نشر الناشط السياسى علاء عبد الفتاح، تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تناول فيها عدد من المواد المثار حولها جدلا بالدستور الجديد والتى تخص محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، إضافة إلى تعيين القائد العام للقوات المسلحة.
وقال عبد الفتاح فى مدونته،" بالنسبة للمحاكمات العسكرية والتى تتناولها المادة (197)، أن يفرض الدستور أن يكون وزير الدفاع أحد ضباط القوات المسلحة معناه صراحة أن يتفاوض الرئيس مع المؤسسة على من يرأسها وأن تبقى المؤسسة مستقلة عن الرئيس، وبما أنها المؤسسة حاملة السلاح بالإضافة لقوتها الاقتصادية المبالغ فيها، تصير القوات المسلحة مؤسسة أقوى من الرئيس".
وأضاف "عبد الفتاح" قائلا،" المفروض أن القيادة الفنية للقوات المسلحة مسئولية رئيس الأركان ووزير الدفاع قيادة سياسية مثله مثل أى وزير آخر، والمفروض أن تعين وزيرا سياسيا تابع لرئيس الجمهورية المنتخب يضمن خضوع المؤسسة العسكرية حاملة السلاح للقيادة المدنية المنتخبة من ناحية، ومن ناحية أخرى ينهى السياسة عن مكتب الوزير ويحمى البلاد من تسييس المؤسسة العسكرية كلها.
وتابع "عبد الفتاح"، تحتاج الديمقراطية لرقابة صارمة على كل السلطة التنفيذية، والمسئول عن تلك الرقابة بالأساس البرلمان ( ويضاف إليه القضاء)، السلطة التنفيذية قوامها الأساسى موظفين معينين، وتملك التصرف فى الميزانية وإدارة موارد الدولة، كما أنها تملك وتدير السلاح (الجيش والشرطة)، السلطة التنفيذية هى السلطة الأقوى، والأكثر تدخلا فى حياة المواطنين اليومية، وبالتالى هى الأكثر قدرة على الأذى والأكثر عرضة للفساد، كما أن السلطة التنفيذية متجانسة، على رأسها رئيس منتخب فقط، أو ربما رئيس منتخب ورئيس وزراء من اختيار البرلمان، لا معارضة داخلية مثل البرلمان ولا هى مكونة مجلس متنوع ومداولاته علنية، لذا هى السلطة الأخطر التى تحتاج لرقابة دائمة وضوابط تحكمها وتشكمها.
وأشار "عبد الفتاح" إلى أن الجانب المسلح من السلطة التنفيذية يتحاج أن يكون خاضعا تماما للإدارة المدنية ويحتاج لرقابة أكثر صرامة وقيود شديدة، مضيفا أن السلاح إن وجه بشكل خاطئ ضاعت الحرية والديمقراطية والأمان وعم الفساد والقهر.
وأكد "عبد الفتاح"، على أن هذه المادة ترسخ لمجلس دفاع مسئول بشكل كامل عن كل ما يخص حاملى السلاح، والمسئولية حصرية، ففى الدستور لفظ يختص تعنى بالضرورة يختص وحده، أى أن لا معقب عليه ولا رقيب غيره بالإضافة إلى إنها تجعل القوات المسلحة والمخابرات العامة وأى شىء آخر يمكن تصنيفه على أنه جزء من وسائل تأمين البلاد وسلامتها غير خاضعة للرقابة البرلمانية، فالمجلس تشكيله كله عدا اثنان فقط من أعضائه من السلطة التنفيذية، ناهيك عن أن أغلبيتهم عسكريين أو من مؤسسات أمنية.
وانتقد عبد الفتاح المادة (198) والخاصة باستقلال القضاء العسكرى وعدم جواز محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية قائلا،" يصر مؤيدو الدستور على التهوين من خطورة السماح بمحاكمة المدنيين عسكريا بنص دستورى، مدعين أن قصر المحاكمات العسكرية للمدنيين على الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة فى حد ذاته ضمانة"، مشيرا إلى أن المحاكمات العسكرية ظلم، فهى مصممة لسرعة التقاضى بناء على ترتيب القيادة العسكرية، والاتجاه فى الديمقراطيات لإلغائها حتى للعسكريين طالما أن المحاكم المدنية متاحة وقادرة على النظر فى القضية، وينحصر دور المحاكمات العسكرية فى محاكمات الميدان للمخالفات العسكرية التى يرتكبها عسكريون وقت الحرب أو خارج حدود البلاد.
وأضاف "عبد الفتاح" بالتالى محاكمة أى مدنى أمام محاكمة عسكرية حتى لو بتهمة اعتداء على رئيس الأركان ظلم، فلا يوجد ما يمنع أن يحاكم نفس المتهم بنفس التهم أمام القضاء الجنائى، وبالفعل المسودة الأولى للدستور نصت صراحة على حظر محاكمة أى مدنى أمام محكمة عسكرية، تم التراجع عن هذا الموقف المنحاز للعدالة فى عملية السلق الأخيرة حماية لمصالح المؤسسة العسكرية.
واستطرد "عبد الفتاح" حديثه عن هذه المادة قائلا" المادة 198 لا تغير من الوضع القائم بشىء، فقانون القضاء العسكرى الحالى متوافق معها بعد تعديله من قبل مجلس الشعب قبل حله، وقد تم بالفعل محاكمة عشرات المدنيين بناء على هذا القانون، المادة 198 تسمح بمحاكمة فلاحى القرصية لمجرد أن الجيش قرر أن يضع يده بلا وجه حق على أرض جزيرتهم ورفض أو مقاومة قرار وضع اليد تتحول إلى جريمة تضر بالقوات المسلحة، وبالطبع المسكوت عنه لكن المفهوم للجميع أن رغبة الجيش فى أرض القرصية لا علاقة لها بحماية البلاد بل هى طمعا فى أرض ذات قيمة عالية بغرض استغلالها فى مشاريع تنمية عقارية كبناء فنادق أو منتجعات بدلا من زراعة الأرض.
وتابع" عبد الفتاح" قبل النص على أن القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة كان القانون يعترف بطبيعة القضاء العسكرى كأحد مكونات القوات المسلحة وبالتالى جهة تابعة لوزير الدفاع، أى جزء من السلطة التنفيذية، وكان بإمكان المواطن الذى تعرض لظلم المحاكمات العسكرية أن يطعن فى قرار إحالته للمحكمة العسكرية أمام محكمة القضاء الإدارى (بالفعل تنظر محاكم مجلس الدولة دعاوى كهذه)، كما أن أحد أهم الطعون التى كنا نتقدم بها هو عدم دستورية محاكمة المدنيين عسكريا، الآن بعد النص على استقلال القضاء العسكرى ( وهو استقلال زائف لأن الغرض منه هو وجود آلية لمحاسبة العسكريين تخضع للقيادة) يقفل باب الطعن أمام مجلس الدولة أو الدستورية.
واستكمل، يدعى المبررون أن هذه الثغرات يمكن إصلاحها بالقانون، لكنهم يتجاهلون المادة 197 التى تفرض على البرلمان أخذ رأى مجلس الدفاع فى صياغة أى قوانين متعلقة بالقوات المسلحة ( وتشمل بالطبع قانون القضاء العسكرى وتحديد أى جرائم تخضع لاختصاص القضاء العسكرى)، أى أن الجيش سيكون الخصم والحكم وسيكتب القوانين أيضا.
وإن أدعى أحدهم أن رأى مجلس الدفاع استشارى فقط فالواقع يقول إن رأى حامل السلاح لا يكون استشارياً ما دمت مجبراً على استشارته، والدليل هو جلسة سلق الدستور ومناقشة المادة 197 نفسها، ما يفوق 80 عضواً مدنياً فى مواجهة اللواء شاهين وحده، وعندما حاول البلتاجى تعديل تشكيل مجلس الدفاع "شخط" فيه اللواء بجملته الشهيرة "هتحط واحد هحط واحد" بمعنى لو أضفت مدنى للمجلس سأضيف عسكرى، أخرس اللواء شاهين البلتاجى وكافة أعضاء التأسيسية بل ورئيسها الذى سبق أن استنكر أن يعامل القضاء العسكرى كهيئة قضائية مستقلة، فبالله عليكم كيف نتوقع أن يخرج البرلمان بتشريع يتعارض مع رغبة ومصالح الجيش حتى لو المصلحة فساد بين؟
وكل هذا لا يهم، فحتى لو شرب البرلمان بيريل وصاغوا قانون محكم يتحدى فساد المؤسسة العسكرية ويحصر محاكمة المدنيين عسكريا فى أضيق الحدود، النص على استقلال القضاء العسكرى يعنى أن لو تجاوزت النيابة العسكرية حدود ذلك القانون سيكون الطعن بعدم الاختصاص أمام المحكمة العسكرية، ويبقى تطبيق القانون خاضع لمزاج المؤسسة العسكرية بما أنه الطعن أمام المحاكم الأخرى مستحيل.
أما إذا حدث العكس وأصدر البرلمان قانون معيب يسمح بالتوسع فى المحاكمات العسكرية للمدنيين بما يخالف مواد أخرى فى الدستور، فلا مفر للمواطن أيضا لأن الدفع بعدم دستورية القانون سيقدم أمام القضاء العسكرى لنفس الأسباب.
لا يتوقف ضرر المادة 198 على إهدار حقوق المدنيين فى حال اتهامهم من قبل عسكريين، تهدر حقوقهم أيضا لو كانوا مجنى عليهم، فالنص على أن القضاء العسكرى يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها يعنى أن أى جريمة يرتكبها أى عسكرية حتى لو هى جريمة سرقة أو اختلاس أو اعتداء أو تهرب من تنفيذ حكم نفقة تنظر أمام القضاء العسكرى، بالتالى محاكمة أعضاء المجلس العسكرى على جرائمهم خاضعة لمزاج القضاء العسكرى التابع لوزير الدفاع.
وأخيرا تفتح الجملة الأخيرة وخصوصا النص على أن لأعضاء القضاء العسكرى كافة واجبات أعضاء الهيئات القضائية الباب لمشاركة القضاة العسكريين فى الإشراف على الانتخابات!!!
أخيرا السخرة واقتصاد الجيش
مادة (64)
العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن، تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، ولا يجوز فرض أى عمل جبرا إلا بمقتضى قانون.
ويعمل الموظف العام فى خدمة الشعب، وتتيح الدولة الوظائف العامة للمواطنين على أساس الجدارة، دون محاباة أو وساطة، ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.
وتكفل الدولة حق كل عامل فى الأجر العادل والإجازات، والتقاعد والتأمين الاجتماعى، والرعاية الصحية، والحماية ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنية فى أماكن العمل، وفقا للقانون.
ولا يجوز فصل العامل إلا فى الحالات المنصوص عليها فى القانون، والإضراب السلمى حق، وينظمه القانون.
تماديا فى حماية مصالح الفساد فى الجيش عدلت المادة الخاصة بالحق فى العمل فى اللحظات الأخيرة لتسمح بالعمل القسرى وبقانون، ولم تنص حتى على حكر هذا فى خدمة الوطن ولا أن يكون بمقابل عادل ولا أى ضوابط.
حاول المبرراتية، التغطية على جريمة دسترة السخرة بربط هذه المادة بالتجنيد وهو كذب فالتجنيد منصوص عليه بالفعل فى المادة 7، وادعى آخرون أن المادة مطلوبة لاستحداث عقوبات كخدمة المجتمع أو الحبس مع الشغل، وهذا كذب أيضا فالأصل أن العقوبة هى تقييد لحرية وحرمان من حق، فالحبس حرمان من الحق فى حرية الحركة والعمل والخصوصية، والإعدام حرمان من الحق فى الحياة ومع ذلك لا توجد استثناءات فى المواد المنظمة لتلك الحقوق.
الحقيقة واضحة كالشمس، تستغل مؤسستا الجيش والشرطة التجنيد الإجبارى لتشغيل فقراء الوطن بالسخرة، والسخرة المقنعة عندنا لها ثلاثة أشكال، السخرة لصالح القيادة عندما يستغل ضابط ذا رتبة مرتفعة مجندا فى خدمة فى مكتبه أو بيته، والسخرة فى مشاريع الجيش الاقتصادية من مصانع مكرونة وسخانات وقاعات أفراح وفنادق ومحطات بنزين وغيرها من استثمارات إمبراطورية الجيش الاقتصادية (والسخرة هنا اعتداء على حق المجند واعتداء على السوق أيضا فمن يقدر على منافسة شركة تملك عمالة مسخرة؟)، والنوع الثالث هو استغلال التجنيد فى أعمال الشرطة وخصوصا الأمن المركزى (والمشكلة هنا لا تتوقف عند انتهاك حق المجند، لولا التجنيد لما تمكنت الدولة من بناء جهاز شرطة قادر على قمع ملايين المصريين وحشد قوات أمن مركزى تكفى لقمع مدينة بأكملها مثلما حدث مع المحلة فى 2008 ومع السويس فى مطلع الثورة).
مع دخول الثورة فى صدام مع حكم العسكر ارتفعت لأول مرة أصوات منادية بإنهاء الاقتصاد العسكرى وإنهاء السخرة، وبدأت بالفعل عملية مقاضاة ضباط على تسخير المجندين لخدمتهم، كما انطلقت حركة عمالية لأول مرة فى المصانع الحربية، ولذا ظهر الاحتياج لدسترة وتقنين عملية السخرة لحمايتها من هجوم وشيك.
الحقيقة أن المواد الخاصة بالمؤسسة العسكرية كلها صيغت لتحمى وترسخ الوضع القائم بكل ظلمه وفساده، وبدلا من أن يدعم الدستور الحركة الثورية صيغ ليجهضها، المواد 195 و197 و198 مجتمعة تجعل الجيش ومعه المؤسسات الأمنية ليست فقط دولة داخل الدولة لا تسأل عن فسادها وإهمالها وانتهاكاتها، بل ترسخ لها كدولة فوق الدولة، ننتخب ونتداول السلطة كيفما نشاء وتشكل حكومات وتجتمع برلمانات وتكتب قوانين كل هذا فى النهاية تابع وخاضع لإملاءات حاملى السلاح.
علاء عبد الفتاح: عسكرة الدولة.. لهذا أرفض الدستور
السبت، 22 ديسمبر 2012 05:18 ص
الناشط علاء عبد الفتاح
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالناصر
دعات الفوضى بأسم الحريه
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالناصر
مطلوب ناشط سياسى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبدالرحيم
ده بقى السياسى
عدد الردود 0
بواسطة:
الاسيوطى
تحليل رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
بحبك يامصر
البتكلم مجنون والبيستمع عاقل
فين دور العسكر قول كلام معقول صحيح عيلة
عدد الردود 0
بواسطة:
صبحى محمود
مين علاء عبدالفتاح ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أ.د. مجدى يوسف
نقد كاشف لتناقضات الدستور
عدد الردود 0
بواسطة:
مخنوق
الصفقة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو امام
إنت دخلت الجيش أصلاً
عدد الردود 0
بواسطة:
نادية
ليبرمان يعرب عن خالص شكره