وجه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رسالة إلى الحكومة الكويتية الجديدة، أكد فيها أن أولى خطوات الإصلاح تبدأ بالاعتراف بالخلل وحسن تشخيصه وقال، إن على الحكومة مسئولية التخطيط الواقعى السليم، وإعداد برنامج عمل واضح المعالم قابل للتنفيذ، يراعى الأولويات ويستهدف بناء الإنسان قبل المكان، ويتلمس هموم المواطنين ومشاكلهم، ويرتقى بالخدمات العامة، ويجسد الالتزام الجاد بتطبيق القانون بلا تهاون، ويحارب آفات الفساد والواسطة، وتلتزم فيه خطوات التنفيذ بجدول زمنى محدد المواعيد مشمولا بأدوات متابعة التقويم وآليات الثواب والعقاب الكفيلة بانضباط العمل وتحقيق الإنجاز المطلوب.
وأكد الأمير، على إيمانه الراسخ بحرية التعبير عن الرأى، وتقبل الانتقاد الإيجابى وفق الأطر القانونية، تجنبا للفوضى، مشيرا إلى ما تشهده الساحة المحلية الكويتية من مظاهر الفوضى، وتجاوز القانون والانحراف بالخطاب السياسى، وممارسات سلبية غريبة وطارئة على المجتمع الكويتى، وما عرف به من مبادئ الاحترام المتبادل والاعتدال والتسامح، وقبول الرأى والرأى الآخر.
وقال الجابر فى كلمة ألقاها فى افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعى الرابع عشر لمجلس الأمة، التطور سنة الحياة، والمجتمع الواعى يختار لنفسه الأمثل الذى يحقق آماله وتطلعاته، وينسجم مع قدراته وإمكاناته، على قاعدة راسخة من التوافق والحوار الإيجابى البناء دون المساس بتماسك وأمن واستقرار المجتمع.
وطالب أمير الكويت، بالالتزام بالقنوات القانونية والدستورية فى جميع الممارسات، بعيدا عن سياسة الانتقاء والتخوين، وقال، حق التعبير والاختلاف أدوات أساسية فى كل النظم الديمقراطية دون المساس بالوطن وثوابته، وتماسك المجتمع، ودعا إلى أخذ الحيطة والحذر فى ظل الظروف التى تعصف بالمنطقة، وأضاف أن هذه الممارسات لا تصون وطنا، ولا تعزز أمنا واستقرارا، ولا تجعل من الباطل حقا، بل هى بالتأكيد دعوة لهدر المكتسبات الوطنية وانتكاسة حضارية لا تعكس إيمانا حقيقيا بالديمقراطية، ولا بدولة القانون والمؤسسات، مؤكدا القدرة على طى هذه الصفحة، وتجاوز آثارها والانطلاق نحو العمل الإيجابى المثمر الذى يحقق الآمال والتطلعات، داعيا إلى حسن استثمار الحرية والديمقراطية، وألا تكون وبالا على الوطن، وتابع "يجب أن نتعلم كيف نختلف دون أن يتحول الخلاف إلى خصام وعداء وصراع".
وشدد على الإيمان الصادق بالنهج الديمقراطى والالتزام بالدستور، والضمانة الأساسية لأمن الوطن واستقراره، وكرامة الكويت ستظل مصانة وعاصية على كل من يحاول المساس أو النيل منها، وأضاف أمير الكويت "أنه على مجلس الأمة مسئولية إصلاح المؤسسة التشريعية وتعزيز دورها الإيجابى الحيوى فى دفع مسيرة الإنجاز الوطنى، وتصويب ممارسة العمل البرلمانى وتنقيته من الشوائب التى تعيق أداء دوره الحيوى فى التشريع الإيجابى، والرقابة الموضوعية الجادة، والنأى به عن النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمصالح الضيقة، وضمان الارتقاء بلغة الحوار، وتجاوز الجدل العقيم الذى يبدد الجهد والوقت والطاقات، والعمل على احترام الحدود الفاصلة بين السلطات، وتفعيل التعاون الحتمى البناء مع الحكومة لإزالة كل أسباب الاحتقانات التى تعرقل تكامل الجهود وانسجامها وتدفع عجلة الإنجاز".
وأكد أن للإعلام دورا رائدا فى تعزيز التلاحم الوطنى، ونبذ كل ما من شأنه بث الفتنة والفرقة بين صفوف المجتمع، وأن تحرص على أن تكون أدوات للبناء والتنمية، وداعمة للتقارب والتلاحم، ولكل رأى مستنير يخدم المصلحة العامة، حريصة على التمسك بثوابتنا الوطنية وقيمنا الأصيلة ملتزمة بالقانون وبمقتضيات الحرية المسئولة والمصلحة الوطنية فى أداء رسالتها السامية، ودعا الشباب إلى أن يكونوا أشد وعيا ونضجا وبصيرة فى تكوين قناعاتهم ومواقفهم، واختيار الطريق الذى يحقق مصلحتهم وخير الوطن، وأن يدركوا أن كل مسألة يتسع فيها الأمر لأكثر من رأى واجتهاد، وأن حق التعبير وحق الاختلاف أدوات أساسية فى أى نظام ديمقراطى، وقال "إن القوانين والأنظمة تسمح بمساحة واسعة وأساليب متعددة للتعبير بكل حرية واطمئنان دون مخالفة القانون، أو الإساءة للغير أو المساس بالثوابت والقيم التى نحرص جميعا على احترامها، وأن الحماسة وقود يعزز الإرادة، ولكن إذا غاب عنها الوعى والحكمة وحسن التقدير تحيد عن مبتغاها وتفقد جدواها".
من جانبه، أكد الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء الكويتى حرص الحكومة على تعزيز العلاقة الإيجابية مع مجلس الأمة وفق الأطر الدستورية، مشيرا إلى أن الحكومة تتطلع إلى علاقة تهيئ لآليات عمل مشتركة تكرس صور التعاون المأمول، للتصدى لمختلف القضايا والموضوعات المطروحة فى إطار أحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وبما يضمن أن يتفرغ كل منا إلى العمل الجاد البناء وفق اختصاصاته للنهوض بالوطن والارتقاء به إلى المكانة التى يستحقها، وأعرب رئيس الوزراء، فى كلمة فى الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الأول للفصل التشريعى الرابع عشر لمجلس الأمة، عن تطلعه فى أن تتضافر وتتكاتف الجهود لتحقيق الإصلاح العام والتنمية الشاملة، وأن يكون التغيير دائما إلى الأفضل والأنفع، مضيفا أن الحكومة باشرت فى هذا الصدد بإعداد الإجراءات اللازمة، لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة وهى مرحلة عمل وبناء وتطوير، حيث ستتقدم إلى مجلس الأمة ببرنامج عمل متوافق مع خطة التنمية التى تتضمن الآليات والبرامج الزمنية، لتنفيذ الرؤى المحققة لتطلعات الجميع.
وأكد حرص الحكومة على أن يكون هذا البرنامج قابلا للتنفيذ تتناغم فيه الطموحات مع الإمكانات بموجب آليات عالية الكفاءة فى المتابعة والتقويم والمحاسبة تجاه أى تقصير، وعلى نحو لا يخضع فى تنفيذه للاجتهادات والضغوط، وبما يعزز المصداقية فى تطبيق برنامج عملها، ويرسخ الثقة المتبادلة مع المواطنين.
وأضاف "إننا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة فى مسيرة العمل الوطنى من تاريخ البلاد، نواجه فيها تحديات كبيرة ومشكلات جساما على مختلف الأصعدة، تتطلب منا أن نكون عند مستوى المسئولية الملقاة على عاتقنا مجلسا وحكومة، مشيرا إلى ما تعرضت له الكويت مؤخرا من أحداث مؤسفة، وقال، إن الكويت تتمتع بمناخ ديمقراطى حقيقى، وسقف عال من الحرية يسمح لكل فرد بأن يعبر عن رأيه وتوجهاته وما يراه صحيحا، وتحفل وسائل الإعلام المختلفة بشتى الآراء والاجتهادات، ومن الطبيعى أن تتباين الرؤى وتختلف الآراء، وهو أمر لا ينبغى أن يزعجنا أو يخيفنا بل هو سلوك حضارى ومدعاة للفخر والاعتزاز، طالما كان ضمن إطاره القانونى السليم، ومراعيا لثوابتنا الوطنية الأصيلة، وملتزما بقيم الاحترام المتبادل وتقبل الرأى والرأى الآخر، ومحققا للمصلحة الوطنية العليا، وتابع الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء الكويتى، أن الفترة الماضية أهدرت كثير من الفرص، وكثير من الوقت والجهد والإمكانات، ولن يكون مفيدا التوقف عند إخفاقات الماضى وسلبياته، وعلينا ألا نستمر فى النظر إلى الخلف، ونجدد مشاعر الألم والندم، فأمام مرحلة مليئة بالتحديات وحافلة بالاستحقاقات التى لا تحتمل ترف التهاون والتسويف والانهماك بالمساجلات والمشاحنات التى ليس من ورائها طائل.
أمير الكويت يطالب الحكومة الجديدة بالاعتراف بالخلل والتخطيط الواقعى
الأحد، 16 ديسمبر 2012 01:40 م