العربى: عدم الجدية مع القضايا الاقتصادية سيُفقد الثقة فى الثورة

الخميس، 20 ديسمبر 2012 11:00 ص
العربى: عدم الجدية مع القضايا الاقتصادية سيُفقد الثقة فى الثورة وزير التخطيط والتعاون الدولى الدكتور أشرف العربى
كتبت مريم بدر الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حذر وزير التخطيط والتعاون الدولى الدكتور أشرف العربى، من أن التركيز المبالغ فيه بدول الربيع العربى على قضايا التحول الديمقراطى ومحاربة الفساد، وعدم التعامل بجدية مع القضايا الاقتصادية مثل خلق الوظائف وتحقيق الأمن الغذائى سيؤدى مستقبلا إلى فقدان شعبية ثورات الربيع العربى وإخفاقها فى نهاية المطاف.

وقال العربى - فى ورقة عمل تحت عنوان "الربيع العربى": مقاربة اقتصادية لفهم الدوافع واستخلاص الدروس" إن التحولات الديمقراطية لا يتم دعمها وتعزيزها من قبل الفئات الغنية بسبب آثارها التوزيعية المناهضة لمصالحهم وهو ما يدفعهم للانقلاب على هذه الحركات الديمقراطية مرة أخرى.

وأضاف أن المجتمعات التى تكون فيها درجة عدم العدالة أكبر تكون فرص تعزيز الديمقراطية فيها أقل وقد تنتهى إلى الانتقال من نظام إلى آخر وتظل تعانى من مشاكل مالية، معربا عن أمله فى ألا تؤول إليه الأمور فى دول الربيع العربى شريطة أن يتكاتف المخلصون حول مشروع نهضوى جاد خلال الفترة المقبلة.

وأكد أن هناك حاجة ملحة إلى "عقد اجتماعى جديد" ونموذج تنموى مختلف يعتمد على مبادئ التنافسية وروح المبادرة وقطاع خاص أكثر اندماجا فى عملية التنمية وتعاون عربى حقيقى.

وأشار العربى إلى أن المطلوب الآن هو عملية إصلاح تحتوى الجميع ويشارك من خلالها الجميع فى عملية صنع القرار بشكل لا مركزى يوازن بين الأهداف قصيرة الأجل وطويلة الأجل، وهو ما يتطلب قيادة شفافة لديها الرؤية وحكومات مؤهلة وموثوق بها وعقلية علمية تسعى للتعلم واتخاذ القرارات على أساس الأدلة وتعاون صادق بين مختلف فئات المجتمع بما فيها المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.

وأوضح العربى أن التركيز على إصلاحات جزئية وإجراءات مؤقتة، لامتصاص غضب الشعوب يكون تأثيره ضعيف وقصير الأجل وسلبى فى المدى الطويل.

وقال العربى "علينا أن نعترف أن العقد الاجتماعى القديم الذى كان قائما على قبول القمع السياسى مقابل المنافع الاجتماعية قد انهار تماما"، مشيرا إلى أن الأيام الأخيرة أثبتت أن النموذج التنموى الذى اتبعته معظم الدول العربية خلال العقود الماضية لم يعد قابلا للاستمرار.

وأشار إلى أن هناك العديد من الدروس التى يجب أن نتعلمها من "الربيع العربى" ومن خبرات وتجارب التنمية على مدى العقود الماضية ومنها ضرورة القضاء على الفساد بكافة أشكاله باعتباره شرطا ضروريا ولازما لتحقيق النمو والتنمية، مؤكدا أنه بدون توافر هذا الشرط ستظل محاولات الإصلاح الاقتصادى قاصرة على تحقيق أى انجاز إنمائى أو تنموى حقيقى تستفيد منه وترضى عنه الشعوب.

وأوضح العربى أنه لا توجد "وصفة سحرية" أو "روشتة موحدة" لتحقيق النمو المستدام، مشيرا إلى أنه على كل دولة أن تتبنى حزمة السياسات وبرامج الإصلاح التى تتناسب مع خصوصيتها وتحديد المدى الزمنى لتطبيق هذه البرامج والسياسات بما يلاءم طبيعتها وظروفها.

واعتبر العربى أنه ليس من المقبول استمرار الادعاء بأن سياسات "توافق واشنطن" هى السبيل الوحيد لتحقيق النمو الاقتصادى، وقال "كما رأينا سابقا لم تثبت هذه السياسات جدواها بالنسبة للنمو الاقتصادى ليس فى الدول العربية فقط وإنما فى دول أمريكا اللاتينية ذاتها".

ولفت إلى أن النمو الاقتصادى المستدام سيظل حلما بعيد المنال ما لم تتوفر آليات فعالة لضمان عدالة توزيع ثمار هذا النمو "فالعدالة الاجتماعية لا تعنى مجرد عدالة توزيع الدخل بل الأهم عدالة توزيع الفرص".

وقال وزير التخطيط "أى كان النظام الاقتصادى الذى ستتبعه دول الربيع العربى خلال المرحلة القادمة فإنه سيظل هناك دور رئيسى للدولة فى الحياة الاقتصادية وسيظل هناك حاجة حقيقية لتبنى سياسات صناعية تساعد على تحقيق التحول الهيكلى المنشود الذى يعزز من إمكانية استدامة النمو الاقتصادى ويتدارك عجز السياسات الاقتصادية فى الفترة السابقة عن استيعاب التحولات الديمجرافية التى شهدتها الدول العربية، وتستطيع توجيه طاقات الشباب - الذين أصبحوا يمثلون الغالبية العظمى من سكان المنطقة لأنشطة إنتاجية وتنموية حقيقية بما يؤدى إلى تحويل تلك الطاقات إلى "نعمة" وليس "نقمة" على جهود التنمية فى العالم العربى".

وحذر الوزير من أن المبالغة فى "المتطلبات المؤسساتية" قد يكون له نتائج عكسية على جهود التنمية بما تؤدى إليه من رفع سقف التوقعات والطموح وشيوع مناخ الإحباط فى حال فشل الوصول إلى هذه الشروط التى قد تكون تعجيزية أحيانا.

وأضاف "أنه إذا اختارت دول الربيع العربى طريق الخصخصة والتحرير فلابد أن تراعى مستقبلا أن تتم هذه العملية بالشكل السليم وليس بشكل سريع حيث إن الهدف النهائى هو تحفيز المنافسة وزيادة الإنتاجية وتحقيق النمو الاقتصادى المستدام".ورأى العربى أنه قد لاتكون سياسات "التثبيت والتقشف" التى تركز على هدف الاستقرار الاقتصادى والتحكم فى التضخم هى السياسة المثلى فى مجتمعات ما بعد "الربيع العربي"، مشيرا إلى أنه قد يكون من الأهمية فى الفترة القادمة التركيز على أهداف النمو الاقتصادى وتحسين مستويات المعيشة وخلق فرص عمل منتجة وحقيقية.

وأكد العربى أنه على مؤسسات التمويل الدولية أن تعيد ثقة المجتمع الدولى فى سياساتها ونزاهتها خلال الفترة القادمة حيث أثبت "الربيع العربى" أن الإصلاحات الاقتصادية التى تمت ولعقود من الزمن فى العديد من الدول العربية تم اختزالها فقط فى بعض المؤشرات الكلية التى لا تعبر بشكل جيد عن حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة