ربما لا ترى فى نشر هذه الصور الأبيض والأسود توافقا مع العام الجديد وحالة الاحتفالات الصحفية التى تركز دوما مع أشهر صور العام أو شخصياته، وربما لا ترى أن الوقت قد يبدو مناسبا للكلام عن التفاؤل ومصر العظيمة والمستقبل الذى يبدو من بعيد مشرقا وقطعة من ماضٍ كانت فيه مصر يوما ما متحضرة ومتحررة ونظيفة ومثقفة، فكيف أحدثك عن جمال الثورة والديمقراطية والمستقبل الذى يبدو مشرقا، ولكن من بعيد، وأنت ترى بعينيك كل هذا الارتباك والضباب، وتلمس بيديك كل هذه الفوضى، وتشم بأنفك كل هذا الخوف من البلطجة والانفلات الأمنى ومن الرئيس المرتبك والضعيف.
أعرف أنك ربما انضممت إلى ذلك الفريق «المحبط» – بكسر الباء أوفتحها - وأعرف أن لديك ألف سبب وسبب لكى تكره الثورة وأيامها، وأدرك أن بقلبك الكثير من اليأس بسبب الخوف من عدم عودة الثورة التى سرقت.. ولكن اعلم ياصديق الميدان يا من هتف فأسقط ديكتاتورا كنا نظنه أبقى من الموت نفسه، وكان يظن هو أنه باق طالما فى قلبه نبض أن اليأس خيانة..فلا تيأس، واستدعى من ماضى هذا البلد وروحه المحفوظة فى آثاره وتاريخه ما يحملك على استكمال المشوار وما يزرع فى قلبك أملا ويقينا بأن عثرات مصر مؤقتة، وأن الوطن الذى انتصر فى 73 وخلع الملك فى 52 وقدم للعالم أنضج تجربة حزبية متعددة فى العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات وقدم للإنسانية حضارة خصبة أنبتت كل العلوم منذ عصر الفراعنة، وقدم للفنون أم كلثوم وعبدالوهاب وللأدب نجيب محفوظ والحكيم والعقاد، وكان يوما ما رائدا من رواد السينما ومن أوائل من سارت فى أرضه خطوط السكك الحديدية، استدعى لذاكرتك كل هذه الشخصيات العظيمة فى تاريخ مصر وكل المعارك التى خاضها هذا الشعب من أجل كرامته وعرضه وأرضه، لكى تؤمن بأن كل كبوة فى عمر هذا الوطن مؤقتة حتى ولو طالت سنواتها بعض الشىء، ولكى تعرف أن أحدا من الغزاة العتاة لم يفلح فى أن يتلاعب بهوية هذا الوطن أو يخضعه لفترات طويلة.. كل شىء عابس فى حياة هذا الوطن مؤقت مثل مبارك ومثل أخطاء المرحلة الانتقالية ومثل محمد مرسى وضعفه وتردده وقلة حيلته بالضبط.
انظر إلى هذه الصور التى تحكى تاريخا، كان هؤلاء الأشخاص جزءا منه، واسأل نفسك هل يمكن أن يموت وطن أنجب يوما ما مثل هؤلاء؟، هل يمكن أن تذبل الفكرة أو تختفى الضحكة فى وطن عاش به كل هؤلاء المبتكرين؟
لا تدع الإحباط يتسلل إلى قلبك ياصديقى، فهذا ما يبحثون عنه، أن تضع أحمالك وترتكن إلى الحائط فى انتظار أن يمنحوك حقوقك، لا تترك الطريق وتعود إلى ظل الحائط خوفا من فوضى من الطبيعى جدا أن تحدث بعد سنوات من الاستقرار الزائف، وسنوات من الظلم الطاغى. لا تترك الفرصة لأحد، سواء كان الإخوان أو أى تيار سياسى أو دينى آخر ليخطف منك البلد بعد أن استعدته بعرقك وتعبك فى 25 يناير.
بلد كان فيه سمعة وزينات لايمكن أن يحزن أبداً
بلد كان زعماؤه يستقبلون مناضلاً مثل چيفارا لا تموت فيه الثورة أبداً
بلد فيه أديب نوبل وشاعر مثل الأبنودى لا يفقد قدرته على الإبداع أبداً
بلد يعيش على ألحان وأنغام أم كلثوم وعبدالوهاب لا يمكن أن يفسد ذوقه أبداً
بلد كان فيه ثنائى مثل شويكار وفؤاد المهندس لا يمكن أن تذبل روحه أبدا
بلد كان فيه الثلاثة دوول.. لا يمكن أن يحكمه ثقلاء الدم أبدا
بلد فيه الشعراوى ومصطفى محمود لا يمكن أن يموت عقله أبدا
بلد فيه زكى و سعاد لا يمكن أن ينتهى فنه أبدا
بلد كان فيه سيد مكاوى وصلاح جاهين لا يمكن أن يضيع أبدا
محمد الدسوقى رشدى يكتب : هل يمكن أن يموت وطن أنجب هؤلاء؟
الإثنين، 31 ديسمبر 2012 03:23 م
أم كلثوم والقصبجى