كارنيجى: ثورة مصر أدت إلى ثمار مريرة من صراعات واتهامات متبادلة وعنف وخوف.. الاستفتاء الدستورى كشف بشكل واضح عن خطايا المرحلة الانتقالية.. والأمل يبقى فى مراجعة كافة الأطراف السياسية لحساباتها

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012 11:47 ص
كارنيجى: ثورة مصر أدت إلى ثمار مريرة من صراعات واتهامات متبادلة وعنف وخوف.. الاستفتاء الدستورى كشف بشكل واضح عن خطايا المرحلة الانتقالية.. والأمل يبقى فى مراجعة كافة الأطراف السياسية لحساباتها صورة أرشيفية
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال مركز كارنيجى الأمريكى للسلام الدولى، إن الثورة التى شهدتها مصر قد أسفرت عن ثمار مريرة من صراعات سياسية واتهامات غاضبة بين الأطراف المختلفة، وعنف فى بعض الأحيان وخوف.

وفى تقرير للمركز كتبه الخبير فى شئون مصر ناثان براون، قال كارنيجى إنه بعد نجاح المصريين فى الإطاحة بحاكمهم المستبد حسنى مبارك فى فبراير 2011 بعد احتجاجات ضخمة فى جميع أنحاء البلاد، بدا فى تلك اللحظة السياسية النقية ظاهريا أنه من السهل إتمام انتقال سلمى لمستقبل ديمقراطى عادل ومفتوح وأكثر ازدهارا. لكن بعد أقل من عامين، تحولت هذه النشأة الديمقراطية إلى واقع سياسى صعب. فقد تمت الموافقة على دستور جديد، لكن الأرقام المبدئية تشير إلى أن أقل من الثلثين هم من وافقوا، وهى نسبة منخفضة جدا فى دولة اعتاد الناخبون فيها على قول نعم، وبنسبة إقبال تقل عن الثلثين. واليوم يبدو أن ثمار الثور مريرة، فقد أدت إلى صراعات سياسية بين الأشقاء واتهامات غاضبة وعنف فى بعض الأحيان، وخوف.

ويتابع التقرير قائلا: لقد قام بثورة مصر مجموعة من النشطاء ذوى الأجندات المختلفة، وحشود من المواطنين العاديين الذين دخلوا إلى السياسة لأول مرة، كان كوادر الإخوان المسلمين منضبطين مع الحذر، فى حين ظلت أجهزة الدولة إما بمعزل أو كانت غير قادرة على الدفاع عن النظام السابق. لكن نفس الخصائص التى خدمت قضية التغيير السياسى فى أوائل عام 2011 أدت فى وقت لاحق على ترسيخ الشكوك والسلوك المشتبه فيه.

وعند هذه النقطة، يقول كارنيجى، بدت خطايا العام ونصف العام الماضيين واضحة للغاية، لاسيما فى ضوء المرارة التى تولدت على كافة الأصعدة بسبب الاستفتاء الدستورى. وربما يكون الأمر مسألة أغلبية من الإسلاميين ومعارضة غير إسلامية لا تتسم بالكفاءة، وعناصر للدولة العميقة، لكن الخطايا أكبر بكثير.

ويشير تقرير كارنيجى إلى أن أول الخطايا التى شهدتها المرحلة الانتقالية فى مصر هى العملية نفسها والتى وصفها براون بالمعيبة.. ويقول الكاتب إن المصريين يعملون فى إطار يصعب على الملائكة أن يديروه بشكل عادل. فالعملية الانتقالية لم تكن مصممة بشكل سيئ، ولكنها لم تكن مصممة على الإطلاق.. وتكمن الخطيئة الأساسية فى التحول فى سلسلة من القرارات قصيرة النظر اتخذتها الأطراف الفاعلة بحسن نية فى فبراير ومارس 2011.. فقد كان هناك وقتها الكثير من النقاشات حول تسلسل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وكتابة الدستور، لكن أغلب هذا النقاش غاب عنه الهدف، وأعمى المحللين والنشطاء عن الأخطاء الحقيقية التى كانوا يرتكبونها.

أما الخطيئة الثانية فتتعلق بالتنفيذ.. فمع تعثر العملية الانتقالية، لم يكن هناك شىء يشغل القوى السياسية المختلفة سوى الإغراءات التى كان سببا فيها الحسد المتبادل والغضب من الخصوم والطمع فى السلطة السياسية. فالثغرات التى تم فتحها فى مارس 2011 بسبب التعديلات الدستورية لم تكمن فقط فى مجالات إعادة البناء السياسى، ولكن أيضا فى الحكم خلال الفترة الانتقالية.

أما الخطيئة الثالثة، والتى وصفها براون بالخطيئة المميتة، كانت انقلاب الرئيس محمد مرسى بإصداره الإعلان الدستورى المثير للجدل فى 22 نوفمبر الماضى.. فقد كانت قرارات مرسى تأكيد لسلطات واعتداء جرىء على الكثير من القواعد غير المكتوبة الخاصة بالسياسة المصرية والقليل من المكتوب منها: فقد نصب نفسه ليس فقط كرئيس تنفيذى ولكن كمشرع وحيد لا يخضع للرقابة القضائية.. وحتى لو كانت هذه السلطات مؤقتة، فإن مصر لن تتعافى منها بسهولة.

ويشير المركز الأمريكى إلى أن تلك الخطوات كانت لتدوم بشكل أكثر سهولة لو نشأت عن توافق سياسى واسع، لكن مرسى لم يقم بتمويه مقنع من خلال التشاور، وخلط بين وضعه كرئيس بما حظى به من إشادة من حركة اجتماعية معارضة.

ويذهب التقرير إلى القول بأن مختلف الأطراف السياسية فى مصر تلقى اللوم على بعضها البعض بسوء النية لسبب وجيه. فالإسلاميون تصرفوا بطرق بررت أسوأ تحيزات معارضيهم. وبعض غير الإسلاميين زعموا أنهم يتحدثون باسم شعب حتى بالرغم من أن أغلبية هذا الشعب أعربوا عن معارضتهم لمن يتحدثوا باسمه. وقد حاربت المعارضة لإيجاد إما الوحدة أو الإستراتيجية. وأعاقت أجزاء مهمة من أجهزة الدولة الانتقال وقامت بعض الجهات الحكومية بشكل روتينى بالخلط بين مصالحهم المؤسسية ومصالح المجتمع كله.

وواصل براون انتقاده لكافة الأطراف قائلا إن عملية الانتقال التى تكمن وراءها إشكالية عميقة قد أدت إلى خلق بيئة شجعت الأطراف على تبنى إستراتيجيات وأساليب بدت منطقية لهم على المدى القصير، لكن تبين أنها مضرة للغاية بإعادة البناء السياسى فى مصر على المدى الطويل.

ورأى الخبير الأمريكى فى النهاية أنه لو أن هناك أى سبب يدعو للتفاؤل الآن، فهو أن الاستفتاء على الدستور ربما يجبر كافة الأطراف على مراجعة حساباتها. وربما تدرك جماعة الإخوان المسلمين فى النهاية أنها يمكن أن تحصل على الكثير مما تريد بوسائل أخف فى حدتها، وربما تجد المعارضة أن العملية الانتخابية تقدم لها أعظم إمكانيات النجاح. ولن تستطيع مصر أن تتحرر من أزمتها الراهنة إلا لو رأت الأطراف كافة الخيارات الموجودة أمامها بشكل مختلف.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة