وفاء داود

أين مصر الآن؟

الإثنين، 17 ديسمبر 2012 03:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن ما يحدث فى مصر من اشتباكات واعتداءات بين مؤيد ومعارض واقتحام العديد من المقارات الحزبية لم يبشر بأى خير، ولم ولن يكون مؤشراً على أن هناك مناخاً ديمقراطياً سائداً فى الحياة السياسية المصرية ولا تفهماً لأبسط قواعد الديمقراطية. فركائز الديمقراطية تستوجب احترام الرأى والرأى الآخر، وتلزم الجميع بالاحتكام لنتائج الصندوق الانتخابى وليس الاعتماد على استعراض العضلات بالحشد الميدانى أو تبادل الاتهامات والاشتباكات.

وما يدور فى مصر خلال الآونة الأخيرة يدفعنا إلى التفكير فيما تشهده السودان من حرب أهلية بين أبنائها، فهل ما تشهده مصر الآن نواة لما يحدث فى السودان؟!، لم ينزل الشعب المصرى لإسقاط نظام تسلطى حتى نصل فى النهاية إلى الفوضى التى نشهدها الآن، ولم يضحِ شباب مصر بأرواحهم حتى تأتى لحظة يتصارع فيها أبناء الوطن الواحد ويقذفون بعضه البعض بالحجارة، ولو كانوا يعلمون بذلك ما كانوا ضحوا بأروحهم. إن ما يحدث من اشتباكات وحرق مقارات بعيداً كل البعد عن الديمقراطية، وكأن الأمر أن هناك من أراد أن يدمر الدولة المصرية من خلال الفتن الطائفية وتقسيم الشعب بين مسلم ومسيحى إلا أنه لم يستطع، فكان السلاح الأفضل له هو التركيز على الاختلاف الإيديولوجى، وبين ما هو إسلامى وما هو غير إسلامى سواء ليبرالى أو علمانى أو اشتراكى.

إن ملامح ما تشهده التجربة المصرية بعد ثورة 25 يناير يؤكد أنه لا تغيير فى قواعد اللعبة السياسية بل هناك تدهور وانهيار، فمن ناحية، لا تزال النخب تعتمد على الوسائل الإعلامية والتصريحات اللفظية النائية عن المواطن البسيط والشارع السياسى، والمفتقدة إلى الخبرات والقدرات التنظيمية، وفى الوقت نفسه ينتقدون الشعب بأنه لايزال يعشعش فى ثقافته الجهل والأمية؟!...فإذا كان ذلك صحيحا، فماذا أنت بفاعل فلابد أن تكون قادرا على التعامل مع هذه الثقافة والعمل على تغييرها، ولا تقف مكبد اليدين وتصرح عبر الفضائيات فحسب، وإذا كنت لا تدرك تلك الحقيقة فأنت لا تزال لاتفهم مجتمعك الذى تعيش فيه وغير قادر على قياداته؟!.

ومن ناحية أخرى نجد طوفاناً من الأحزاب السياسية التى لا يزال أغلبها ورقية كرتونية لم تستطع فعل شىء سوى التحدث عبر الفضائيات، وتسودها نخب سياسية جديدة دون خبرة سياسية أو تنظيمية، وتتناقض فى تصريحاتها ومعالجتها للقضايا السياسية وتتعارض فى مواقفها الحزبية، ومن المثير للانتباه أنها ركزت فقط فى تواصلها المجتمعى على شبكات التواصل الاجتماعى الـ"فيس بوك" و"تويتر"... ربما ستشهد يوماً إدارة مصر عبر تويتر؟!.
من الطبيعى أن الديمقراطيات الناشئة لم تستقر أوضاعها السياسية ويسودها الجدل السياسى والاجتماعى وتبحث عن استقرار لأوضاعها حيث إنها بدأت بعد فترة طويلة من التعددية المقيدة فى ظل هيمنة سياسية لحزب واحد عمل على نشر ثقافة تسلطية غير ديمقراطية ومن المحتمل أن تستمر لجيل أو أكثر بعد انهيار النظام القديم.

لكن ليس من الطبيعى أن يؤدى بنا الاختلاف إلى الاشتباكات والاتهامات، فإن دل ذلك دل على غيابة ثقافة الديمقراطية واحترام الرأى الآخر وغياب قيم التسامح، وفى ظل هذا نكون بعيدين عن الوصول لخطى الديمقراطية وأننا جميعاً ندشن المرحلة الأخيرة فى انكسار الدولة المصرية.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد المستكاوى

من اجمل التحليلات السياسية

اشكرك على فكرك المتفتح وتحليلك الممتاز

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد مصطفى

وهذا هو الفرق !!!

عدد الردود 0

بواسطة:

said

كلام منطقي ومحايد وعقلاني

اشكرك علي رأيك المحايد وتحليلك الواقعي البسيط

عدد الردود 0

بواسطة:

ing /magdy seliem

سلاح العصر

عدد الردود 0

بواسطة:

اسامة

مقال ممتاز شكرا

شكرا لك كلام ممتاز و منطقي

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد كلام موضعى جدا

كلام موضعى جدا

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن مصرى

الحزن يملاء قلبى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة