رغم التزاحم الشديد أمام مراكز الاقتراع، السبت، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن المرحلة الأولى من التصويت فى استفتاء الدستور شهدت إقبالا ضعيفا بواقع 31% ممن يحق لهم التصويت فى المحافظات العشر ما يثير الشكوك بشأن توافق الآراء بشأن الدستور أو وضع الأساس لشرعية الحكومة الجديدة.
وأشادت جماعة الإخوان المسلمين بالنضج السياسى للناخبين، فيما شكك قادة المعارضة فى النتائج التى تم إعلانها بشكل غير رسمى، وأكدت مختلف القوى السياسية غير الإسلامية والجمعيات الحقوقية أن عمليات التصويت شابها مخالفات واسعة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن ضعف نسبة المشاركة علاوة على النتائج غير الرسمية التى تحدث عنها مسئولو الإخوان والتى تشير إلى رفض الدستور بنسبة 44% وهى نسبة كبيرة، فإن كل هذه الأمور مؤشر على صدق الفروض الخاصة بتراجع قوة جماعة الإخوان المسلمين فى الشارع، رغم ما حققته من انتصارات انتخابية على مدار العام والنصف الماضيين.
وأكدت أن النتائج كانت مفاجأة لمسئولى جماعة الإخوان. وقال جهاد الحداد، القيادى بـ"الإخوان": "إنها بالفعل أقل من الكثير من التوقعات". غير أن الحداد وغيره من أعضاء "الإخوان" ألقوا باللوم على الاستقطاب السياسى بين مؤيدى مرسى ومعارضيه ما تسبب فى خيبة أمل واسعة تجاه السياسة ودفع "الأغلبية الصامتة"، وفق تعبيره، للبقاء فى المنزل.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن الحداد يرى أن النسبة الكبيرة للتصويت بـ "لا" لم تعكس رفضا للدستور وإنما نتيجة لغضب، مبرر أو غير مبرر، تجاه جماعة الإخوان المسلمين، ونقلت الصحيفة قوله: "تقييم الناخبين لم يستند إلى المنتج، بل إلى منتجيه".
ويرى محللون أن التصويت، السبت، ترك المشهد فى مصر فى حالة من الغموض. رغم أن الأداء الأفضل فى المرحلة الثانية من التصويت والتى تشمل 17 محافظة ربما يعزز جبهة مرسى، لكن إذا ما استمر نمط التصويت الحالى، فإن الرئيس الإسلامى سيواجه تحديات حادة فى الحكم. وسينعكس هذا أيضا على شعبية "الإخوان" فى الانتخابات البرلمانية التى ستعقب تمرير الدستور.
وتشير الصحيفة إلى أن مشكلات مرسى قد تبدأ فعليا من عند الدستور الجديد نفسه. وتنقل عن زياد العلى، المحلل بالمعهد الدولى للمساعدة الديمقراطية والانتخابية فى السويد، قوله: "إذا ما تم تمرير الدستور بهامش ضيق أى حوالى ثلث أصوات الناخبين المؤهلين، فإن الدستور قد يحصل على الشرعية القانونية، لكن من الصعب جدا أن نتحدث عن شرعيته الشعبية".
وأضاف العلى الذى تابع عملية صياغة الدستور: "من الناحية السياسية فإنه سيكون محل صراع ساخن لفترة طويلة قادمة". وتضع العديد من البلدان فى الاستفتاءات الدستورية حدا أدنى من نسبة المشاركة كى يتم الاعتراف بها، انطلاقا من الاعتقاد بأن الطبيعة الأساسية للدساتير تعنى أنه يجب أن تحظى بتأييد شعبى واسع.
ويشير العلى إلى أن بعض أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور يتفقون على هذا المبدأ، ويؤكد أن العديد من الأعضاء أبلغوه أنهم لن يكونوا راضين عن الدستور، ما لم يشارك نصف الناخبين المؤهلين، وليس مجرد موافقة نصف من شاركوا فى الاستفتاء.
وتلفت نيويورك تايمز إلى أن أحد أعضاء الجمعية قال من قبل أن هناك حاجة لموافقة ثلثى الناخبين لحصول الدستور على شرعيته. ومع ذلك لم يتم وضع شروط قانونية من هذا القبيل. ويؤكد العلى أن النتائج المتقاربة بين رفض وقبول الدستور ستلزم الرئيس لقضاء جزء كبير من وقته فى الدفاع عن شرعية الدستور، بدلا من مناقشة سياسات محددة.
وسواء كان التقييم يشمل أيضا التصويت على شرعية الرئيس وسجله بعد خمسة أشهر من توليه منصبه أم لا، فإن النتائج تظهر حاجة مرسى لتغيير نهجه تجاه معارضيه، الذين انتقدوه لفشله فى بناء توافق فى الآراء حول القرارات المثيرة للجدل.
"نيويورك تايمز": إقبال 31% فقط من الناخبين على الاستفتاء يزيد الشكوك حول شرعية الدستور ويضع تحديات أمام مرسى.. والحداد: التصويت بـ "لا" انعكاس للغضب من "الإخوان".. وخبير: الدساتير تتطلب تأييداً شعبيا
الإثنين، 17 ديسمبر 2012 02:14 م