لو أراد مرسى النجاح، فعليه أن يوزان بشكل أفضل بين احتياجات الناس المختلفة، والمفارقة أن هذا الشىء بدا أنه وحكومته قد حققوه خلال المفاوضات الحساسية المتعلقة بأزمة غزة الأخيرة.
ويؤكد كراولى أن الديمقراطية الحقيقية تتوقف فى النهاية على الدساتير، وليس الانتخابات، وسيعتمد تقدم مصر نحو الحكم الفعال والمجتمع المدنى القوى أكثر على الشمولاية والتسامح الذى يتم ضمانه فى الدستور أكثر من الاعتماد على القيود ومدة الإعلان الدستورى لمرسى.
ومع وجود بنود مهمة تتعلق بالحريات الأساسية الخاصة بالتعبير والدين والتجمع والمساواة، والغامضة فى بعض الأحيان فى الدستور الجديد، وتتناقض مع مواد أخرى، ومفتوحة لتفسيرات عديدة، فإن القضاء سيلعب دورا حاسما فى تحديد الحريات والمسئوليات مستقبلا داخل المجتمع المدنى المصرى.
وختم كراولى مقاله قائلا إنه برغم ما تملكه واشنطن من نفوذ سواء فى العلاقة الثنائية مع مصر أو العلاقة متعددة الأطراف، فلن يساعد مصر فى طريقها نحو الديمقراطية أكثر من التعافى الاقتصادى والإصلاح الذى يخلق الوظائف والفرص.
وعلى الولايات المتحدة، بدلا من الرد على كل تطور على حدة، أن تساعد مصر باستخدام سياسة الصبر الاستراتيجى مع التركيز على المدى الطويل ومساعدة مصر على تجنب الانحدارات الحادة.
مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق: من المبكر جدا الحكم على التحول الديمقراطى فى مصر.. مرسى يتصرف مثل السياسى الصاعد وليس ديمقراطيا.. والديمقراطية الحقيقية تتوقف على الدساتير وليس الانتخابات
الثلاثاء، 04 ديسمبر 2012 09:44 ص