قال تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)، وقال (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل)، وقال (وفى ذلك فليتنافس المتنافسون).
لابد من الاعتراف أولاً أننا كشرقيين، بغض النظر عن الدين والعرق والقومية واللغة وحتى نوعية الحكم والاقتصاد والاجتماع، نملك خاصية مشتركة تتمثل فى صعوبة تقبل النقد أو الرأى المخالف أو المعاكس لرأينا إن احتقار الرأى الآخر أو رفضه يؤدى للتوتر والعصبية وفشل العلاقات بين البشر، بل وقد يصل الأمر بين الطرفين لتصرفات غير قانونية، وغبر لائقة تؤدى لمشاكل يصعب حلها.
إن الرأى هو اعتقاد أو استنتاج يتمسك به الفرد فى أى مناقشه كدليل. وكما نعرف أن الأدلة أو الاستنتاج أو الاعتقاد أشياء قابلة للجدال، وطبعا كما نعرف أنه حتى بوجود حجة جيدة يمكن رؤية الحقيقة، وكأنها شىء من الخيال. ومع ذلك كثير من الأشخاص تعتبر رأيها حقيقة مؤكدة لا تقبل النقاش.
يعود الأمر عليك أن تفرق بين الرأى والحقيقة، فى كل الحالات عليك أن تظهر الاحترام وتعتبر أنك مكان هذا الشخص ولديك علمه وخبرته، وهناك احتمال أن يكون رأيك مثل رأيه تماما. احترم الشخص الذى عبر عن رأيه، لأنه استخدم حقه فى مشاركة الآخرين برأيه وكان إيجابيا. لا تقل لشخص يعبر عن رأيه إنه مخطئ لأن أى خطأ فى الحوار قابل للأخذ والرد، أما الهجوم غير مقبول. إن المواجهة بكلمة إن رأيك خطأ تعتبر نهاية علاقة سوية بين الأطراف. بمجرد أن تعرف أن هناك شخصا عبر عن رأيه عليك باختيار أحد الأساليب الآتية:
إن المعارضة للرأى دائما ما تؤدى بالتأكيد إلى فقدان المودة مع من تعارضه فى الرأى. معارضتك ستتسبب فى رد فعل عصبى دفاعا عن الرأى. هذا الأسلوب يجعل الطرف الآخر غير مستعد للتفاهم أو التنازل ولو عن جزء من رأيه لتتقابلا فى منطقة وسط ترضى الطرفين.
الأفضل أن تسأل نفسك هل من الضرورى أن أعبر عن اعتراضى للرأى الآخر؟ ما الذى أتوقع تحقيقه من هذه المعارضة؟ إذا شعرت أنه من الواجب أن تعارض لسبب جوهرى وليس لمجرد المخالفة، ابدأ بطرح أسئلة عن لماذا يشعر هذا الشخص بهذا الشعور تجاه هذا الموقف؟ ولماذا كون هذا الرأى؟ وما الحقائق التى تدعم هذا الرأى؟ اسأل هذه الأسئلة من باب حب الاستطلاع دون تحدٍ، وتقبل الإجابة بعقل متفتح يقبل الإجابة الصحيحة الصادقة منه دون تحفز للهجوم على الطرف الآخر من ناحيتك.
بمجرد أن سمعت واقتنعت يمكنك أنت أيضا أن تكون رأيك وتختار بين الموافقة أو مجرد الصمت دون أن تضطر للرفض. الحقيقة هى أن معظم الأشخاص قد يكون لديهم رأى مختلف، ولكنهم يتعاملون ويتعايشون بتناغم مع الآخرين دون صراع. إن رفض الرأى الآخر هو الذى يسبب المشاكل والسلوك العدوانى.
يجب أن نتعلم الاختلاف بأدب دون إساءة لأحد لمجرد أنك اختلفت معه فى الرأى. العناد والتعنت فى التمسك برأيك وكأنك أنت الوحيد الذى لا يخطأ وأن رأيك دائما هو الصحيح، هو الذى يوسع المشاكل. تعامل مع أى رأى بعقل منفتح واستمع بتركيز لأسباب الطرف الآخر، هو أيضا له كل الحق أن يكون له وجهة نظر وأن يعبر عنها. إدرس رأيك جيدا هل هو الصح إذا كان كذلك بالنسبة لك، احترم الطرف الآخر فهو أيضا يعتبر نفسه هو الأصح. إنك يمكن أن تعيش وتتفاهم بمودة مع الآخرين مهما اختلفت الآراء. إن الله خلقنا مختلفين لنتعارف ولا نتشاجر وإذا أراد الله لجعل الكل واحد والرأى واحد، إن الله قادر أن يقول كن فيكون.
إن النقد الدائم للآخرين والاستخفاف برأيهم ليست من الشجاعة أو دليل قوة فى شىء، بل العكس هو الصحيح الصوت العالى يعتبر محاولة لإخفاء الضعف وقلة الحجة. احترم رأى الآخرين ليحترموا رأيك وتسود المودة بين الناس.
