أصدرت لجنة الحريات بنقابة المحامين، الجبهة التى أطلقت على نفسها "الإنقاذ الوطنى"، تقريرها النهائى بشأن الاستفتاء على الدستور المصرى، تحت عنوان "يوم الإعلان عن نتيجة الاستفتاء يوم أسود فى تاريخ مصر".
وقالت اللجنة فى تقريرها: إنها اجتمعت قبيل الاستفتاء وقررت بأغلبية الأعضاء متابعة ومراقبة الاستفتاء على الدستور بمرحلتيه، بصفة مستقلة ومتجردة عن أى هوى لفصيل سياسى أو منظمة، أو أى جهة أخرى، برغم تحفظ اللجنة الشديد على الدستور، وما يحتويه من مواد تهدم أركانا أساسية قامت من أجلها ثورة 25 يناير، وما نادت به من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية، خاصة بعد أن سدت أمام اللجنة جميع المنافذ لإدخال تعديلات على هذه المواد، أو إرجاء الاستفتاء لوقت آخر بعد إحداث توافق مجتمعى حول الدستور، ولما أصبح الاستفتاء واقعا لم نتمناه، كانت المشاركة فى متابعة إجراءاته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وأوضح التقرير، أن اللجنة شكلت غرفة عمليات خاصة لمتابعة الاستفتاء، ورصدت عدة مخالفات جسيمة تؤثر تأثيرا سلبيا فى النتيجة النهائية للاستفتاء، وطالبت من اللجنة العليا تحقيقها قبل الإعلان عن نتائج الاستفتاء، ومن أهمها، منع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم فى مرحلتى الاستفتاء، وذلك بإبقاء المواطنين أمام اللجان فى صفوف طويلة جدا، ولوقت طويل، ما أدى لانصراف الكثير منهم دون التمكن من الإدلاء بأصواتهم، وهذا يرجع إلى سببين، الأول أن الاستفتاء تم إجراؤه على يوم واحد فقط، بالمخالفة لكافة الاستفتاءات والانتخابات التى أجريت بعد 25 يناير، جراء القرار الجمهورى الذى أصدره رئيس الجمهورية بتحديد يوم واحد للاستفتاء، والسبب الثانى هو عدم وجود إشراف قضائى كامل على عملية الاستفتاء، بعد رفض الهيئات القضائية الإشراف عليه، مما أدى باللجنة العليا بحسب ما أعلنت إلى إسناد أكثر من صندوق لإشراف عضو الهيئة القضائية الواحد، وصلت فى بعض اللجان الفرعية إلى ضم أكثر من خمسة صناديق تحت إشرافه.
وأشارت اللجنة إلى أن هذين السببين الرئيسيين اللذين تسببا فى إعاقة المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم يتحمل مسئوليتهما رئيس الجمهورية، واللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء، بالإضافة إلى أن الاستفتاء جرى فى جو من الحزن والانقسام الشعبي، حيث كان الشعور السائد بين الموطنين هو القلق والتوتر، وحدث الكثير من المشادات والاشتباكات التى عكست ذلك.
ولفت التقرير، إلى أنه حدث فى كثير من اللجان تصويت جماعى وتوجيه من جماعة الإخوان المسلمين للمواطنين بالتصويت بـ"نعم" باستخدام الدعاية، وكان هذا ملحوظا أمام اللجان النائية والمناطق الشعبية والأرياف، ورصدت اللجنة امتناع كثير من رؤساء اللجان الفرعية عن إبراز هوياتهم القضائية، وإن كان هناك البعض القليل جدا من أعضاء الهيئات القضائية قد بادروا إلى إبراز هوياتهم، كما لم تحدد اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء قناة اتصال واحدة مع لجنة الحريات، ولم تستدل اللجنة على أى قناة اتصال أخرى مع اللجنة العليا، وافتقدت أى تنسيق معها، وفوجئت اللجنة بوجود تصريحات مراقبة تقدر بالآلاف صادرة من المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى بعض المراقبين باعتبارهم أعضاء فى لجنة الحريات، دون علم من اللجنة ودون تنسيق معها ودون تحقق من انتسابهم إليها، وهذا الأمر هو محل تحقيق داخلى باللجنة بعد أن وردت إليها عدة شكاوى.
وعدد التقرير عددا من المخالفات التى شابت عملية الاستفتاء أيضا منها: عدم وجود نص للدستور فى ورقة الاقتراع، فكانت الورقة عبارة عن ورقه عادية مدون بها خانتين "موافق" أو "غير موافق"، وهو ما يعتبر مخالفة قانونية صارخة، لأن الدستور هو عقد بين الدولة والمواطن ومن ثم خلا الاستفتاء من نص العقد، فضلاً عن وجود أوراق اقتراع فى بعض اللجان منها ما هو مختوم، ومنها ما هو غير مختوم، ولم توضح اللجنة العليا هذا الأمر، وتلاحظ وجود طوابير وهمية أمام اللجان فى المرحلتين لا يصوت من يقف فيها بغرض تفويت الفرصة على المواطنين فى الإدلاء بأصواتهم، كما تلاحظ دمج عدة لجان بعضها إلى بعض بحيث أصبحت اللجنة الواحدة بها أكثر من ستة آلاف ناخب على الأقل، ونظرا لضيق وقت الاقتراع لم يتمكن حوالى ثلثى المواطنين ممن لهم حق التصويت من الإدلاء بأصواتهم، الأمر الذى شكل إخلالاً بحق المواطنين فى التعبير عن آرائهم، وكأن الأمر مدبر لتمرير الدستور بأية طريقة كانت.
وأكد التقرير، أنه تلاحظ وجود أتوبيسات نقل جماعى لنقل الناخبين إلى لجان بعينها للإدلاء بأصواتهم، وتلاحظ وجود بعض الأشخاص داخل اللجان باعتبارهم رؤساء للجان لم تستطع اللجنة التحقق من صفاتهم القضائية، ولم تتخذ اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات الإجراءات القانونية ووقف سير الاستفتاء لهذه المخالفات، وتلاحظ وجود بعض يافطات تشير على الاقتراع بـ"نعم" فى بعض اللجان على مستوى المحافظة، وتلاحظ وجود أوراق الاقتراع خارج اللجان، ويقوم الناخب بتسويدها قبل الدخول وإيداعها فى الصندوق، ووجود أوراق اقتراع تم تسوديها كانت مع ناخب لإيداعها فى الصندوق، وقد بثت إحدى القنوات الفضائية هذه الواقعة، وحرر رئيس اللجنة محضرًا بذلك، وتلاحظ وجود اقتراع جماعى داخل اللجان، ووجود توجيهات لبعض الناخبين للإدلاء بـ"نعم" سواء خارج اللجان أو داخلها، ولم تبحث اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء جميع الشكاوى التى وردت إليها، وتعجلت فى إعلان نتيجة الاستفتاء دون مقتضى.
وأوضحت اللجنة فى تقريرها، أن الاستفتاء الذى جرى على الدستور بمرحلتيه هو استفتاء باطل ومزور، وأن اليوم الذى أعلنت فيه اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء نتيجة الاستفتاء على الدستور، وهو يوم الثلاثاء الموافق 25/12/2012، حيث تعتبره اللجنة يوما أسود فى تاريخ مصر، كما أن اللجنة لا تزال على موقفها المقاطع للمستشار النائب العام المعين من رئيس الجمهورية، لحين قيام المجلس الأعلى للقضاء بالفصل فى مدى مشروعية شغله للمنصب من عدمه، وتؤكد اللجنة على موقفها الثابت بأن الدستور الذى جرى الاستفتاء عليه هو دستور باطل أنتجته جمعية تأسيسية باطلة لا تمثل جميع أطياف الشعب المصرى، ولا يلبى مطالب وطموحات الشعب، ولا يحقق مبادئ وأهداف ثورته.
يذكر أن لجنة الحريات بنقابة المحامين منقسمة إلى جبهتين، إحداهما تتبع محمد الدماطى وكيل نقابة المحامين ومقرر لجنة الحريات، والمتحدث الرسمى باسمها هو طارق إبراهيم منسق اللجنة، والأخرى تميل إلى مقرر اللجنة خالد أبو كريشة، عضو مجلس نقابة المحامين، وإيهاب البلك، والمتحدث الرسمى باسمها أسعد هيكل.
"حريات المحامين": يوم الإعلان عن نتيجة الاستفتاء "أسود فى تاريخ مصر"
الجمعة، 28 ديسمبر 2012 11:48 ص