د.عبد الجواد حجاب يكتب: هنيئا للمصريين دستور بطعم الثورة

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012 07:39 م
د.عبد الجواد حجاب يكتب: هنيئا للمصريين دستور بطعم الثورة الاستفتاء - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى يوم آخر من أيام مصر المشهودة اصطف المصريون فى طوابير الحرية التى تعود العالم على رؤيتها بعد ثورة 25 يناير ليعبر عن إرادته الحرة فى صناديق نزيهة تحت إشراف قضاة مصر العدول وفى حماية البواسل من أبناء القوات المسلحة.

النتائج النهائية أظهرت أن الأغلبية من أبناء الشعب تواقة إلى الاستقرار والخروج من عنق الزجاجة، إلى المرحلة الدستورية.

الآن فقط أستطيع أنا والكثير ممن يحبون الخير لبلادهم أن ننام ونطمئن بعد ميلاد الجمهورية الحديثة مصر الديموقراطية والدستورية.

استراحة لشعب مجاهد واستعداد لبدء مرحلة البناء الحقيقية التى مازالت تحمل لها رياح التغيير والثورة الكثير من التحديات الكبيرة والخطيرة.
انبلاج فجر مصر الدستورية يعنى انتقالنا من مرحلة الصفيح الساخن والعراك السياسى، والصراع العلنى بالشوارع والفوضى والانفلات إلى مرحلة أقل سخونة وحراك سياسى وفق آليات الديموقراطية الحقيقية، وبناء دولة المؤسسات والانطلاق إلى وضع حجر الأساس للنهضة الاقتصادية التى نحلم بها كثيرا.

مع هدوء عواصف وتوابع الثورة وتراجع غيوم الماضى المخلوع ومحاولات البحث عن الاستقرار السياسى والأمنى وفى محاولة لمراجعة النفس ومحاسبتها ودقة المرحلة ومخاطر التحول من الضرورى أن نطرح بعض التحديات التى يمكن فهمها أو مواجهتها:

أولا: لا أحد ينكر أن هذا الدستور عمل بشرى لا يحمل صفة الكمال، ولا يحمل أى قداسة لأنه قابل للتعديل فى أى يوم وفى كل وقت وخاصة أن الدستور الجديد خرج مع مخاض ملىء بآلام الاستقطاب، ومخاطر الانقسام.

لاشك أن ميلاد الدستور الجديد أجبرنا على تحمل أعباء عملية جراحية دقيقة لغلق جرح عميق والقضاء على مؤامرات كثيرة وإنهاء صراع القوى والطوائف المتنافسة فى المجتمع حول مواد هذا الدستور.
ثانيا: لا أحد ينكر أن هذا الدستور خرج من رحم الثورة المصرية المباركة، ولولا دماء الشهداء الأبرار من شبابنا النبيل ما كان الدستور، ولا أحد ينكر أن مصر الآن، أصبح لديها دستور بطعم ثورة 25 يناير المجيدة.

ثالثا: لا أحد ينكر أهمية التنوع الذى تتميز به مصر، لا أحد ينكر ضرورة الخلاف والتباين فى الآراء والرؤى، وكلنا ارتضينا بالديموقراطية والرجوع لإرادة الشعب لحسم هذه الخلافات، وكلنا ارتضينا بقواعد اللعبة الديموقراطية وعلينا الانصياع لما تأتينا به صناديق الحرية.

رابعا: كلنا مصريون وكلنا وطنيون وكلنا نحب مصر، ونقدس المصلحة العليا لمصر، وكلنا نعمل لصالح أهداف متفق عليها لثورتنا وهى معروفة "عيش حرية عدالة وكرامة" لذلك هناك ثوابت لا يمكن الاختلاف عليها تحتم علينا جميعا الجلوس إلى موائد الحوار للتحاور بدون شروط أو سقف أو زمن.

خامسا: لا نعرف فى هذا العالم ديموقراطية بدون معارضة قوية والاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، وهنا أتذكر قول الشاعر بيرم التونسى "ولولا النقاد لهلك الناس، وطغى الباطل على الحق، ولامتطى الأراذل ظهر الأفاضل، وبقدر ما يخفت صوت الناقد يرتفع صوت الدجال".

سادسا: لابد من التخلص مما يعرف بالمواقف الزئبقية بمعنى مواقف انفعالية ومتغيرة بل سريعة التغير، وكما يقول المثل كل يوم فى حال والتى تتخذ كنوع من المكايدة السياسية والتى نراها كالمواقف المتناقضة، أيضا لابد من التخلص من المواقف الصلبة والتكلس السياسى، والذى يظهر فى صورة عناد سياسى يؤجج مشاعر الغضب والصراع. أيضا لابد من ترشيد المظاهرات والتباهى بالمليونيات والتى زادت لحد فقدان معانيها وأهميتها عند الشعب.

سابعا: لعلنا نتفق على أن إحدى حسنات الدستور الجيد كانت فى مادة تطبيق العزل السياسى، على قيادات الحوب المنحل وأقطاب النظام المخلوع، وبصراحة كان من العار أن يحدث ما حدث فى انتخابات الرئاسة والوقوف مع مرشح النظام المخلوع، وأيضا كان من العار أن نرى فلول النظام السابق يهتفون مع الثوار فى ميدان التحرير، وكذلك وقوفهم مع القضاة فى ناديهم ومحاولاتهم تسييس القضاء المصرى الشريف.

أعتقد أن ما شاع وانتشر من دخان عدم الثقة بين حلفاء الميدان كان وراءه خطط هذه الفلول الضالة والتى لا تخلو منها أى مؤسسة فى الدولة بهدف ضرب الثورة وتغيير مسارها بأى أسلوب حتى لو وصل الأمر إلى حرب شوارع لا قدر الله كما وعدنا الرئيس المخلوع وأخيرا هددنا الجنرال الهارب.

ثامنا: لا يمكن أن ننسى أن العدو الأول لمصر هى دولة الكيان الصهيونى، والعدو الأول لثورتنا المصرية هم الفلول الضالة والمضللة، ويقف وراءهم الكثير من الدول المتربصة بالثورة المصرية بأساليب مختلفة أهمها المال الذى يمول البلطجية والفوضويين ثم الإعلام الذى يروج الإشاعات والأكاذيب بشكل يحدث بلبلة وعدم ثقة ويجبرنا على العيش فى نظرية المؤامرة.

تاسعا: لابد من تدارك الأزمة الطاحنة التى عصفت بواقعنا السياسى فى مصر وما نتج عنها من خسائر سياسية كبيرة فى مسيرة الانتقال الديموقراطى، حيث إننا جميعا خرجنا عن قواعد التنافس السياسى الحضارى وتخطيناه إلى العنف اللفظى والمادى لنصل إلى السب العلنى والدعوة إلى القتل والحرق وتغلبت ثقافة كراهية الآخر على ثقافة الديموقراطية وقبول الآخر.

عاشرا: أعتقد أننا جميعا لا نوافق ولا نرضى أن يتجرأ كائنا من كان على الشعب المصرى العظيم، ويصفه بالجهل تارة والفقر تارة مشككا فى الوعى السياسى وصحة الخيارات لهذا الشعب.

إنها ثقافة الفلول الضالة التى أقنعت البعض بأن الثورة تم خطفها من فصيل معين والحقيقة أن الشعب اختار وأعطى ثقته لمن يرى فيه الأمل فى إصلاح أحوال هذه البلاد.

لايشك أحد أن قيادات الحزب المنحل ورجال أعماله الذى نهبوا مقدراتنا وقياداته المتغلغلة فى مفاصل الدولة المهمة مثل الشرطة والجيش والقضاء والإعلام ووراءهم جيوش من البلطجية كلهم يخافون على الامتيازات التى منحت لهم من النظام المخلوع وأيضا مرعوبون من أن يؤدى بهم الحكام الجدد إلى أقبية السجون.

إنها الثقافة التى وجهت سهامها إلى الرئيس الشرعى ومؤيديه ومعارضيه من القوى الوطنية فكان القتل والحرق والحصار. إنها ثقافة الفلول ولاعلاقة لها بالثوار الذى اعتنقوا السلمية للتعبير عن احتجاجاتهم وآرائهم.

وأخيرا من على هذا المنبر الحر أقول لكل مصرى مبروك لمصر دستور بطعم الثورة، ما هو إلا شهادة ميلاد مصر الديموقراطية الدستورية الحديثة وانتهاء المرحلة الانتقالية الخطيرة وانتهاء مرحلة الدولة الرخوة وانطلاق مصر القوية المستقرة.

لقد دفع أعداء الثورة مليارات الدولارات لمنع هذا الميلاد السعيد، استخدموا كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لمنع الدستور وإيقاف الاستفتاء والبقاء فى مستنقع الفوضى والاستقطاب وبث روح عدم الثقة بين الشركاء والشرفاء.

والآن مصر فى حاجة إلى العقلاء والشرفاء لوضع آليات لإدارة الخلاف السياسى ومواثيق شرف إعلامية وسياسية لا يمكن تخطيها.

اليوم نطالب بحكومة جديدة تكون مهمتها استكمال مشوار التطهير والإعداد للانتخابات البرلمانية. اليوم نطالب مجلس الشورى فى الإسراع فى وضع التشريعات الضرورية لاستقلال القضاء والقصاص للشهداء واسترجاع الأراضى والأموال المنهوبة.

الدستور فتح كافة الطرق للبناء والتطهير والحوار والتوافق وكذلك سد الكثير من مسالك الفتن التى تحاك ضد مصر.
وأخيرا اليوم فقط يمككنا أن ننام قليلا وننعم بالطمأنينة والسكينة استراحة محارب مازال أمامه طريق طويل من النضال والبناء. هنيئا لمصر والمصريين بدستور بطعم الثورة.





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

Yahya Ali

احلى احلى احلى احلى كلالالالالالالالالالالالالالالالالالالام

عدد الردود 0

بواسطة:

خليل حميده خليل

الديموقراطية والغوغائية

عدد الردود 0

بواسطة:

nabhl

الله

هكذا يكون التحليل عنندما تخلو النفس من الهوي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة