نقلاً عن اليومى
أسئلة كثيرة طرحت نفسها بقوة بشأن شركة النصر للمراجل البخارية بعد أن حكمت المحكمة الإدارية العليا يوم الاثنين الماضى بإعادة الشركة للدولة وبطلان وفسخ عقد بيعها، ليستعيد بذلك عمال الشركة البسطاء مواقعهم فى واحدة من أكبر الشركات الصناعية فى الشرق الأوسط، والتى تمت خصخصتها إبان العهد البائد.
التساؤلات كثيرة عن المستقبل وإمكانية تنفيذ الحكم على أرض الواقع بعد أن تم التصرف فى أراضى الشركة والتخلص من أصولها وتحويل أراضيها لعقارات ومشروعات.
وقد كانت الشركة المنشأة بقرار جمهورى رقم 2460 لسنة 1962 على مساحة 33 فدانا بمنطقة منيل شيحة على كورنيش النيل تعد واحدة من أهم وأول شركات الصناعات الثقيلة فى مصر ومخصصة لإنتاج الغلايات المصنعة من مواسير الصلب وتعمل بحرق الوقود لتنتج بخارا عند ضغط ودرجة حرارة عالية، لتستخدم بعد ذلك فى مختلف الصناعات، ووفقا لاتحاد عمال شركة النصر للمراجل البخارية على «فيس بوك» يتمثل نشاط الشركة فى إنتاج المراجل ومنتجات الشركة تستخدم فى الصناعات الغذائية والأسمدة والمنسوجات والورق والبتروكيماويات وما يخص المستشفيات، وتعرضت تلك الشركة لمحاولات كثيرة للخصخصة والبيع بدءا من عام 1994، حيث قامت الدولة بنقل تبعية الشركة إلى الشركة القابضة للصناعات الهندسية، ومنها ما تم بيعه إلى الشركة الوطنية للصناعات الحديدية إحدى شركات أوراسكوم للإنشاءات والصناعة، وتم نقل جميع معدات شركة المراجل البخارية إلى مقر الشركة الوطنية بمدينة 6 أكتوبر، كما تم نقل العاملين والإداريين أيضا مع معدات الشركة المفككة دون عمل، ومن هنا بدأت استغاثات العمال والقوى الوطنية وشكواهم من الحال الذى آلت إليه تلك الشركة التى نشأت فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لتضع مصر فى مقدمة الدول الصناعية بالمنطقة، حتى صدر الحكم القضائى الأول والثانى بإلزام المستثمرين بإعادة الشركة إلى الدولة بعدما تحولت إلى حطام وأصبحت خاوية تماما.
مستقبل الشركة وإمكانية استردادها لمعداتها من قبضة المستثمرين يتحدث عنه الدكتور أحمد السيد النجار، الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلا إن شركة المراجل البخارية وأوعية الضغط من الصعب أن تعود مرة أخرى إلى سابق عهدها كما كانت وقت الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات، وذلك لأن جميع معدات الشركة التى كانت تزيد قيمتها على مليار دولار تم بيعها بالكامل، من خلال جهات عدة، حيث قامت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية المالكة للشركة ببيعها من خلال مناقصة تقدم لها العديد من العروض العالمية لكن تم إسنادها إلى الشركة الأمريكية الكندية «بابكوك وويلكوكس مصر» بما يعد مخالفة للقانون رقم 203 لسنة 1991، وبعد ذلك نقلت الشركة أسهمها إلى أحد أعضاء مجلس إدارتها، وهو رجل الأعمال خالد محمد عبدالمحسن هلال شتا، رئيس المجموعة الدولية للاستثمارات ثم إلى شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة. وأضاف النجار أن الحكومة الحالية ممثلة فى الشركة القابضة للصناعات الكيماوية طعنت على قرار المحكمة الإدارية بإعادة شركة النصر للمراجل البخارية للقطاع العام وبطلان وفسخ عقد البيع وإعادة جميع العاملين بها إلى سابق أوضاعهم وعودة أراضى الشركة للدولة، ورفضت المحكمة الطعن وأيدت الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، لافتا إلى أن قيام الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بالطعن يعد أمرا مثيرا للدهشة، ويتساءل كيف ترفض الحكومة استعادة شركتها، وفى نفس الوقت فإن من حاول إعادتها لملكية الدولة هم مواطنون غير معنين بالعمل على إعادتها؟ لافتا إلى أن الحكومة الحالية تنتهج نفس سياسات النظام السابق حينما كان يقوم بالطعن على بعض هذه الأحكام، واصفا ذلك بتعمد إهدار ثروات الشعب المصرى وإضاعة حقوق العاملين بشركات القطاع العام.
وأكد النجار أن شركة المراجل البخارية فى حاجة إلى حكومة معنية بالصناعة النووية، وأن يكون لديها رؤية مستقبلية للصناعات الاستراتيجية، مستبعدا أن تقوم للشركة قائمة فى ظل الحكومة الحالية، وأن تقوم مرة أخرى بصناعة المراجل النووية، وأجزاء من المشروعات المشبعة بدرجات حرارة وضغوط عالية، والمستخدم فى كثير من الأغراض نوويا وعسكريا، مشيرا إلى أن الشركة هى التى أنشأت القواعد المدنية لحرب أكتوبر عام 1973.
واعتبر النجار أن الحكومة تستطيع وبسهولة أن تقاضى الشركة الأمريكية الكندية بدلا من أن تقوم بالطعن ضد رد الشركة لها، خاصة أن القانون الأمريكى يمنع الشركات الأمريكية من تقديم رشاوى للحصول على عقود استثمارية فى الخارج، مؤكدا أن هذا القانون ينطبق عليها لأن المرتشى المحلى وهو رجل الأعمال «عبدالوهاب الحباك» رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية آنذاك اعترف أنه ارتشى وتم حبسه لحصوله على رشوة 91 مليون دولار، لافتا إلى تصريحاته عندما قال للمحكمة: «لو أخذت أكثر من 10 سنين بيوم هفضح الكبار اللى كانوا بياخدوا رشاوى من الأجانب»، لافتا إلى أنه كان يعنى آنذاك كلا من الدكتور عاطف عبيد وزير قطاع الأعمال العام الأسبق ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف صدقى والرئيس المخلوع مبارك.
من جانبه، استبعد الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى وعضو جمعية استرداد الأموال المنهوبة، عودة شركة المراجل البخارية وأوعية الضغط إلى سابق عهدها فى تصنيع الغلايات التى تستخدم فى جميع الصناعات النووية وغيرها من الصناعات الاستراتيجية، فى ظل وجود حكومة الدكتور مرسى الحالية، لافتا إلى أن جميع الحكومات التى جاءت عقب ثورة الـخامس والعشرين من يناير لا تختلف كثيرا عن حكومة النظام البائد حيث إنها جميعا معادية لشركات القطاع العام.
وقال فاروق فى تصريحات لـ«اليوم السابع»: «شركات القطاع العام تحتاج إلى حكومة تؤمن بدورها ومدى قدرتها على تغير الوجهة الاقتصادية للدولة، وتحتاج إلى وزارة صناعة تمتلك رؤية واضحة ولديها خطة مدروسة لتطوير شركات القطاع العام».
وأشار فاروق إلى أن خطط الحكومة الحالية لا تسطيع أن تعيد الشركة إلى ما كانت عليه من قبل، خاصة أن الحكومة ممثلة فى الشركة القابضة للصناعات الكيماوية قامت بالطعن على قرار محكمة القضاء الإدارى والقاضى بعودة الشركة للدولة مرة أخرى وعودة كامل الموظفين بها إلى سابق أوضاعهم.
وأضاف فاروق من القرارات الأخرى التى تثبت فشل حكومة «مرسى» فى قيادة الفترة الانتقالية قيام بعض البنوك السويسرية بإصدار قرارات بعدم تقديم أية بيانات عن الأموال المهربة للرئيس المخلوع حسنى مبارك، بالإضافة إلى إعلان الحكومة الألمانية بتأجيل إجراءات إسقاط ديون مستحقة على مصر بقيمة 240 مليون يورو، بسبب الأحداث الجارية، لافتا إلى أن استرداد الأموال المنهوبة من قبل النظام السابق يحتاج من صانع القرار بمصر ومن بيده الأمر أن يعلم طبيعة المعركة وحجمها حتى يستطيع رسم سياسات جادة لاسترداد تلك الأموال، لأن ذلك يتطلب صراعا سياسيا ودبلوماسيا عميقا وقويا.
وأوضح عبدالخالق أن الطريق لاسترداد الأموال فى ضوء القيود المفروضة علينا من الداخل والخارج يتطلب حكومة وطنية تعمل على تشكيل مجموعة عمل من عدة إدارات كالجهاز المركزى للمحاسبات ومباحث الأموال العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة حيال تلك القضايا، ومن ثم تحويلها إلى المحكمة، بالإضافة إلى ضرورة وجود جهد قضائى وقانونى فضلا عن الدعم الشعبى، وبالأخص من الشباب من مستخدمى المواقع الإلكترونية للعمل على خلق تيار مناصر لقضيتنا فى الدول التى تم تهريب الأموال إليها.
وأضاف عبدالخالق أنه يمكننا تتبع ومعرفة حجم أموال الفساد أو الاقتصاد الخفى عن طريق عمل حصر للقطاعات التى تنتشر فيها ممارسات الفساد وتتبعها عن طريق أخبار الصحف وأخبار القضايا التى تنشر بوسائل الإعلام مثل طرق توزيع مشروعات المعونة الأمريكية وبرامج استيراد السلع الأمريكية وعمولات الإعلام والدعاية وقطاع البناء والتشييد والمناقصات الحكومية والخصخصة وبيع الشركات العاملة، وأيضا عن طريق معرفة حجم النشاط المالى والاقتصادى لهذه الشركات ومدى قرب هذه الشركات من نفوذ وسلطات النظام السابق.
ومن ناحيته، فإن المهندس عادل قرنى، مدير شركة المراجل البخارية، يقول إن معدات الشركة موجودة لدى الشركة الوطنية فى مدينة 6 أكتوبر وسيتم ردها إلى شركة النصر للمراجل البخارية مجددا، مضيفا أن العمال فى انتظار استعادة الشركة، كما أن السوق متعطشة لها، وتحدث قرنى عن أهمية الشركة فى السوق قائلا أهمية الشركة فى الفترة الحالية تتمثل فى التقليل من كم الاستيراد من الخارج وفتح سوق عمل لكثير من شباب العاطلين، إضافة إلى قدرة الشركة على إجراء الإصلاح داخليا، فى حالة حظر الدول الأجنبية التعامل معنا.
وعن كيفية استعادة الشركة لعملها يقول قرنى نحن على استعداد لإعادة إدارة وتشغيل عجلة الإنتاج بفكر حر جديد حديث يختلف اختلافا كليا وجزئيا عن فكر القطاع العام السابق الذى أدى بنا إلى ما نعانى منة الآن. معتبرا أن هذا الفكر سيتميز بالاعتماد على الذات وتقدير دور العلم فى منظومة التطوير والتخطيط لمستقبل أحسن دائما. مضيفا: لن نسمح بشعار «محلك سر»، وسيتم تحقيق ما سبق من خلال مبانى الإدارة، مشيرا إلى أن عنابر الورش بحالة جيدة كما هى، وتم إيقاف هدمها بمقر الشركة بمنيل شيحة بالجيزة، إضافة إلى أن الماكينات والمعدات المهمة كما هى تم تركيب بعضها والأخرى بمخازن الشركة الوطنية للصناعات الحديدية إحدى شركات مجموعة أوراسكوم بمدينة السادس من أكتوبر بالجيزة، مؤكدا توفر الكوادر الفنية اللازمة لإعادة تشغيل الشركة من العاملين ولديهم الحماسة لذلك مطالبا بتوفير التمويل المالى اللازم لإعادة تشغيل الشركة عن طريق طرح أسهم يساهم فيها جميع العاملين بالشركة والبنوك ونقابة المهندسين والشركات وشركات إنتاج الكهرباء وكل من يرغب فى المساهمة فى النهوض بهذا الصرح الصناعى الوطنى العملاق.
ويؤكد القيادى العمالى بالشركة حسن أبوالدهب أن الشركة ستعيد 1000 عامل لها من جديد، وفى انتظار انتهاء إجراءات الشركة الوطنية مع هيئة الاستثمار للاتفاق على موعد بدء العمل، وأشار أبوالدهب إلى أنه سيتم عقد اجتماع للعمال لتبادل التهانى بإعادة الشركة لهم والاتفاق على خطة العمل فى الفترة المقبلة.
ورغم هذه التصريحات التى تبشر بعودة الشركة للعمل فمازالت هناك تساؤلات عديدة فى هذا الموضوع، ولعل أبرزها التساؤل بشأن أراضى الشركة التى تقع على 33 فدانا على كورنيش النيل مباشرة بمنطقة منيل شيحة بمحافظة الجيزة.. حكم المحكمة قال فى حيثياته: إن أراضى ومصنع ومبانى شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط هى من الأموال العامة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2460 لسنة 1962 باعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة من أعمال المنفعة العامة.
ولذلك ففور صدور حكم المحكمة قررت إدارة البورصة إيقاف التعامل على أسهم شركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» اعتبارا من جلسة التداول التالية للحكم لحين الرد على استفسارات البورصة بخصوص حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان عقد بيع شركة النصر للمراجل البخارية لها وإلزام ردها للدولة، ولذلك سارعت شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة والتى يترأس رجل الأعمال ناصف ساويرس مجلس إدارتها بإصدار بيان قالت فيه إنها مستعدة لرد آلات ومعدات شركة «النصر للمراجل البخارية» إلى الحكومة بعد الحصول على ما دفعته مقابل الاستحواذ عليها. وقالت أكبر شركة مقيدة بالبورصة المصرية فى البيان: «إدارة الشركة تحترم وتجل أحكام القضاء المصرى». ولم يأت بيان أوراسكوم على ذكر أراضى شركة النصر المراجل البخارية بالجيزة البالغة 33 فدانا على كورنيش النيل بالجيزة، كما لم يذكر مبلغ الاستحواذ أو أى تفاصيل عن عملية الاستحواذ التى تمت فى عام 2008، ولكنها أكدت أن النصر للمراجل لا تمثل أى نسبة فى إجمالى أوراسكوم للإنشاء حاليا.
وقال بيان أوراسكوم الذى وجهته لإدارة البورصة إنها على أتم الاستعداد للتعاون مع الدولة
أو من يمثلها فى تنفيذ هذا الحكم ورد كل الآلات والمعدات المملوكة للشركة. وبعد صدور هذا البيان عن أوراسكوم عاد التداول على سهم الشركة عند 254 جنيها بارتفاع 0.94 بالمائة.
ولكن هل ستعيد أوراسكوم أراضى شركة النصر للمراجل البخارية وفقا لحكم المحكمة؟ وفى حالة ما كانت هذه الأراضى قد تم شغلها بأبراج وعمارات ومشاريع فماذا سيكون الحال؟ هل تهدم أم هل تدفع ثمنها بسعر اليوم كأراضى بناء؟ كما تساءل مراقبون مهتمون بحقوق العمال عن مدى أحقية العمال فى التعويض عن هذه الفترة من التوقف عن العمل، فضلا على تعويض الدولة عن خسائر توقف مثل هذه الشركة عن الإنتاج نتيجة لصفقة بيع فاسدة تشوبها الرشوة، حيث ظلت مصر منذئذ تستورد كل احتياجاتها من المراجل البخارية من الخارج بالعملة الصعبة.
«المراجل البخارية» أضاعتها الخصخصة وأعادها القضاء.. والحكومة صامتة.. النجار: الحكومة تستطيع مقاضاة الشركة الأمريكية الكندية لأن القانون الأمريكى يمنع الشركات الأمريكية من الرشوة للحصول على عقد بالخارج
الأحد، 23 ديسمبر 2012 09:50 ص
هشام قنديل رئيس الوزراء
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى الشريف
هل يستطيع المرتشى أن يشكوا الراشى ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
ashraf
توضيح
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم على
الصناعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم على
الصناعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم على
اهتمام