"الاقتصاد المصرى فى خطر والسياسة هى السبب "تلك هى النتيجة التى توصل إليها الإعلام الاجنبى خلال رصده لحركة السوق فى مصر خلال اليومين الماضيين، خاصة بعد الارتفاع المتتالى لسعر صرف الدولار الأمريكى مقابل الجنيه المصرى، معتبرين أن قرض صندوق النقد الدولى هو الكفيل بحل الأزمة الاقتصادية التى تواجه مصر.
وتحدثت وكالة الأسوشيتدبرس عن أزمة تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار ليصل سعر الدولار إلى 6.36 جنيه، وأشارت إلى أنه بعد الانتهاء من تمرير الدستور عبر استفتاء شعبى، تعيد الحكومة المصرية تركيزها مرة أخرى إلى الإصلاحات الاقتصادية.
وتشير الوكالة الأمريكية إلى أن كثيرين من الخبراء كانوا يتوقعون بالفعل خفض قيمة الجنية كجزء من صفقة قرض صندوق النقد الدولى التى حظيت بموافقة أولية نوفمبر الماضى، قبل اندلاع الأزمة السياسية والاحتجاجات الشعبية حول الدستور، ذلك رغم نفى الحكومة المستمر طلب صندوق النقد تخفيض سعر العملة المحلية، لكن الخوف من الاضطرابات السياسية الأكبر، دفع الرئيس محمد مرسى لتأجيل كلا من الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق والدعم، الذين هم جزء من البرنامج الاقتصادى الذى قدمته حكومته للحصول على قرض صندوق النقد الدولى الذى يبلغ 4.8 مليار دولار، الأمر الذى أدى إلى تجميد المفاوضات.
وقالت "الأسوشيتدبرس" إنه خلال الأسبوع الماضى، زادت المخاوف إزاء مزيد من خفض قيمة الجنيه، مما يضع مزيدا من الضغوط على العملة المحلية، وقد تأججت هذه المخاوف بتحرك الحكومة نحو الحد من كمية العملات الأجنبية المسموح الخروج بها فى حالة السفر لدوله أخرى، كما أقر البنك المركزى نظام جديد بموجبه لا يمكن للبنوك حيازة مراكز دائنة بالدولار الأمريكى أكثر من 1% من رأسمالها انخفاضا من 10%، ولا يحث للعملاء من الشركات سحب أكثر من 30 ألف دولار يوميا، فى حين يدفع الأفراد رسوما إدارية بين 1-2 % على مشترياتهم من العملات الأجنبية.
وتنقل الأسوشيتدبرس عن مصرفيين مقربين والذين حضروا لقاء محافظ البنك المركزى لمناقشة الخطة، قولهم إن هذا نوع من التحكم فى قيمة خفض العملة. وأضافوا: "يبقى أن ننتظر لنرى كيف يمكن لهذا النظام أن يساعد على استقرار سعر الجنيه، لأن السوق لا يزال قلق بشأن قدرة الحكومة على وضع وتنفيذ الإصلاحات فى بيئة سياسية مستقطبة للغاية".
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن الحكومة فى مصر تعد نفسها لتداعيات سياسية محتملة ردا على تدابير تقشف وشيكة، فى الوقت الذى تسعى فيه لإتمام قرض صندوق النقد الدولى الذى تقدر قيمته بـ4.8 مليار دولار، والذى تحتاجه مصر بشدة.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات رئيس الحكومة هشام قنديل التى قال فيها إن القرض ربما يكون الوسيلة الوحيدة لمصر للخروج من أزمتها الاقتصادية، لافتة إلى أن هذا يأتى مع انخفاض الجنيه المصرى أمس الأول الأحد إلى مستوى قياسى جديد، كما أنها تأتى بعد يوم واحد من تنفيذ البنك المركزى لنظام جديد لبيع وشراء الدولار يقول إنه من شأنه أن يبطئ من نفاذ احتياطى النقدى الأجنبى. ولفتت الصحيفة إلى أن مصر تواجه عجزا متزايدا فى الميزانية وتصاعد الإحباط العام بعد عامين من المطالب الشعبية بتوفير فرص العمل والمساواة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية التى أدت إلى الإطاحة بمبارك.
ومضت الصحيفة قائلة إنه "على الرغم من دعوة الرئيس محمد مرسى فى خطابه أمام مجلس الشورى للمصرين لقبول الإصلاحات القادمة من أجل الوصول إلى الاستقرار بعد شهر من الاضطراب السياسى، إلا أن هذه الإصلاحات لن يكون من السهل تقبلها، ويقول خبراء الاقتصاد إنه لن يكون هناك مكاسب كبيرة بدون ألم فى مصر التى يعيش 40% من سكانها تحت خط الفقر بأقل من دولارين فى اليوم للفرد الواحد"، مشيرة إلى أنه رغم تصريحات المسئولين فى مصر بأنهم فى طريق توقيع قرض صندوق النقد الدولى بنهاية يناير المقبل، إلا أن توقعات الاجتماع مع مسئولى الصندوق فى الأسابيع المقبلة لن تكون أقل تحديا مما كان عليه الاجتماع السابق عندما تم تأجيل الخطط الأولية لتوقيع الاتفاق بسبب الاضطراب السياسى.
وتحدثت الصحيفة عن محاولة الحكومة تطبيق "تخفيض للإنفاق وإصلاحات ضريبية" خلال الأزمة السياسية الأخيرة والتى انتهت إلى توقف هذه المحاولة، ورأت أن هذا أكد على حالة الاضطراب التى يقول بعض معارضى الحكومة بل حتى مسئوليها إنه ساد فى الصفوف العليا فى الإدارة الإسلامية المنتخبة حديثا.
ونقلت واشنطن بوست عن مجمد جودة، رئيس اللجنة الاقتصادية فى حزب الحرية والعدالة والتى تقدم المشورة للرئيس مرسى فى السياسة الاقتصادية، قوله "إننا فى حاجة إلى شرح الحقائق الاقتصادية للناس، ونحن فى حاجة إلى توضيح أن هذه الإجراءات فى صالح الفقراء ولن تؤثر على الأغنياء.. ولو استطعنا نقل ذلك، فإن الناس ستتعاون مع أى إجراءات نتخذها".
وتلفت الصحيفة إلى أن قرض صندوق النقد الدولى، وبرغم أنه لا يغطى عجز الميزانية الذى يصل إلى 21.6 مليار دولار، سيفتح الباب لمزيد من القروض وسيمنح إدارة الرئيس مرسى دفعة من المصداقية فى الأسواق الدولية.
وفى نفس السياق، قال حازم الببلاوى، وزير المالية السابق إن مصر لو لم تحصل على قرض صندوق النقد، فإنها لا تشجع بذلك الكثير من الجهات المانحة المحتملة.
من ناحية أخرى، يقول محمد الدهشان، الباحث بجامعة هارفارد والمحاضر فى التنمية الاقتصادية بجامعة عين شمس "إن هناك حاجة إلى إصلاحات جادة وربما مؤلمة، وعلى الجانب الآخر، هناك شعب يعانى منذ عقد مضى من سياسة كانت مؤيدة تماما للسوق دون أى جانب اجتماعى".
وأوضحت الصحيفة فى النهاية أن بعض مسئولى الحكومة وخبراء الاقتصاد التابعين لجماعة الإخوان المسلمين يقولون إنهم ناقشوا سبل تخفيف وقع الضربة من خلال إنشاء قاعدة بيانات للرعاية وإعادة توزيع الإعانات "الدعم" بحيث يستفيد منه الفقراء فقط، إلا أن المسئولين لم يقدموا خطة مفصلة وإطار زمنى محدد.
وفى بريطانيا قالت صحيفة الفايننشيال تايمز، إن الجنيه المصرى غرق إلى مستوى منخفض جدا أمام الدولار وسط محاولات من الحكومة المصرية لتهدئة المخاوف بإعلانها أنها ستستأنف المحادثات مع صندوق النقد الدولى فى يناير من العام الجديد للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار.
ويتوقع يوسف فاروق، مدير شركة المصرية الرائدة فى مجال صرف العملات الأجنبية، أن تستمر الضغوط على الجنيه فى الأيام المقبلة. وقال: "لا أتوقع أن يصعد مرة أخرى، المخاوف التى دفعت الناس لشراء الدولار لم تنته ولايزال هناك توترا سياسيا"، وقال محمد أبو باشا، الخبير الاقتصادى بمجموعة هيرمس المالية، أن الذعر مبالغا فيه لكن القلق له ما يبرره.
وفى اسبانيا قالت صحيفة لاراثون إن "الاضطرابات السياسية منذ ثورة يناير المصرية تؤدى إلى انخفاض إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبى، كما أنها أدت إلى انخفاض فى احتياطى العملة الصعبة فى الوقت التى تحتاج فيه مصر هذه الإيرادات لإعادة الاستقرار إلى البلاد وإعادة إنعاش الحالة الاقتصادية للبلاد"، موضحة أن مصر تمتلك إمكانات اقتصادية تجعلها إحدى القوى الاقتصادية الكبرى فى المنطقة، ولكن الاهتمام بالحياة السياسية والسعى إلى كرسى السلطة يصعب من الأمر، ويجعل إنعاش الحياة الاقتصادية أمرا صعبا وذلك لعدم وجود اهتمام كاف بتلك الأوضاع الاقتصادية.
وأشارت الصحيفة الاسبانية إلى أن التدابير التقشفية التى من الممكن أن يتم اتخاذها لإنعاش الحالة الاقتصادية من الممكن أن تؤثر على حصولها على قرض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى الذى من المفترض أن يصرف الشهر المقبل.
الإعلام الأجنبى: اقتصاد مصر فى خطر والجنيه يغرق والسياسة هى السبب.. الأسوشيتدبرس: كثيرون توقعوا خفض قيمة الجنيه تلبية لصندوق النقد.. والحرية والعدالة لواشنطن بوست:نحتاج لشرح الحقائق الاقتصادية للناس
الإثنين، 31 ديسمبر 2012 12:51 م