انشطرنا إلى نصفين لا يتبادلان سوى العداوة والبغضاء والتربص، وضاع الوطن بين المعسكرين المتخاصمين ليصبح الخاسر الأكبر من معركة تكسير العظام بين مؤيدى ومعارضى الرئيس محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، أكثرية المصريين الذين التزموا جانب المتفرج تاهوا وأصبحوا لا يميزون مَنْ الذى على حق ومَنْ على باطل؟ وفقدوا الثقة فى كل الأطراف، وصرنا نتوجس خيفة مما سيأتى، بعد حشود التأييد والمعارضة وعناد المحتشدين فى ميدانى التحرير ونهضة مصر. إن أسوأ ما يمكن أن تصادفه أمة غادرت لتوها زنزانة القمع والخوف، هو فقدان الثقة، وهذا ما لا ينتبه له المتنازعون فى ميادين مصر العامرة بمَنْ يقول نعم ولا.
سوف تسأل عن المسئول عن هذا الوضع النشاز المفجع؟
ردى المباشر الواضح سيكون الرئيس مرسى وجماعته، فأول رئيس مدنى منتخب لبلادنا تولى منذ خمسة أشهر فقط، لكنه نجح خلالها فى تقسيمنا إلى شطرين بينهما ما بينهما من العداء والكراهية، بسبب عناده وإصراره على المضى قدما فى قرار خاطئ اتخذه، متمثلا فى الإعلان الدستورى، ثم الاستعجال بطبخ الدستور الجديد، ودعوة الناخبين للاستفتاء عليه فى الخامس عشر من الشهر الجارى. المزعج حقيقة فى موقف الدكتور مرسى أنه لم يتعظ من تجربة سلفه حسنى مبارك، الذى اشتهر بالعند وعدم التراجع أو الاعتراف بأنه أخطأ، ولو كان الرئيس أقر بالخطأ لجنب البلاد كثيرا من الويلات والانشقاقات.
فمرسى لم يثبت لنا أنه فعلا رئيس لكل المصريين، وصمت عن بعض حماقات المشاركين فى مظاهرات تأييده، مثل سب الإعلاميين المنتقدين له، ومحاصرة المحكمة الدستورية، لعرقلة إصدار حكم فى دعوى تقضى بحل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى مع أن الإعلان الدستورى الصادر أخيرًا يمنحهما حصانة تحول دون حلهما، ولم تكن هناك ضرورة لترويع قضاة الدستورية العليا ومنعهم من ممارسة عملهم. ولا تخاطبنى بشأن النيات الحسنة للرئيس من قبل تطهير القضاء من ذيول نظام حسنى مبارك، وتأمرهم للإطاحة به، لأن ما حدث فى الواقع لم يحقق ذلك، بل تسبب فى شروخ أحسب بنفسك كم سيلزمها من الوقت لترميمها وعلاجها. ومع الأسف فإن مرسى خسر ثقة الكثيرين، نظرًا لعدم وفائه بتعهداته المعلنة عقب استقراره فى مكتبه بقصر الاتحادية وعدم استهجانه وإدانته لتهديد أنصاره للمنشآت العامة وتعطيلها عن العمل، والشاهد ما وقع أمام المحكمة الدستورية.
الخلاصة أن المسئولية الأكبر تقع على عاتق الرئيس، أما المتبقى منها فيتحمله بعض التيارات والقوى السياسية التى لا ترى سوى عدائها وكراهيتها المستحكمة للإخوان المسلمين لرفضهم من الأصل سيطرتهم على السلطة، ولا يتركون فسحة للمرونة فى المواقف بحيث تتقارب وجهات النظر لتلتقى فى منطقة وسط. إن من يرد خيرًا لمصر ولشعبها عليه السعى لاستعادة الثقة الغائبة، وليرحمنا الله برحمته الواسعة مما يخبئه لنا القدر، ويحمينا ممَنْ مزقوا وشتتوا المصريين وجعلوهم يجلسون على فوهة بركان لا نعلم متى سينفجر فى وجوهنا؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مناور
كيف يكون عنيدا ولقد تراجع مرتين أما هذه المرة هو يحمى مؤسسات الدولة المنتخبة ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق تراب مصر
جانبك الصواب سيدي