قد تكون الثورة مضرة للبعض وقد تكون مفيدة لآخرين فما فعلته الثورة ما هو إلا إحلال وتبديل إحلال لمن كانوا يملكون ويسيطرون، وتبديل لمن لا يملكون أو يسيطرون، إن هناك فئة قليلة فقط التى لا تزال مكانها ولم تتأثر سواء بقيام الثورة أو عدم قيامها.
فمن ناحية نجد أن الفئة العريضة فى المجتمع المصرى لاتزال تعيش حياة البؤس والفقر وزاد الأمر سوءًا بعد الثورة فلا تزال تنتظر هذه الفئة تحسن الأوضاع لكن لا مجال للحديث عن ذلك فقد سئمت هذه الشريحة من الصبر والعذاب الذى تعيش فيه دون تحسن أو اهتمام وتنجب أجيالا يكرروا نفس المأساة.
ومن ناحية أخرى نجد نخبة ما هى إلا هجين من نظام سابق على بعض الرموز التى اشتهرت بعد الثورة ولعل قربها من المد الثورى الذى حدث فى 25 يناير كان بمثابة الانطلاقة الحقيقية فى صعودها ونموها وظهورها إعلامياً، إن جينات هذه النخبة بمختلف أنواعها تتحدث عن معانات الشعب وباسم هذا الشعب لكن فى حقيقة الأمر أن هناك البعض منها تستخدم هذا الشعب كغطاء لتحقيق مصالحه الشخصية، فقد مر عامان بعد الثورة المجيدة ماذا قدمت هذه النخبة لهذا الشعب؟!.
إنه على مدار العامين الماضيين لاحظت تفاءلا غير عادى من المواطنين آملين فى تحسن أوضاعهم، راغبين فى رؤية أبنائهم فى أفضل الأوضاع لكن لم يحدث أى جديد فى حياتهم سواء تدهور أحوالهم وانتشار الفوضى وعدم الاستقرار، وأدى ذلك إلى كرههم لآليات التظاهرات والاعتصامات التى عطلت حياتهم وعرقلت أعمالهم.
على الرغم مما تعلمناه من سنة 2011 وإمكانية التظاهر السلمى لتحقيق مطالبنا إلا أن عام 2012 وما حمله من أرقام قياسية للمليونيات والاحتشادات والتظاهرات أضعفت هذه الآلية وأفقدها قيمتها ومصداقيتها فى تحقيق مطالب الشعب، فكثر استخدام المليونيات وما تبعها من خسائر سواء بشرية أو مادية أدى إلى كره هذه الآلية وضرورة البعد عنها لتسير عجلة الحياة.
من الأمور اللافتة للانتباه فى عام 2012 قيام القوى السياسية المعارضة للنظام بتكوين ما يسمى بجبهة الإنقاذ الوطنى والتى تحمل شتى التيارات السياسية محاولة الحصول على أفصل فرص سياسية لتشارك التيار الإسلامى فى إدارة البلاد لكن ما يجب أن أشير إليه أنه لوحظ عدم احترام قواعد الحوار الديمقراطى بين القوى السياسية المشاركة فى المنظومة السياسية المصرية، ويرجع ذلك إلى حداثة العديد من القيادات النخبوية وعدم إدراكها لقواعد الديمقراطية وعدم انتصارها لمصالح الوطن منكبة على المصالح الحزبية والخطط الإستراتيجية التى أعددتها.
إن عام 2012 كاد أن يكون نسخة مكررة من عام 2011 خاصة فيما يتعلق بالاستفتاء على الدستور ففى عام 2011 انكبت التيارات الإسلامية على الحشد الجماهيرى والاستفتاء بنعم وهو ذاته السيناريو الذى تم فى العام التالى، وكرر نفس الشىء التيار المدنى والذى حاول الحشد بلا فى كلا الاستفتائين، لكن هناك اختلاف طفيف وهو تحسن القدرات التنظيمية للتيار المدنى وذلك من خلال التحالف والحرص على أن يكونوا كتلة واحدة، تزايد رصيدهم القاعدى فى المدن الحضرية، التوحد فى اتخاذ القرار فبعد الدرس الذى تعلمه من انتخابات الشورى وأخطاء قرار مقاطعة انتخاباته فقد حرص كل الحرص على المشاركة فى الاستفتاء.
ومن هنا يجب القول إنه على هذا التيار وأقصد التيار المدنى أن يضع كل اهتماماته وأولوياته فى خروج نظام انتخابى عادل والاستعداد للانتخاباب مجلس النواب مستفيدين من نتائج الاستفتاء الأخير والذى يظهر ضرورة العمل على استهداف المناطق الحضرية فقط فى مصر واستهداف دوائر انتخابية تتضاعف فيه فرص التيار المدنى وتجنب الدوائر الأخرى منعاً لهدر الوقت والموارد، وعلى أن يكون الاحتكام لنتائج الصندوق الانتخابى، والبعد عن ما يناديه البعض بمظاهرة لإسقاط النظام فى 25 من يناير القادم لأن ذلك يُعد سلوكاً غير مقبول وغير ملتزم بقواعد الديمقراطية التى ارتضى الجميع العمل بها وأن مثل هذا السلوك سيفقد المصداقية فى القيادات المشاركة ويفقدها ثقة الجماهير، يجب أن يكون سلوك القيادات الحزبية والنخب السياسية متناغماً مع ما تنادى به وما تقوم به.
فى النهاية أتقدم بالتهانى للجميع بمناسبة حلول عام جديد وأتمنى من الله – عز وجل – أن يكون أفضل وأحسن على كل مصرى ومصرية وأن يعوض مصرنا الحبيبة ما خسرته فى السنوات الماضية وكل عام وأنتم بخير جميعاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة