قالت صحيفة واشنطن بوست، إن مؤسسة الأزهر تقع فى قلب المخاوف الخاصة بالتحول الإسلامى فى مصر، موضحة أنه فى أعقاب الثورة التى اندلعت قبل عامين تقريب، وقدرة الإسلاميين على تحقيق فوز تلو الآخر عبر صناديق الاقتراع، بات المصدر الحقيقى للخوف ليس داخل مصر وحدها، ولكن فى أنحاء المنطقة، هو توجه البلاد نحو الثيوقراطية عبر مؤسسة الأزهر، تلك المؤسسة المعروفة منذ القدم باعتبارها منارة محترمة للاعتدال.
وتؤكد الصحيفة أن هذه السمعة التى يتمتع بها الأزهر باتت تحت التهديد، مع سعى العناصر الأكثر تشددا للسيطرة على المؤسسة، إنها معركة ستكتسب زخمها، اليوم السبت، حيث من المتوقع أن يوافق الناخبون على مسودة الدستور التى تمنح الأزهر سلطة استثنائية لإصدار أحكامه بشأن الرؤية الدينية لقوانين البلاد.
ويؤكد قادة الأزهر، أنهم لا يريدون دورًا، وتمت ممارسة الضغوط عليهم لقبول هذا الدور من قبل التيار السلفى. ويقول عبد الدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر وعضو الجمعية التأسيسية للدستور: "إن السلفيين يريدون أن يكون الأزهر جزءًا من النظام السياسى، وهو ما نحن ضده". وأضاف: "نحن لا نحب وضع القانون وفقا لعقيدة دينية تقول هذا حق وهذا خطأ".
ويعتقد "نصير" أن السلفيين أصروا على وضع هذه المادة فى الدستور لأنهم يعتقدون أنهم سيستولون على الأزهر فى المستقبل، ويشعر الكثير من المسلمين من التيار العلمانى والمسيحيين، بالقلق من سيطرة الفكر المتشدد على الأزهر، مما سيقود إلى تفسير أكثر تشددا للشريعة الإسلامية، وهو ما يعنى بدوره تقييد الحريات على المستوى الفنى والأكاديمى، وتقييد حقوق المرأة فى المنزل، والعمل والمحاكمات بداعى الإساءة للأديان.
ويثير الصراع الجارى حول توجه الأزهر قلق الدول العربية الأخرى أيضا، وتنقل الصحيفة عن أحد كبار مسئولى حكومات الشرق الأوسط السنية قوله: "الإخوان المسلمون أرادوا لسنوات السيطرة على الأزهر، وبمجرد أن يفعلوا ذلك، فإن الإسلام المعتدل سيموت".
ويخشى المسئول، الذى أصر على بقاء هويته وهوية بلده مجهولة، أن تقود سيطرة التيارات المتشددة إلى التحريض على العنف قائلا: "هذا يمثل تحديا كبيرا للمنطقة".
وتلفت الصحيفة الأمريكية إلى احتفاظ الشيخ أحمد الطيب بمنصبه الذى عينه فيه الرئيس السابق حسنى مبارك، برغم رحيل النظام، ليصبح من كبار المؤيدين لاستخدام لغو الحوار لسد الفجوة المتزايدة بين الرئيس محمد مرسى ومؤيديه من جانب، والليبراليين واليساريين والمسيحيين من جانب آخر.
غير أن النقاد يرون أن بقاء الطيب فى منصبه يشير إلى استعداده للرضوخ للنظام الإسلامى الجديد. وتشير "واشنطن بوست" إلى استضافة الجامع الأزهر سلسلة من الدعاة المتشددين الذين كانوا ممنوعين من الوقوف على منبره من قبل، بما فى ذلك رئيس وزراء "حماس" إسماعيل هنية، والداعية يوسف القرضاوى. كما استخدم الإخوان ساحة الأزهر هذا الشهر لتشييع جثمان بعض من قتلوا خلال اشتباكات قصر الاتحادية، ممن زعموا أنهم ينتمون للجماعة.
وأعرب العديد من مسئولى الحكومات العربية فى الشرق الأوسط عن قلقهم الشديد حيال خطبة "القرضاوى" التى شن فيها هجوما على الحكومات المسلمة العلمانية فى المنطقة، وأعرب مسئول من حكومة عربية أخرى عن خشيته أن تسيطر وجهات نظر "القرضاوى" وأيديولوجيته على الأزهر، بغض النظر عمن يحمل منصب شيخ الأزهر.
"واشنطن بوست": الدستور الجديد يهدد اعتدال الأزهر.. مستشار "الطيب": تعرضنا لضغوط سلفية لقبول دور سياسى فى الدستور.. مسئول عربى: سيطرة الإسلاميين على المنارة الوسطية يعنى موت الإسلام المعتدل
السبت، 22 ديسمبر 2012 11:19 ص