إن الحديث عن إفلاس مصر أصبح حديث الساعة بين مؤيد ومعارض فما هى حقيقة الأمر؟ إن ما تمر به مصر حاليا من وجهة نظرى المتواضعة ليس إفلاسا كما يروج له البعض أو يدعيه، إنما هو حالة تقترب من الدخول على ما يسمى "بالخلل الاقتصادى"، والفارق كبير بينهما حيث تتضمن مراحل الأخير تضخما فى الأسعار وعدم وجود ضابط للأسواق ولكن متى نقول أو نجزم أن مصر على شفا حفرة من الإفلاس؟
- يكون ذلك عندما تعلن الحكومة صراحة عدم قدرتها على الوفاء بأقساط ديونها الخارجية والداخلية، وفى هذه الحالة يلزم أن تلجأ إلى صندوق النقد الدولى لإعلان ذلك دوليا.
- يكون ذلك فى حالة (لا قدر الله) هبوط احتياطى النقد الأجنبى إلى حدود غير آمنة، وتراجع الرصيد حاليا من 15 مليار دولار إلى ما دون الـ5 مليارات دولار، ليكفى احتياجات البلاد شهرا واحدا فقط.
- يكون ذلك فى حالة إصدار أوامر للبنك المركزى بطبع وضخ عملات نقدية، خاصة أن البنوك المركزية فى الدول النامية لا تعارض كما الحال فى الغرب.
- يكون ذلك عندما تفقد الدولة التجارة الدولية، ليمثل ذلك مؤشرا على أن الاقتصاد «حصان جامح» لا يمكن للحكومة والدولة السيطرة عليه، وهو ما حدث فى السودان عام 1989، مما هبط بالجنيه السودانى إلى أدنى مستوياته، ليسجل الدولار 6 آلاف جنيه سودانى، وحتى بعد طبع عملة جديدة أصبح يساوى 6 جنيهات، لأن العملة الجديدة يمثل الجنيه فيها ألف جنيه.
وتؤكد الحكومة الحالية أن الحديث عن إفلاس مصر لا يمت للواقع بصلة، وأن الاقتصاد المصرى سليم، ولكنه يواجه مخاطر وتحديات ومشاكل، ولكن لا يوجد مظهر لسيناريو الإفلاس الخطير، فالوضع من وجهة نظرهم يحتاج فقط لمزيد من الجهد وزيادة الإنتاج والموارد .
وهناك من يتفق مع هذا الرأى فيقول: إن مصر لن تفلس لأنّ الاقتصاد المصرى متنوع ولديه قطاعات تستطيع المقاومة، إن مصر لن تفلس لتعدد مصادر النقد الأجنبى للبلاد، إن مصر لن تفلس لأن الاقتصاد المصرى فى أسوأ حالاته يحقق ما يقرب من 25 مليار دولار سنويا من قطاعات تحويلات العمالة الخارجية التى تأتى بإيرادات 13 مليار دولار، وقناة السويس 5 مليارات دولار والسياحة 9 مليارات.
ولكن هل المواطن البسيط يستطيع تحمل تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادى عندما يصطدم بالغلاء وارتفاع الأسعار؟ فالأمر جِد خطير.
إن الوضع الاقتصادى الحالى فى مصر يتطلب التوصل إلى تهدئة سياسية من أجل النظر إلى حالة الاقتصاد المتردية، والتى تنذر بعواقب وخيمة إذا لم تتجه القيادة السياسية والحكومة نحو إجراءات عاجلة من شأنها أن تحدث تغييرًا ملموسًا على أرض الواقع، فتلك التهدئة من وجهة نظرى المتواضعة هى المخرج الأساسى للأزمة الاقتصادية.
أنا أنضم إلى هذا النوع من التحليل فمصر لن تفلس بإذن الله ولكن بشروط لا بد من تحقيقها وبسرعة، وأؤكد أن الوضع الاقتصادى فى مصر حاليا يعد وضعا دراماتيكيا، لأنه يعانى نزيفًا مستمرًا منذ عامين، ويحتاج إلى جراحة عاجلة خلال الأشهر القليلة المقبلة، للخروج من هذا النفق المظلم، والضبابية التى تخيم على المشهد.
وهناك بعض الحلول المقترحة للخروج من عنق الزجاجة إذا ما أردنا حقا الخير لمصر ممثلة فى الآتى:
التعجيل بالحصول على قرض صندوق النقد البالغ 4.8 مليار دولار، من أجل الحصول على شهادة دولية بقدرة الاقتصاد الوطنى على التعافى، والحصول على قروض من جهات مانحة أخرى مثل البنك الدولى ومجموعة الثمانى تقدر قيمتها بنحو 14.5 مليار دولار، وهو ما يحتاجه الاقتصاد المصرى للدخول فى مرحلة التعافى.
المساعدات الخارجية: ولا يتعجب أحد من ذلك فمصر تمر بظروف صعبة وأعتقد أن شقيقاتها من الدول العربية لن تبخل على مصر بتقديم المساعدات المادية والمعنوية لها، فكم قدمت مصر فى السابق، ولا ننس أن المساعدات الخارجية حمت اليونان من إعلان إفلاسها رغم تأزم ديونها.
الحفاظ على مصادر الدخل القوية والمتنوعة لمصر: فهناك مصادر متنوعة فى مصر مثل دخل قناة السويس التى تدر مليارات الدولارات سنويا إلى جانب تحويلات المصريين فى الخارج والسياحة مرورًا بالسلع التصديرية.
وعلى جانب آخر هناك من يستند أيضا إلى مبرراته بأن إفلاس مصر وشيك لاسيما بعد أن أثار قرار وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتمانى الصادر فى 24/12/2012 بخفض التصنيف الدولى طويل الأمد لمصر من B إلى –B ردود أفعال متضاربة بين مسئولى الحكومة وخبراء الاقتصاد والبنوك حول عواقب وتبعات هذا الخفض، الذى وضع مصر فى قائمة الدول ذات الخطورة الاستثمارية، لكن الجميع اتفق على أن الوضع الاقتصادى الراهن شديد الحرج وفى أول المؤشرات "السوداء" خيّم تراجع تصنيف مصر على أداء البورصة، ليدفعها للتراجع بنهاية تعاملات يوم 25/12/2012 ويفقد رأسمالها السوقى نحو ٢.٥ مليار جنيه من قيمته بسبب مبيعات المصريين، خوفا من تأزم الوضع الاقتصادى خلال الفترة المقبلة. وفيما اعتبره رؤساء بنوك هذا التخفيض "كارثة اقتصادية"، وسيضعف قدرة الحكومة على الاستيراد، مشددين على أن الخلافات والصراعات فى الساحة السياسية ستؤدى إلى إفلاس مصر خلال ٦ أشهر، قال الدكتور عمرو حسانين، الخبير المالى والاقتصادى، المتخصص فى التصنيف الائتمانى، إن التصنيف وضع مصر فى نفس مستوى اليونان التى تعانى أزمة مالية طاحنة، مؤكداً أن وصولنا إلى هذا المستوى يعنى أن مصر "على حافة الإفلاس ورسمياً استبعد الدكتور ممتاز السعيد وزيرالمالية، إمكانية إعلان مصر إفلاسها، على خلفية تراجع تصنيفها الائتمانى، لكنه وصف المرحلة التى يمر بها الاقتصاد الوطنى بـ"الحرجة"، مجدداً تأكيداته بالتزام الحكومة بسداد التزاماتها الخارجية فى مواعيدها، وأنا أتفق معه فى هذا الرأى لاسيما وأن مصر تعرضت لانخفاض تصنيفها فى عدة فترات وعادت مرة أخرى مع أول استقرار رأته البلاد.
إن بناء مصر الجديدة بعد الاستبداد والفساد والديكتاتورية، لا يمكن القيام به إلا بتكاتف جميع قوى المجتمع، مصر أمانة فى أعناقنا ولن تسقط أبدا "حفظكِ الله يا مصر من كل سوء وحفظ شعبك العظيم.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وزير الالعاب ...........
ما قلنا كدا مالاول ........
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الشافى
عفوك يارب
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية بتحب مصر
أزمة وتعدي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد محمد موافى
بعض أسباب تراجع الجنيه
عدد الردود 0
بواسطة:
sied
انقذوا مصر