رأفت محمد السيد يكتب: موازنة الدولة فى العناية المركزة

السبت، 29 ديسمبر 2012 09:33 م
رأفت محمد السيد يكتب: موازنة الدولة فى العناية المركزة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحديث الدائم عن العجز المستمر فى موازنة الدولة لاينتهى، بل هو من الأمور التى تؤرق كل الوطنيين عامة والاقتصاديين بصفة خاصة وحتى نوضح الصورة لمن لا يعرف مفهوم الموازنة العامة للدولة فهى عبارة عن بيان تقديرى تفصيلى معتمد يحتوى على الإيرادات العامة التى يتوقع أن تحصلها الدولة، والنفقات العامة التى يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة، فهى تعتبر بمثابة البرنامج المالى للخطة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة فى إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ونظرا لزيادة النفقات العامة عن الإيرادات العامة التى يتوقع الحصول عليها أى باختصار "عدم قدرة الإيرادات على تغطية النفقات" والتى تنتج عن تزايد حدة الضغوط التضخمية إضافة إلى تزايد أعباء الديون الخارجية والداخلية كل ذلك يتوافق مع استنزاف الاحتياطيات الخاصة بالقطع الأجنبى يحدث العجز الذى يكون بمثابة جلطة دماغية فى راس الدولة يحتاج إلى دخولها غرفة العناية المركزة لعلاج هذا العجز، لذا فمن الأهمية بمكان أن نوضح أولا كيف ومن أين يحدث العجز فى الموازنة؟ ثم نتعرض بعدها لطرق العلاج المثلى دون اللجوء لفرض ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطن البسيط من ناحية، وتحد من ناحية أخرى من وجود المستثمرين بل وهروبهم للبحث عن أماكن جديدة ليستثمروا فيها.
أسباب العجز: ذكرنا إن عجز الموازنة هو انعكاس لعدم قدرة الإيرادات على تغطية النفقات، الأمر الذى يدفع الدولة عادة لتأمين الأموال اللازمة إما من خلال الإصدارات النقدية أو اللجوء إلى السندات أو القروض داخلية كانت أم خارجية.

على اعتبار أن ما تم ذكره يعتبر من الوسائل الأساسية الرئيسية لتمويل العجز. فضلا عن ذلك فإن الأسباب التى تؤدى إلى تفاقم العجز يمكن تلخيصها فيما يلى :

1. إتباع بعض الدول لاسيما النامية سياسية "التمويل بالعجز" كوسيلة لتمويل التنمية الاقتصادية فى مجتمعاتها عن طريق الائتمانات المصرفية وزيادة الإصدارات النقدية.

.2 الإنفاقات الكبيرة الضخمة بتلك الدول على المجالات العسكرية إضافة إلى المستلزمات السلعية والخدمية.

. 3تدهور القوة الشرائية للنقود مع ازدياد حدة الضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار مع وجود مخصصات الدعم السلعى، وارتفاع كلفة الاستثمارات العامة نتيجة الفساد الإدارى من جهة وعدم تطبيق مبادئ الإدارة الحديثة فى تنفيذ هذه المشروعات.
4. الزيادات فيما يخص الرواتب والأجور هى زيادات اسمية وليست حقيقية كونها لا تؤدى إلى زيادة القوة الشرائية لأفراد المجتمع المذكور.
. 5 زيادة خدمة (فوائد) الديون العامة.
6 . زيادة الإنفاقات الحكومية بشكل عام (مبانى حكومية فاخرة، سيارات ومكاتب وسكرتاريه وخلافه من مظاهر البذخ الملحوظة).
.7جمود الأنظمة الضريبية نتيجة عدم قدرتها على الاستجابة وتقديم السياسات الملائمة التى تعمل على معالجة الضغوط التضخمية من جهة وانخفاض القوة الشرائية للنقود من جهة أخرى، فضلا عن زيادة العجز فى ميزان الصادرات، وانخفاض نسبة نمو الناتج المحلى الإجمالى بالتالى انخفاض متوسط نصيب الفرد من هذا الناتج، بالإضافة إلى متغيرات سلبية أخرى متمثلة فى ارتفاع البطالة.
طرق العلاج:

ولمواجهة ذلك العجز فى الموازنة فهناك رؤيتان متعاكستان وهما:
أولاً: رؤية صندوق النقد الدولى وهى علاج العجز من خلال تقليص دور الدولة) وذلك من خلال الآتى: التخلص من الدعم الاقتصادى الذى تتحمله موازنة الدولة.

• إجراء تخفيض فى بند النفقات التحويلية ذات الطابع الاجتماعى وخصوصاً ما يتعلق بدعم الأسعار التموينية والضرورية.
• زيادة أسعار الطاقة والاقتراب من الأسعار العالمية.
• رفع الدولة يدها تدريجياً عن الالتزام بالتوظيف وتعيين الخريجين.
• أن تكف الدولة عن الدخول فى مجالات استثمارية التى يمكن للقطاع الخاص الدخول فيها.
• وأخيراً... يجب وضع حدود للائتمان المصرفى المسموح به للحكومة والقطاع العام، ووضع حد أقصى لإجمالى عجز الموازنة ونسبته للناتج المحلى.
ثانياً: رؤية منظور التنمية المستقلة
وذلك يكون من خلال:

دعم طاقة الدولة الضريبية: عن طريق وصول الضريبة إلى شتى أنواع الدخل والمجالات الممكنة، وذلك عن طريق زيادة الضرائب المباشرة مثل (الضرائب العقارية والضرائب على أرباح رءوس الأموال والضرائب على الدخل وعن طريق زيادة الضرائب غير المباشرة التى تتسم بالتنوع.

ترشيد الإنفاق العام، حيث أهم مجال للإنفاق العام يمكن الضغط عليه وهو الاستهلاك الحكومى غير الضرورى مثل (الأبنية الحكومية الفاخرة – السيارات ...الخ ) مكافحة التهرب الضريبى.

القضاء على الرشوة والفساد الإدارى
إلغاء الإعفاءات والامتيازات الضريبية.
دعم كفاءة جهاز التحصيل.

مخاطر عجز الموازنة:

لقد رصد المختصون هذه المسألة فتبين لهم أن هناك عدد كبير من المخاطر أهمها:

•عادة ما يؤدى عجز الموازنة إلى الاقتراض، أى سحب الموارد والأموال التى كانت جاهزة لزيادة الاستثمار الخاص - خاصة فى مجالات الصناعة والتجارة - مما يؤدى إلى انخفاض كمية الإنتاج.

•وفى أغلب الأحيان يوقع العجز بالدولة فى حالة تضخم، وذلك لأنها تضطر إلى إصدار كميات إضافية من النقود دون زيادة رصيدها فتكون النتيجة انخفاض قيمة العملة وحدوث التضخم.

إن التصدى لعلاج العجز بالموازنة العامة للدولة، من الأمور الجوهرية التى تتصدر أى برنامج جاد لمكافحة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تعانى منها أغلب البلدان النامية، إذ ثبت أن استمرار هذا العجز له علاقة وثيقة بانفجار قوى التضخم، وبأزمة المديونية الخارجية.

من هنا لا يوجد خلاف حول ضرورة علاج هذا العجز، لكن الخلاف الجوهرى يتمحور حول كيفية العلاج ووسائله وعلى من يقع عبء هذا العلاج ، ولذلك لابد من التعجيل بتنفيذ بعض المواد الأساسية من الإن إذا ما أردنا أن نقل خروج الموازنة من العناية المركزية مثل:
- وضع حد أقصى للأجور لاسيما مع ظهور ملامح الدستور الجديد لمصر والذى سيجرى العمل على تطبيقه إذ ما تم الاستفتاء عليه بنعم للأغلبية من أبناء لشعب المصرى.
- ضم الصناديق الخاصة.
- ترشيد الإنفاق الحكومى ومحاسبة المخالفين.
- تهيئة المناخ الجاذب للإستثمار عن طريق تحقيق لأمن والاستقرار للمستثمر فرأس المال جبان.
وأقول للحكومة الحالية ليس من الفطنة فى هذه لظروف العصيبة التى تمر بها البلاد من حالة عدم الاستقرار فرض ضرائب جديدة، لأن المواطن وحده هو الذى سيدفع ثمن فاتورة تلك الضرائب – حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة