د.عبد الجواد حجاب يكتب: البطة العرجاء

الأحد، 16 ديسمبر 2012 01:04 ص
 د.عبد الجواد حجاب يكتب: البطة العرجاء محمد مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصطلح سياسى متعارف عليه ويستخدمه العالم ليعبر عن رئيس منتخب على رأس السلطة التنفيذية مضطر للتعامل مع سلطة تشريعية منتخبة ولكن أغلبيتها تنتمى إلى الحزب المنافس لحزبه، كما يحدث فى أمريكا أحيانا كثيرة عندما يكون الرئيس ينتمى إلى حزب لم يتمكن من الحصول على أعلبية فى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ. هنا يجد الرئيس صعوبات شديدة لتنفيذ برنامجه الانتخابى ويسمونه البطة العرجاء.

فى مصر الآن يوجد رئيس منتخب بيده السلطة التشريعية لأن البرلمان غائب أو مغيب بفعل فاعل، والحكومة على رأسها رجل فاضل ونحسبه حسن النية والخلق، ومجلس وزراء أكثر من نصفه خبراء فى ألاعيب النظام المخلوع، ورجال أعمال أغلبهم محسوبين على الرئيس المخلوع وحزبه ونظامه مع احترامى الشديد للجميع.

المهمة الكبرى للحكومة اقتصادية بحتة كيف نتغلب على معدلات البطالة المرتفعة، كيف نتغلب على الفقر وعجز الموازنة الهائل، كيف نوصل الدعم لمستحقيه، كيف نوقف صنابير الهدر فى كل مكان بسبب الفساد الذى استشرى فى كل مكان، كيف نقدم خدمات تعليمية لأبنائنا تليق بمستوى مصر وطموحات المصريين، كيف نقدم رعاية صحية تليق ببنى البشر فى حدها الأدنى للمصريين وخاصة من هم تحت خط الفقر.

لم يقدم لنا أى وزير سياسات جديدة للتغلب على المشاكل التى يواجهها فى القطاع الخاص به، لم نسمع عن خطة متكاملة لفترة من الزمن سنة أو خمس سنوات أو عشرين سنة. لم نر مستوى الشفافية والمصارحة يعلو قيد أنملة عما سبق وعانينا منه فى النظام البائد، لم يخرج علينا مسئول واحد يطالبنا بشد الحزام المشدود أصلا ويقنعنا بالأسباب والمبررات. كل ماسمعناه أن مصر بها خير وفير وأن الفساد جرف كل شىء نعم نعرف ذلك ولكن ما هى خطة الحكومة للتغلب على الصعاب الاقتصادية؟

تساؤلات كثيرة حول قرض البنك الدولى ولم يرد أحد إلا بكلمة لا توجد اشتراطات للبنك تخص الإصلاح الاقتصادى، وأعتقد أن لا أحد فى مصر يصدق ذلك.

موضوع غلق المحلات التجارية فى مواعيد معينة ليلا طال الكلام فيه واتخذت قرارات وأعادها الرئيس لمزيد من النقاش وتأجل موعد البدء فى التنفيذ أكثر من مرة.

موضوع تافه لا يفيد كثيرا ويمكنه أن يضر وأخذ كل هذا الوقت ونتساءل لو كان الموضوع يخص بناء مفاعل نووى ماذا يحتاج من وقت.

أخيرا خرجت علينا الحكومة بحزمة زيادات فى الضرائب المفروضة على حوالى خمسين سلعة فى قرار صدر صباحا وألغاه الرئيس بعد ساعة من صدوره، الحزمة كبيرة وسيئة وتؤدى إلى زيادة الأعباء بدون أن يقابلها أى زيادة فى الدخل أو المرتبات أو المعاشات.

الحزمة تدل على بجاحة الحكومة وجرأتها تأخذ بدون أن تعطى أى مقابل، النظام السابق كان يعطى باليد اليمنى وباخذ باليد اليسرى كلاعبى الثلاث ورقات بالضبط.

بعد الثورة وسيولة المعلومات وسيولة المجتمع الذى كسر قيده وانتزع جريته وحدد أهدافه تأتى الحكومة العرجاء لتأخذ فقط وتزيد الهم والغم الذى يعانى منه أغلبية الشعب وتزيد الطين بلة.

الحزمة خرجت فى توقيت غير مناسب والمجتمع يعانى من حالة استقطاب حادة فى الشوارع وكانها تقول لنا بك هم أم أزيدك.

توقيت يحمل شبهة زيادة نقمة الشعب على الرئيس والتظاهرات بعد أن كانت ضد الدستور فقط أصبحت تحمل عنوان ضد الدستور والغلاء. وكان من اتخذ القرار أراد أن يزيد عدد المتظاهرين المعارضين للرئيس.

الحقيقة كان يمكن تمرير الحزمة قطعة بقطعة كما يقول الحكماء ونبدا بالضريبة العقارية المؤجلة ونعفى الفقراء منها ثم نختار ضريبة أخرى بعد بلع الأولى وهكذا.

نحن نقدم العلم للطالب قطعة بقطعة وحصة بحصة. ألم تسمع الحكومة العرجاء عن التدرج وشرح المبررات للشعب وطلب الأذن من الشعب وعمل قياسات للرأى واستبيانات توضح مدى قبول الشعب بهذه القرارات.

كل ذلك جعلنى أعتقد أن رجال الرئيس ليسوا رجاله ولا يريدون له النجاح والتوفيق، أين عبقرية المصرى عندما يكون وزيرا ومسئولا. هذه الحكومة يجب أن ترحل وبسرعة وكفانا تضييع للوقت، نريد رجال دولة يحملون فكر الثورة ويتمتعون بخبرات عالية فى كل المجالات ويتمتعون بالشفافية والمصارحة والذكاء السياسى، مصر محتاجة العباقرة والمخلصين والمبدعين فى كل المجالات للنهوض من هذه الكبوة والخروج من هذه الأزمة اللعينة.

من هنا أعلن أننى خاب ظنى فى هذه الحكومة وهؤلاء المحافظين وتحطمت أمالى فى النهوض من الكبوة الاقتصادية بسرعة وخاصة مع عدم تنفيذ أى وعد انتخبنا الرئيس على أساسه، لا نرى حتى الآن برنامج للرئيس والحكومة ولم نسمع أو نرى أى برنامج للنهضة وعدنا به من وعد. لم نر إلا الضعف والخوف والتردد والتخيط وكان الله فى عون الشعب المطحون مع هذه البطة العرجاء، ربما بعد انتهاء أزمة الدستور يكون هناك مخرج والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة