قال البروفسور الإسرائيلى عوزى رابى، الخبير الإستراتيجى فى شئون الشرق الأوسط بمركز "ديان للدراسات الشرق أوسطية" بتل أبيب: إن الأزمة التى أثارها الإعلان الدستورى الأخير للرئيس محمد مرسى أظهرت أن الطريق إلى الديمقراطية فى مصر لا زالت طويلة ومعقدة.
وأكد "رابى" خلال حديثه مع الإذاعة العامة الإسرائيلية قائلا: "إن كلا من مرسى وجماعة الإخوان المسلمين انتصروا فى هذه المرحلة على الأقل فى الصراع السياسى، وهمشوا المعارضة والديمقراطية لصالح فرض أجندتهم على الساحة المصرية، مما أدى إلى حالة غضب شديدة بين المثقفين والإعلام والقضاء المصرى".
وتوقع الخبير بمركز ديان، أنه فى حال غياب سياسة اقتصادية حكيمة، واستمرار تدهور الوضع الاقتصادى عام 2013 المقبل، فإن الجماهير المصرية ستخرج مرة أخرى بالملايين إلى الشوارع.
وتوقع المحلل الإسرائيلى استمرار حالة عدم الاستقرار السياسى فى مصر عام 2013، مضيفا، أن العامل الاقتصادى قد يكون المقياس الحقيقى لمدى نجاح الثورة، وأن الرئيس مرسى سيجد نفسه مضطرا إلى خلق توازنات وحلول وسط بين المعسكرين الإسلامى والليبرالى.
وأضاف البروفسور الإسرائيلى، أن مرسى فى حاجة اليوم إلى خلق قنوات للوصول إلى قلوب الغرب، بهدف الحصول على المساعدات الاقتصادية التى يحتاج إليها لإنجاح سياسته.
وعن دخول "الربيع العربى" عامه الثالث، وما سيترتب عليه من تداعيات إقليمية وداخلية، قال "رابى" خلال حديثه مع محرر الإذاعة العبرية للشئون الشرق أوسطية يوسى نيشر: إن عام 2013 قد يكون عام الحسم فى الملفين السورى والإيرانى، وخلاله قد تشهد الساحة الفلسطينية تطورات درامية.
وقال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط فى تل أبيب: إنه لا يستبعد تفكك سوريا، ما بعد الأسد طائفيا إلى دويلات كردية وسنية وعلوية خلال عام 2013، مشيرا إلى القطاع الكردى المتبلور شمال شرق سوريا، وإلى تدفق العلويين للمناطق الساحلية مثل "طرطوس" و"اللاذقية"، وأما السنة فقد يتمسكون بالعاصمة دمشق ومدينة حلب.
واستبعد البروفسور الإسرائيلى سيناريو مجئ معارضة تحمل طرحا جديا لاستقرار سوريا ما بعد الأسد، متوقعا المزيد من سفك الدماء، وحالة من عدم الاستقرار فى سوريا ستنعكس سلبا على الدول المجاورة، وربما على الشرق الأوسط برمته.
وفى سياق آخر تساءل "رابى": "هل ستطال الأنظمة الملكية أيضا من جانب الربيع العربى بعد أن استهدف، منذ انطلاقه قبل عامين، الأنظمة الرئاسية؟، مجيبا فى الوقت نفسه بأن الأنظمة الملكية العربية فى 2013 ستشهد ضغوطا متزايدة وتحديات كبيرة.
وأشار الخبير الإسرائيلى، إلى أن الأنظمة الملكية العربية، من بينها الأردن والدول الخليجية، شهدت حالة من الاستقرار خلال العامين الأولين للربيع العربى، مضيفا أن هذه الأنظمة تتعرض اليوم لضغوط ومطالب متزايدة من قبل شعوبها، والتى قد تركز مطالبها على تغيير الدستور، وتعزيز صلاحيات البرلمان، على حساب الملوك.
وأوضح "رابى"، أن كلا من الأردن والمغرب قد شهدا بالفعل مثل هذه التوجهات، مستبعدا على المدى البعيد عدم نجاح الملوك فى التعامل مع الضغوط الشعبية المتزايدة وزيادة التحديات للأنظمة الملكية عام 2013.
وعن الساحة الفلسطينية فى 2013 قال "رابى": إن مصير رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن يعتمد على تقدم المسيرة السلمية، وأن خالد مشعل قد يظهر كزعيم للساحة الفلسطينية برمتها.
وأضاف "رابى"، أن عام 2013 قد يشهد مبادرات فلسطينية برعاية مصرية للمصالحة بين حركتى حماس وفتح، لكنها ستكون مصالحة "تكتيكية" ليس أكثر، لأنه لا يمكن جسر الفجوات بين الحركتين، على حد قوله.
واعتقد "رابى"، أن رئيس السلطة الفلسطينية قد يجد نفسه فاقدا لسيطرته على الضفة الغربية التى شهدت نهاية العام 2012 نوعا من الاحتجاجات الشعبية من شأنها أن تتحول، العام المقبل، إلى نوع من الانتفاضة، وذلك بدون أى انفراج دبلوماسى فى ملف السلام مع إسرائيل.
وقال الخبير الإسرائيلى: "ما يتطلب نظرة استثنائية هو اللاعب الجديد القديم على الساحة الفلسطينية، خالد مشعل، الذى يحاول عن طريق استفادته من نتائج الحرب الأخيرة فى غزة إظهار نفسه زعيما للساحة الفلسطينية برمتها وعلى جناحيها"، مشيرا فى الوقت نفسه إلى مسقط رأس مشعل قرية "سلواد" برام الله فى الضفة الغربية، وأنه يوجد خلايا نائمة تابعة لحركة حماس تعمل فى الضفة الغربية.
ورأى "رابى"، أن التطورات على الساحة الفلسطينية تجبر إسرائيل على تبنى خيار إستراتيجى ما بين طرح مبادرة سياسية تعيد محمود عباس إلى صدارة الساحة الفلسطينية، ولكن بشكل يضطر فيه إلى التفاوض جديا من جهة، أو من جهة إذا لم تتخذ إسرائيل مثل هذا القرار قد يصبح مصير عباس محتوما، وبالتالى قد تواجه إسرائيل واقعا فلسطينيا أكثر خطورة بالنسبة إليها.
وفيما يتعلق بالملف النووى الإيرانى، قال "رابى": إن عام 2013 قد يكون عام الحسم بالنسبة لإيران، مضيفا، أن الربيع العربى انعكس سلبا على طهران، الأمر الذى لقى تعبيرا له بتعاظم قوة السنة فى المنطقة على حساب الشيعة من جهة، وبإضعاف حليفى طهران الأسد ونصر الله من جهة أخرى.
..........
محلل إسرائيلى: "مصر 2013" ستشهد خروج الملايين للشوارع مجددا حال استمرار تدهور الوضع الاقتصادى.. وطريقها نحو الديمقراطية لا يزال طويلا ومعقدا.. ومرسى و"الإخوان المسلمين" فرضوا أجندتهم وهمشوا المعارضة
السبت، 29 ديسمبر 2012 11:42 ص