أعتذر عن عدم الكتابة خلال الأسابيع السابقة، لأننى لم أجد ما أكتبه وأعبر عنه، عما يدور فى داخلى من مرارة الأسى والحزن على مصرنا الحبيبة، فقد وصفت فى مقالتى الأخيرة ما يحدث الآن فى مصر بأننا أصبحنا نعيش فى جمهورية الموز، ومحتاجين حد يفهمنا هل نحن فى دولة بلا قانون على فطرتها مع نفسها أم نحن نعيش فى غابة الحياة فيها للأقوى، فجمهورية الموز يا سادة دولة بلا قانون ليس هناك رابط أو رادع يتمتع مواطنوها بعدم النظام والفوضى العارمة فهى دولة بلا مؤسسات ينتشر فيها الفساد والجهل والفقر والكراهية والظلم والحقد والتعصب الدينى نتيجة لغياب العدل، أنا لست مع الرئيس فى الكثير من قراراته ولست مع النخبة كما يسمون أنفسهم ولست مع صراع الكراسى الموسيقية وصراع السلطة، إنما أنا مواطنة مصرية، أريد أن أعيش فى سلام أريد أن ينعم أولادنا وأمهاتنا وعائلاتنا مسلمين ومسيحيين بالهدوء والسلام والطمأنينة وليس الذعر والخوف والبلطجة، أنا لن أتحدث عن الدستور فأنا لن أذهب إلى الاستفتاء فأنا من الأغلبية التى لم تذهب فأكثر من 67 فى المائة لم يذهبوا فى اليوم الأول نتيجة الزهق من المشهد السياسى فى مصر، كما جاءت فى الإحصائيات والباقى معارضون ومؤيدون سواء من التيار الدينى الذى يرى البعض أنه "جبنا إلى الوراء ببعض تصرفاته" أو التيار المدنى والنخبة الذى يرى آخرون أنه "أصابنا بالضغط والسكر"، ولم يرحموا مصر من التشتت والانقسام، ولن أتكلم عن قرارات الحكومة التى تتسم بالطفولية فى قراراتها الصباحية وتراجعها فى المساء والسهرة، ولا قرارات الرئاسة ساعة تروح وساعة تيجى إلخ إلخ فقد تحدث عنها الكثيرون غيرى، فماذا حدث لكى يا مصر حد يفهمنا يا أسيادنا، ولكن ما لفت نظرى فى الفترة الأخيرة قراءتى لأحد الأخبار للشيخ أبو إسماعيل ومجموعته حازمون وهم يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامى ويتحدثون من هناك على أن ساعة الصفر قد اقتربت وهى اقتحام المدينة والاستيلاء عليها بوضع اليد وتطهيرها من الإعلاميين الفلول المأجورين، كما يقولون وبناء مسجد أبو إسماعيل كما فعل الرسول عندما دخل المدينة وأنهم سوف يسمونها مدينة الإنتاج الإسلامى .
وقد أصابنى الذهول والرعب من هذا الفكر الذى يدعو لمعاقبة كل من يخالف الرأى، أنا مع تطهير الإعلام لما يعانيه من فقر الرسالة والمصداقية، فالإعلام أصبح مسيسا ويفتقر أمانة المصدر وتحول المتلونين من بعض الإعلاميين إلى أراجوزات الفتنة والتشتت فى المجتمع وقد تحدثت مرارا عن ذلك فهل ما فعله أبو إسماعيل هو الحل؟ هل ترويع الناس وبث حالة من الخوف والذعر، هو الحل؟ أين القانون؟ فإذا كنا نريد تطهير الإعلام فهناك من القوانين التى يجب أن توضع لتحكم مصداقية الإعلام وميثاق الشرف الذى يأخذ على الإعلاميين ومحاسبة من يخرج عنه بالقانون وليس بالترهيب، فهل اقتحام مقرات الأحزاب وأقسام الشرطة هو الحل الذى جاء به هؤلاء، هل قرارات العفو للسيد الرئيس لبعض الجماعات التكفيرية التى يتردد أنها أصبحت تعيث فى الأرض فسادا.. فاتورة ندفع حسابها الآن من سلامتنا وسلامة أولادنا وحياتنا فهل كان العادلى مع فساد جهاز الشرطة كان حجابا حاجزا وسدا منيعا بيننا وبين هؤلاء الذين نشروا الرعب فى الشارع المصرى، أنا أعلم جيدا أن هناك من الإخوان المسلمين قد تعرضوا لظلم بين فقد تعرضوا للعذاب سنين كثيرة، ولكن بعضهم كانوا من المتشددين الذين أرهبوا الشارع المصرى بلا هوادة.
حد يفهمنا يا أسيادنا لماذا يتم السكوت على ما يحدث من ترويع فى الشارع المصرى؟ ماذا يريد الدكتور مرسى؟ هل يريد أن يبعث لنا برسالة خاصة جدا أم ماذا؟. سوف أختم بحادثة هامة جدا حدثت فى عهد نبينا نبى الرحمة،عن أبى هريرة رضى الله عنه قال بال أعرابى فى المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال الرسول دعوه لا تزرموه (أى لاتقطعوا عليه بولته).
( يا الله)- وأريقوا على بوله سجلا من الماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" رواه البخارى، وهكذا نجد الرسول الكريم، وكيفية تعامله مع البشر، ورفقه ورحمته عند نهيه عن أمر فقد دعا الرجل وتحدث معه برفق، وقال له إن هذه المساجد لا يصلح فيها الأذى إنما هى للصلاة، وقراءة القرآن، والتكبير ما هذه الرحمة أين نحن من هذا الصفاء والحب وحسن الخلق، وأنه دائما يقول إنه لم يبعث لعانا بل بعث رحمة، أين نحن الآن من هذه الوجوه العابثة والذين يغالون فى مظهرهم وقسوة قلوبهم والعنف ونشر الفوضى والرعب.. اتقوا الله فى مصر واتق الله يا شيخ حازم يا من كنت تتمنى أن تحكم مصر فهل كنت ستحكم مصر من منطلق قانون الغاب الذى نراه الآن فى الشارع..وفى النهاية حد يفهمنا يا أسيادنا ويجاوبنا.