لم أكن أعلم أن هناك من المصريين أناسا يكرهون تراب هذا البلد إلى هذا الحد وتلك الدرجة، ولم أكن أتوقع أن يفرح مصرى فى تدنى اقتصاد بلاده أو أن يسعده إصابتها بمكروه أو سوء، ولكن الحزن ألجمنى والألم اعتصر قلبى، وضاقت بى الدنيا عندما وجدت مصريين يعتقدون أنهم يحبون مصر ولا يحبها غيرهم، ويعملون هم فقط من أجلها، ويدافعون عنها ضد الاحتلال الإخوانى الغاشم، وضد سطوة الفرعون الجديد محمد مرسى، وجدتهم فرحين مسرورين متهللى الوجه باسمى الثغر تقفز السعادة من قلوبهم يحدوهم الأمل فى المستقبل وبدت لهم الدنيا بحال جديد، لمجرد سماع خبر تدنى تصنيف مصر الائتمانى من قبل وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتمانى، وهو ما يضع اقتصاد مصر فى مكان صعب بين دول العالم ويمنع عنها قرض صندوق النقد الدولى، وكأن خراب مصر يستهويهم، وكأن دمارها حلما وأملا ينتظرونه، لا لشىء إلا كرها فى الجبار النمرود محمد مرسى والجبابرة العتاة الإخوان المسلمين.
ونسى هؤلاء الشامتون فى مصر أن الرئيس والإخوان مثلهم مصريون وليسوا من الصهاينة الأعداء، ونسوا أن من شمتوا هم فيها وفرحوا فى خرابها هى مصر، صاحبة الفضل على الدنيا بأسرها، وسيدة الأرض ومنارتها، وأنها ستظل باقية شامخة أبية ولن تسقط أبدا حتى ولو حاربها أبناؤها حتى ولو طعنت من ظهرها فسوف تلتئم جراحها، وتنتهى آلامها ويقبر أعدائها وتبقى هى إلى الأبد.
فياللحسرة والأسى على حالنا نحن المصريين، فإن كانت تلك الوكالة التى خفضت تصنيف مصر فى هذا التوقيت بالذات يثير علامة استفهام، وهى وكالة غربية لا يعمل بها ملائكة ولها مصالح اقتصادية ومدفوعة بمصالح سياسية، فماذا يجب علينا نحن المصريين؟، أن نشمت فى مصر وفى رئيسها وحكومتها، أم نشمر عن سواعدنا وننسى خلافنا وخلافاتنا، وكفى صراعا سياسيا لصالح آخرين، وكفى مهاترات بالشارع ضد مصلحة الوطن، وكفى مظاهرات مدعية للحرية التى سلبت وللدولة التى ضاعت، ولنسمع مرة واحدة لتراب هذه البلد الذى يقول ليل نهار كفاكم أبنائى لقد كرهتكم فوق ترابى، ولكننا لا نسمع إلا لصوت المهيجين والمتربصين وأصحاب المصالح والأغراض.
فهلا أعدنا لمصر وجهها الحقيقى ودورها الضائع ومكانتها بين الأمم، وكفانا شماتة وكفانا استهزاء وكفانا إثارة وكذب وتزوير وتلفيق وتمييع الحقائق وغمط الحق وتزيين الباطل.
فهل يتوقف الشامتون وهل يرتدع المتحذلقون ويكتفون بهذا القدر أم أن مصر لا تستحق منهم سوى الشماتة.
وأطالب الرئيس مرسى وحكومة قنديل بقرارات حاسمة وحازمة وتحزيم الفساد وقطع دابر المفسدين واتخاذ إجراءات فى صالح الشعب والفقراء، وعليهم ألا يلتفتوا طويلا إلى هؤلاء الذين يريدون خرابها، ويعملوا من أجل مصر وشعبها وينقذونا من شبح الإفلاس وشماتة الأعداء.