صدر مؤخراً عن المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة كتيب جديد للمفكر عزمى بشارة بعنوان "فى الثورة والقابلية للثورة" لا تتجاوز صفحات الكتيب المائة صفحة.
يطرح المفكر عزمى بشارة فى كتابه عدة تساؤلات حول متى تحدث الثورة؟ وكيف يتطور الحراك الشعبى من الاحتجاج إلى ثورة تستهدف الأنظمة؟ وهل ينطبق تاريخ التنظير الثورى على الثورات العربية؟
على ضوء هذه الأسئلة ينطلق الكتاب من اعتقاد مفاده أن أى محاولة لتأسيس نظرية عن الثورة ليست مفيدة دائماً، على اعتبار أن الكتابات النظرية عن الثورة غالباً ما ترتبط بثورات تاريخية سابقة، وبالتالى فهى استقراء يقبل النقد كما يقبل التطوير بالنظر إلى العوامل التاريخية والثقافية والمجتمعية الخاصة التى تتحكم فى انتفاض الشعوب ضد الظلم.
تطرق بشارة فى الكتيب إلى تعريف الحالة الثورية من منظور غربى، مشيراً فى بعض التعريفات إلى وجود بعض المغالطات المنطقية بها، مشيراً إلى أن القابلية للثورة مسألة متعلقة بوعى الجماهير، أى الوعى بكون المعاناة ناتجة عن ظلم لا عن ظروف طبيعية، كما فى حالة الجفاف والمجاعات أو الأزمات الاقتصادية الحادة، وحالات ما بعد الحروب.
ويرى بشارة فى تجربة الثورات العربية أنها أثبتت بالأساس ارتباط المعاناة بالوعى بها سياسيا وليس فقط بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية التى ارتكز عليها تنظير لينين وغيره من منظرى الثورات.
ويؤكد بشارة أنه بالرغم من توفر الوعى السياسى، فإن الثورات العربية لم تنشب بواسطة حزب سياسى أو جماعة سرية أو علنية تسعى إلى حل التناقض القائم بين الحاكمين والمحكومين لصالحها، وإنما تحركت انتفاضات تحولت بوعيها السياسى إلى ثورات شعبية على النظام، تدعو إلى إسقاطه من دون أن تحل محله كقوة سياسية منظمة، فى حين فسحت المجال للتنظيمات السياسية كى تتنافس على السلطة، وهذا ما يجعل الحالة الثورية العربية فى نظره تقدم 'نموذجا جديدا لم يكتمل بعد.
ويؤكد بشارة أن الجسم العربى جسم موصل للثورات، باعتباره استجابة ثورية عربية قامت فى العديد من الدول استلهمت النموذج المصرى الذى قدمه الثوار فى ميدان التحرير.
تطرق عزمى بشارة فى كتابه إلى آفاق الثورات العربية وسؤال الديمقراطية فى ظل التحديات المطروحة حاليا، ويؤكد على ضرورة أن يطور الديمقراطيون العرب نموذجهم القائم على المواطنة والديمقراطية وتعدد الهويات بدلا من تأجيج الصراعات الإثنية.
يختم الكتاب، قائلا "الثورات لا تهدف كلها إلى تحقيق الديمقراطية، لكن الثورات العربية الراهنة رفعت جميعها شعار الديمقراطية والدولة المدنية".
وحول هذا الشعار الذى لم يشأ بشارة التفصيل فيه، مكتفيا بالإشارة إلى الصراع المشتد حاليا فى مفترق طرق الثورة المصرية من خلال احتمالات وتأويلات غير واضحة لمفهوم الدولة الإسلامية المدنية، والتى يعلق عليها قائلا "بكون الدولة المدنية فى مقاصدها هى دولة تحقق بالمعنى الجوهرى للمقاصد الشرعية مصالح الناس، وهى مقاصد مدنية برمتها، وبما أنها كذلك فإن الدولة المدنية هى دولة إسلامية من دون أن تعرف نفسها كذلك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة