أرسل (م.ع) إلى افتح قلبك يقول:
عمرى 45عاما، تزوجت منذ 20 عاماً بفتاة أحببتها ولازلت أحبها (حتى النخاع)، لى منها 4 أولاد أكبرهم فى الجامعة، عشنا فى سعادة أغلب حياتنا الزوجية، وأقول أغلبها لأنى أقصد الفترة التى كنا نعيش فيها أنا وهى وأولادنا سويا بعيدا عن الأهل ومشاكلهم، فقد قضينا أغلب زواجنا بالخليج، لكن الحال تبدل تماما بعد عودتنا إلى مصر، فالضغط المادى والنفسى من جانب، وتدخل الأهل الرهيب من جانب آخر، حتى وصل بنا الحال إلى أن اتفقنا على الانفصال بهدوء وبشكل محترم، وبالفعل تم الطلاق على يد مأذون، واتفقنا على المبلغ الشهرى الذى سأرسله لها، وعلى كل تفاصيل التعاملات بيننا.
لكن لك أن تعلمى يا دكتورة، أن هذه هى الطلقة الثالثة، قد تتعجبين، وقد تتعجبين أكثر أنى أنا نفسى ذهلت عندما أدركت فجأة أنها كذلك، وأنه لم يعد هناك مجال لأن نعود سويا من جديد...المرة الأولى كنا نتشاجر فيها، فقالت لى (طلقنى)، فرددت عليها بمنتهى السرعة والبساطة (أنت طالق)، لا أعرف كيف؟ وكأنى كنت لست أنا من يتكلم حينها، أما المرة الثانية فأنا لا أذكر تفاصيلها بدقة، فقد كانت منذ سنوات طويلة، والتى ذكرتنى بها أختى، لأنها كانت موجودة وشاهدة على الموقف، وهو كالتالى: جاءت أختى لزيارتنا ورفضت زوجتى الخروج لمقابلتها وتحيتها، فحلفت عليها أن تخرج وإلا ستكون طالق، وحدث أنها لم تخرج حينها، فهل تعتبر هذه طلقة؟... لا أعرف، ولكنى أنا وزوجتى خوفا من الوقوع فى الحرام اعتبرناها طلقة صحيحة، وبالتالى فإن طلاقنا الأخير كان هو الثالث والفاصل، الذى فصل بينى و بين زوجتى نهائيا.
تركت بيتى لأولادى وأمهم (يعز على أن أقول طليقتى)، وسكنت مع والدى ووالدتى لفترة، حتى تزوجت من امرأة مطلقة، فاضلة ومتدينة ومهذبة، تحبنى وتحسن معاملتى إلى أقصى درجة، وأنا أخاف الله فيها وأحاول أن أكذب عليها وأقول لها أنى أبادلها نفس الشعور، إلا أنى وبمنتهى الأمانة لا أفعل، فلا هى ولا غيرها يستطعن أخذ مكان زوجتى الأولى فى قلبى...هذه هى الحقيقة بكل أسف.
بعد زواجى الثانى بـ 8 شهور فقط جاءت لى فرصة السفر إلى الخليج من جديد، وسافرت بالفعل ولكن بمفردى هذه المرة، فلم أصحب معى زوجتى الثانية لعدم توافر الظروف المناسبة، ولن أكذب عليكى يا دكتورة، فما أن ابتعدت عنها، وما إن عاد التواصل (الهاتفى) بينى وبين زوجتى الأولى حتى غلبنى الحنين للعودة إليها وإلى أولادى وإلى بيت يجمعنا معا كما كنا فى الماضى، لم يعد لى رفيق فى غربتى غير الندم والحسرة على ما فات، ولكن كيف السبيل؟!.
لم يعد هناك مجال للإنكار، فأنا أتمزق كل يوم ألما على فقدانى لزوجتى وحبيبتى، وكم أتمنى أن أستيقظ يوما ما لأكتشف أنى كنت أحلم، وأنى لازلت قادر على إكمال بقية عمرى معها، أنا فى معضلة كبيرة، وعذاب حقيقى، ولا أعرف ما الحل؟
فأولا أنا لا أعرف هل فعلا الطلقة الثانية - التى قصصت لك قصتها - تلك صحيحة أم لا؟ وثانيا إذا كانت غير صحيحة أخشى إن رددت زوجتى الأولى وعدت إليها، أن أظلم الثانية أو أن أصدمها وأجنى عليها، فهى تحبنى جدا ولن تتقبل ذلك بسهولة، وثالثا وحتى لو قبلت زوجتى الثانية بالأمر، فإن زوجتى الأولى لا تعلم شيئا إطلاقا عن أمر زواجى الثانى، فكيف لى أن أتصرف حيال ذلك الأمر؟...أعرف أن الموقف معقد، ولكنى تعبت من التفكير وحدى وأتمنى لو أجد عندك حلا أو معينا.
وإليك سيد (م) أقول:
هل تعرف الحكمة من وراء أن نقع فى المشاكل ونمر بالمواقف الصعبة فى حياتنا يا سيدى؟ هى أن نخطئ ونتعلم من أخطائنا، ولنعرف مواطن السلبيات فينا، ولنتحسس نقاط ضعفنا، ثم نصلح من كل ذلك، ونقومه ونعدله ما استطعنا، حتى ننضج ونصبح أفضل فى المستقبل، ونستمر فى التحسن على مر الزمان..
لكن سامحنى أنا لا أراك فعلت أيا من هذا على مدار العشرين عاما السابقة، فخطؤك الدائم ونقطة ضعفك الأساسية هى (التسرع)، والتى لا أعتقد أنك انتبهت إليها وحاولت علاجها حتى الآن، فهل من المعقول أن تطلب منك زوجتك وحبيبتك التى تحبها (حتى النخاع) - على حد قولك- الطلاق فى ساعة غضب، فتنفذ لها طلبها كهذا؟ بمنتهى السهولة والبساطة والتلقائية والسرعة؟!!.
ثم تمر الأيام ويأتى موقف آخر - موقف زيارة أختك - كان لك أن تغضب فيه وتهدد بما شئت، لكن ألم يكن هناك حل آخر غير (لو لم تفعلى ستكوننى طالق؟)، ألم تترك أى احتمال لعند زوجتك أو حتى قلة عقلها فى هذه اللحظة؟، ألم تفكر فى أنها قد لا تفعل ولو باحتمالات ضعيفة؟، ألم تتعلم من سابق تسرعك فى فراقها وهدم بيتكما؟...
وبعد كل تلك العشرة الطويلة الجميلة المثمرة، والتى كانت أغلبها سعيدة كما تقول، وبعد أن تيقنت من أنك تحب زوجتك وأنك لا تستطيع العيش بدونها وبدون أولادك، وبعد أن جربت ألم الفراق مرتين بدلا من مرة واحدة، تستلم هكذا بسهولة إلى الضغوط ومشاكل الأهل وتطلقها للمرة الثالثة؟!!.. هل هذا يعقل يا سيدى؟
بل والأكثر من ذلك أنك وبعد كل هذا لم تنتظر حتى لتفكر فيما مضى وفى كيفية إصلاحه، لا إطلاقا، بل سارعت بالدخول فى زيجة ثانية، وحياة ثانية، ومسئوليات ثانية، فوجدت نفسك تشكو من كل هذا إلى جانب ما كنت تشكو منه من ارتباك ومشاكل فى زيجتك الأولى، والتى لا تزال عالقا فيها بالفعل، ماديا ومعنويا.
وها أنت الآن وكالعادة تفكر فى كيفية إنهاء الموقف بسرعة، بالبحث عن أى طريقة للعودة إلى حياتك الأولى، والتخلص من الزيجة الثانية التى دفعت بنفسك فيها، لكن بدون خسائر لجميع الأطراف!!...وكيف هذا؟!!.
سيدى اعذرنى لو كان كلامى قاسيا، ولكنك فعلا بحاجة شديدة إلى أحد يلفت انتباهك إلى أن المشكلة الحقيقية كانت فى طريقة تصرفك وتناولك للأمور بسرعة وبرعونة وربما ببساطة أكثر من اللازم، وهذا الأسلوب لن يوفر لك أى نوع من أنواع الأمان أو الاستقرار يوما ما، لا مع زوجتك الأولى ولا الثانية ولا غيرهما، أنت بحاجة أولا إلى عمل (وقفة) جادة مع نفسك، تفكر فيما فعلته، وكان يجب ألا تفعله، وفيما لم تفعله وكان يجب أن تفعله، هكذا نتعلم وننضج كلنا، وهكذا يصبح الإنسان أكثر عقلا وحكمة مع الأيام، فالمشكلة الرئيسية ليست فى عودتك إلى زوجتك من عدمه فى رأيى، لأنه ربما تمر الأيام وتتغير الظروف وتتمكن من رد زوجتك الأولى والعودة إلى بيتك وأولادك، ولكنى أشك أنك قد تتسرع مجددا فتنفصلا من جديد، وكأن شيئا لم يحدث، وكأنك لم تنكوى بالألم من قبل.
بالنسبة لسؤال حضرتك عن صحة الطلقة الثانية من عدمه، فأنا بكل تأكيد لست الشخص المناسب للرد على هذا السؤال، فهناك الكثير من الجهات المتخصصة التى يمكنك الذهاب إليها وشرح الأمر بالتفصيل لها، وأخذ الفتوى منها، سواء بمصر (كدار الإفتاء أو الأزهر الشريف)، أو فى خارجها بالدولة الخليجية التى تقيم حضرتك فيها، قد يكون الأمر متطلبا لبعض الجهد ، ولكن من المؤكد أن الأمر يستحق، فعليك السعى لمعرفة الفتوى الصحيحة علها تكون فرصتك الأخيرة لتتعلم الدرس، والعودة مجددا إلى زوجتك وبيتك وأولادك.
أما إذا حدث وكانت الفتوى بصحة الطلقات الثلاث، وبالتالى فى عدم قدرتك على رد زوجتك الأولى مرة أخرى، إلا بعد زواجها هى الأخرى من غيرك، وطلاقها منه، فيؤسفنى أن أقول لك... لقد انتهى الدرس، هو فعلا درس قاسٍ، لكنه كان لابد له وأن يكون هكذا، حتى تتعلم منه، فقد كانت لديك الفرصة سابقا للتعلم من دروس أخرى أقل ضررا وإيلاما وقسوة، ولكنك بكل أسف لم تفعل...
أقدر تماما ألمك، وحزنك على تشتت شملك أنت وأولادك، لكنه القدر، الذى ليس لنا إلا أن نسلم به، ونتعلم منه هذه المرة، ومن يعرف؟، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا؟
أما بالنسبة لزوجتك الثانية فنصيحتى تمهل كثيرا وفكر جيدا قبل اتخاذ أى قرار بشأنها، فهى لم تذنب فى حقك، بل على العكس كانت لك نعم الزوجة كما تقول، وربما تكون هى هدية الله لك لتخفف عنك ما أنت فيه من ألم ووحدة وفراق، وأشكر لك أنك تتقى الله فيها، وتحاول أن تبادلها الحب والمشاعر الطيبة، حتى ولو كان من وراء قلبك، لكنه فى النهاية أمر محمود وخير تشكر عليه.
سامحنى لو خيبت ظنك، فأنا لن أستطيع أن أجد لك مخرجا أو حلا، ولن أستطيع أن أشور عليك بأن تترك هذه أو تعود لتلك، فهذا قرارك وحدك، لكنى أرجوك أن تخرج من كلامى هذا بشىء واحد فقط، وهو أنك يجب عليك أن تتمهل وتفكر أكثر ياسيدى، فى كل شىء، خاصة فى مثل تلك الأمور التى تغير مصائرنا إلى الأبد.
للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك: h.yasien@youm7.com
د. هبة ياسين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
eng.dody
للأسف كتير من الرجاله بيلعبو بكلمة الطلاق
عدد الردود 0
بواسطة:
م.ع
أنا صاحب الرسالة
عدد الردود 0
بواسطة:
ح. ن
وتفيد بايه ياندم؟
عدد الردود 0
بواسطة:
khadigaa
يارب ترجعوا :)
عدد الردود 0
بواسطة:
اللة معك
الرجال قوامون على النساء