بعد عقود.. السعودية قد ترفع سعر الغاز الطبيعى

الجمعة، 21 ديسمبر 2012 10:27 ص
بعد عقود.. السعودية قد ترفع سعر الغاز الطبيعى صورة أرشيفية
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد تتخذ السعودية فى العام المقبل خطوة تحجم عنها منذ عقود وهى رفع سعر الغاز الطبيعى الأدنى فى العالم حالياً لخفض الدعم المكلف وتقليل الطاقة المهدرة.

وسيكون رفع السعر تحولاً اقتصادياً مهماً للمملكة، لكنه سيكون تحولاً صعباً، لأنه قد يضر بالقدرة التنافسية لصناعات مثل البتروكيماويات.

وازدهرت الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة فى السعودية خلال العقد الماضى بفضل وجود الغاز الرخيص الذى يباع للقطاع الصناعى المحلى بسعر 0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو ثمن زهيد جدا مقارنة بما يدفعه المنافسون فى أنحاء العالم.

وتم تحديد سعر الغاز السعودى -الذى لم يتغير منذ عقود- حين كان الغاز منتجا ثانويا وفيرا من حقول النفط العملاقة فى المملكة.

ومنذ ذلك الحين تحجم الرياض عن رفع السعر بالرغم من ارتفاع تكاليف الإنتاج خشية أن يؤثر ذلك سلبا على الشركات التى توفر فرص عمل للسكان الذين يتزايد عددهم وكثير منهم شبان.

لكن المصادر التى يمكن إنتاج الغاز منها بتكلفة قليلة تضاءلت، ومما يزيد الطين بلة إهدار تلك الموارد، لذلك تضطر السعودية للبحث فى مصادر الغاز البحرية وغير التقليدية مرتفعة التكلفة لتلبية الطلب المتزايد.

وحققت الحكومة بعض النجاح فى تقليل الموارد المهدرة حيث طالبت مشروعات البتروكيماويات التى تستخدم الغاز الطبيعى كمادة خام باستخدام تقنيات أكثر كفاءة فى استهلاك الطاقة قبل تخصيص أى كميات من الغاز لتلك المشروعات.

وقد يكون رفع سعر بيع الغاز المحلى دافعا أكبر لتقليل الإهدار وسيوفر على الحكومة مليارات الدولارات من دعم الغاز.

وقال مصدر سعودى فى الصناعة مطلع على مناقشات الحكومة لهذه المسألة "توجد خطط لرفع سعر الغاز وهذا سيتم لأن السعودية تريد القضاء على الاستهلاك غير الكفء للغاز لأنه ينفد."

وذكر المصدر الذى طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن إجراء ملموس لكن رفع السعر قد يتم بحلول نهاية 2013.

وأحجم مسؤولون حكوميون كبار عن التعليق علنا على الموضوع. لكن السعودية أبدت خلال العام المنصرم استعدادا متزايدا لتنفيذ إصلاحات اقتصادية حيث أصدرت قانونا للرهن العقارى مثلا.

ويعتقد العديد من العاملين فى الصناعة والمحللين أن إصلاح تسعير الغاز قد يعقب تلك الخطوات فى العام المقبل.

وقال كامل الهرمى محلل النفط الكويتى المستقل إنه بعد سنوات من النقاش بين المسؤولين الحكوميين قد يتم رفع سعر الغاز العام المقبل لكن أى زيادة ستكون صغيرة ومحسوبة حتى لا تضر قطاع البتروكيماويات.

وتبقى السعودية سعر بيع الغاز المحلى منخفضا من خلال دعم حكومى ضخم تدفعه من مئات مليارات الدولارات التى تجنيها من تصدير النفط الخام.

وبسبب الدعم قدمت الصين والهند شكاوى إلى منظمة التجارة العالمية إذ أن شركات البتروكيماويات الصينية والهندية تتنافس مع الشركات السعودية.

لكن قطاع البتروكيماويات السعودى اكتسب ثقلا سياسيا كبيرا لأنه يوفر الآلاف من الوظائف فى بلد يحرص قادته على تفادى احتجاجات من الشبان كتلك التى أشعلت انتفاضات الربيع العربى فى 2011.

لذلك تقاوم الحكومة حتى الآن ضغوطا خارجية لخفض الدعم قائلة إنها لا تخالف أيا من قواعد منظمة التجارة العالمية لأنها لا تصدر أيا من هذا الغاز.

وحذر بعض المسؤولين فى شركات البتروكيماويات السعودية من أن رفع أسعار الغاز قد يقلل القدرة التنافسية فى السوق العالمية. ويشيرون إلى أن المنافسين الصينيين يدفعون رواتب أقل للعاملين بينما بدأ المنافسون من أمريكا الشمالية يستفيدون من أسعار الطاقة المنخفضة بفضل انتشار الغاز الصخري.

وقال أمان أمانبور المستشار المستقل فى قطاع البتروكيمايات والطاقة "أصبح القرار بشأن سعر الغاز السعودى أكثر أهمية الآن فى ضوء ثورة الغاز الصخرى الأمريكى".

وهبط سعر الغاز للقطاع الصناعى الأمريكى من أعلى مستوياته عند 13 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية فى 2008 إلى مستوى قياسى منخفض عند نحو ثلاثة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية فى ابريل نيسان 2012 وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

غير أن السعر الأمريكى ارتفع قليلا منذ ذلك الحين وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يدفع القطاع الصناعى فى العام المقبل أكثر بكثير من أربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

لذلك يمكن أن تضاعف الرياض سعر الغاز للقطاع الصناعى السعودى إلى مثليه أو ثلاثة أمثاله دون أن تقترب من المستويات التى يدفعها المنافسون الأمريكيون.

ويتوقع محللون أيضاً أن تزيد صادرات الغاز الأمريكى فى السنوات القليلة المقبلة وهو ما يدفع الأسعار المحلية الأمريكية للصعود وبالتالى يساعد على حماية الميزة السعرية الكبيرة التى تتمتع بها الشركات السعودية.

ويعتقد عاملون فى الصناعة ومحللون أن نتيجة مثل هذه الحسابات هى أن السعودية قد ترفع سعر بيع الغاز المحلى إلى نحو 1.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وهو مستوى مرتفع بما يكفى لجعل الشركات حريصة على عدم إهدار الغاز لكنه ليس مرتفعا إلى الحد الذى ينتقص بشدة من أرباح تلك الشركات.

وقال المصدر السعودى "زيادة السعر لن تنتقص كثيرا من ربحية شركات البتروكيماويات لأن السعر الآن منخفض للغاية."

وقال ديفيد سيتون الرئيس التنفيذى لشركة فلور كورب الأمريكية للأعمال الهندسية التى لها أنشطة فى قطاع البتروكيماويات السعودى "لا أعتقد أن القدرة التنافسية لمنتجى الشرق الأوسط ستقل بالضرورة."

لكن بيع الغاز بسعر 1.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية قد لا يكون مرتفعا بما يكفى لحل مشكلات الإمدادات السعودية التى تلوح فى الأفق.

وتمتلك أرامكو السعودية المملوكة للدولة والتى تحتكر النفط والغاز فى المملكة رابع أكبر احتياطيات تقليدية من الغاز فى العالم وتسعى لزيادة إنتاجها من 10.2 مليار قدم مكعبة يوميا فى 2010 إلى أكثر من 15 مليار قدم بحلول 2015.

لكن نظرا لأن معظم مكامن الغاز التى يسهل استغلالها مرتبطة بحقول النفط التى تم تطويرها بالفعل تضطر أرامكو للبحث عن احتياطيات الغاز غير التقليدية مثل تلك الحبيسة فى تكوينات ثقيلة من الصخور والرمال واستغلالها سيكون أكثر تكلفة.

وإذا ظل سعر البيع المحلى أقل بكثير من المستويات العالمية فلن يوجد حافز كبير للشركات الأجنبية لاستكشاف الغاز فى صحارى شبه الجزيرة العربية الشاسعة أى أن الدولة هى التى ستدفع تلك الفاتورة.

وقال محمد الماضى الرئيس التنفيذى للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) أكبر منتج للبتروكيماويات فى المملكة إن تعزيز نمو البتروكيماويات فى السعودية يتطلب شيئين هما الابتكار ومزيد من البحث عن غاز المستقبل.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة