شهدت البورصة أحداثا عنيفة خلال العام المنتهى، كانت كفيلة بأن تقضى على أى سوق ناشئ فى العالم، إلا أنه ورغم تعرضها لنكسات متتالية بسبب الأحداث السياسية والاضطرابات الأمنية، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على جانب كبير من مكاسبها.
"اليوم السابع" رصد تطور السوق خلال عام 2012، حيث جاءت بداية العام الماضى ساخنة على عكس التوقعات مدعومة بمشتريات أجنبية قوية تركزت على الأسهم القيادية ودفعت بالمؤشرات إلى الارتفاع بصورة قوية، خاصة أن إعلانات نتائج الأعمال تزامنت مع هذا الصعود، وحملت مؤشرات إيجابية أكثر من المتوقع، وتزامن هذا مع بدء جلسات مجلسى الشعب والشورى المصريين والإعداد للانتخابات الرئاسية، فأدى ذلك لإشاعة موجة من التفاؤل بالاستقرار السياسى، التى قلصت منها أحداث العباسية وسيناء التى تأثرت بها البورصة بشكل نسبى خلال هذه الفترة، ولكن استمرت البورصة رغم ذلك فى تصدر قائمة أنشط البورصات وأكثرها ارتفاعا عالميا خلال هذه الفترة.
ومع اقتراب الربع الأول من العام من نهايته وتصاعد الأحداث فى الشارع السياسى المصرى من جديد شهدت البورصة مرة أخرى موجات من جنى الأرباح، وتراجع السيولة، وغياب الأحداث المحفزة شهدت البورصة مرة أخرى موجة من الركود استمرت حتى نهاية الانتخابات الرئاسية، لتعود من جديد موجات التراجع للظهور، فى ظل انخفاض قيم وأحجام التداولات إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات لتنتهى هذه المرحلة بتولى الرئيس الجديد للبلاد.
ويمكن تقسيم أداء البورصة منذ تولى الرئيس الجديد لمرحلتين، الأولى، من أول يوليو حتى نهاية سبتمبر 2012، وشهدت نشاطا استثنائيا وارتفاع مؤشرات البورصة بنحو قياسى خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالى 2012، حيث قفز مؤشرها الرئيسى "EGX30" الذى يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة، بمقدار 60.7% مدفوعا بنشاط قوى للمستثمرين، نتيجة التفاؤل بالاستقرار السياسى والإصلاحات الاقتصادية المرتقبة والتحول الديمقراطى المخطط، إلا أنه منذ بداية أكتوبر بدأت البورصة تعانى من موجات جنى أرباح وضغوط بيعية، ونقص فى السيولة على وقع تباطؤ سياسات الإصلاح الاقتصادى فى مصر والأزمات السياسية والدستورية وأحداث سيناء وغزة، وعودة التظاهرات لتشهد هذه الفترة تراجعات جديدة قلصت من حجم مكاسب البورصة وسادت حالة من الترقب الحذر لدى المتعاملين لتطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية.
والأمر اللافت للنظر كان اتجاة البورصة وهيئة الرقابة المالية لاتخاذ إصلاحات جديدة فى آليات العمل بالبورصة المصرية خلال هذه المرحلة بدءا من آلية التعامل فى ذات الجلسة، وتطبيق نظام تداول حقوق الاكتتاب، وتعديل نظام آلية احتساب سعر الإقفال والجلسة الاستكشافية وتدشين قانون لصكوك التمويل الإسلامية وتنظيم سوق الصفقات خارج المقصورة، ووضع نموذج جديد للإفصاح، وتعديل فى قواعد القيد، وإعادة تنظيم العمل ببورصة النيل بالإضافة إلى العودة من جديد إلى المحافل العالمية بصورة قوية كان آخرها استضافة مصر لمؤتمر اتحاد البورصات الأفريقية فى ديسمبر الماضى.
محسن عادل، المحلل المالى، أكد أنه لا يجب أن نفرط فى ردود الأفعال، فى ظل قدرة السوق على استمرار النشاط خلال الفترة القادمة والتى سترتبط فى الأساس بالتطورات المتوقعة فى الوضع السياسى والاقتصادى، بالإضافة إلى استمرارية اجتذاب سيولة جديدة، وتعزيز المرونة الاستثمارية للسوق إذا ما حدثت أى موجات لجنى الأرباح أو أى ضغوط استثنائية على السوق.
وأضاف أنه من الضرورى أن يتم تحفيز الاستثمار المؤسسى متوسط وطويل الأجل فى السوق المصرى لضمان الحفاظ على الاستقرار السوقى، خاصة أن مستقبل البورصة المصرية خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهوناً بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق، ورغبة هذه الأطراف فى مساندة السوق ودعمها، حتى تجتاز هذه الفترة، مشيرا إلى أن دعم الأطراف المحلية للسوق يعطى رسالة ثقة للمستثمرين الأجانب والعرب بأن الأمور تمضى إلى الأفضل، وبالتالى لا داعى للخروج من هذه السوق الواعدة.
وعلقت الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار على أداء البورصة خلال عام 2012، وقالت فى تقرير لها، إن عام 2012 كان يمتاز بتفاؤل نسبى بعد قرارات الرئيس الجديد، وإتمام التشكيل الحكومى، بالإضافة إلى استقرار الوضع فى الشارع السياسى، وبدء مفاوضات صندوق النقد الدولى والزيارات الخارجية، لتنشيط الاقتصاد المصرى، مما أثر على ارتفاع حجم السيولة والتداولات، وتحقيق الاستقرار للمنظومة الاستثمارية.
من ناحية أخرى فإن مؤشرات الأداء لحركة صفقات السوق تشير إلى وجود تحسن للقوى الشرائية، كما أن القوى البيعية الاستثنائية قد غابت، وهو ما ظهر فى بعض دورات جنى الأرباح التى ظهرت فى تعاملات الأسهم، ونجح العمق الاستثمارى للبورصة فى التعامل معها.
وأكدت الجمعية أن استقرار الأوضاع السياسية وما يترتب عليه من تحسن فى البناء الاقتصادى يمثل دعما إضافيا على قدرة البورصة المصرية على التعافى، وهو ما يستلزم تفعيل أدوات لتنشيط السيولة والإسراع بتفعيل عدد من التعديلات فى منظومة التداولات خلال الفترة القادمة.
ويمكن أن يؤدى الاستقرار السياسى إلى تمكن السلطات من مواجهة تحديات هيكلية ضاغطة، وتحقيق تقدم فى السياسيات الاقتصادية، لدعم الجنيه المصرى والوضع المالى للبلاد.
ويعكس ارتفاع حجم التداول الإجمالى للبورصة المصرية خلال عام 2012 (بعد استبعاد الصفقات)، والتحسن فى متوسط حجم التداول اليومى قياسا بعام 2011 بدء استقطاب البورصة لسيولة جديدة تهدف إلى استغلال الفرص الاستثمارية التى توفرت، نتيجة استقرار الوضع السياسى والتحركات على الصعيد الاقتصادى، والاستفادة من التحسن النسبى لمؤشرات الأداء المالى للشركات المدرجة.
وقالت أن التحسن فى نسبة تداولات المؤسسات السوقية، بالإضافة إلى ارتفاع تداولاتها يشير إلى أن المستثمر المؤسسى رغم تراجع تداولاته قياساً بما كان معروفاً عنه فى سنوات سابقة، لا يزال يبدى اهتماماً بالاستثمار فى البورصة المصرية، ويرى فرصا استثمارية فى تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية حاليا.
البورصة تنهى العام الأكثر خطورة فى تاريخها خلال عشرين سنة بارتفاع 50.2% رغم أزمات سيناء والإعلان الدستورى وأحداث الاتحادية والدستور وانهيار الجنيه
الإثنين، 31 ديسمبر 2012 12:53 م
البورصة المصرية - صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
فؤاد محمد فؤاد
ربنا كبير