صورة أرشيفية
عبدالستار الهياتمى يكتب: قطعة الجبن
أغلبنا يتذكر المشهد الذى جمع بين الطفلة المرحة خفيفة الظل فيروز والراحل أنور وجدى فى فيلم (دهب) عندما اقترحت عليه أن تقوم بتقسيم قطعة الجبن بينهما بالعدل، فقامت بكل خبث ودهاء بتقطيعها إلى نصفين ثم أخذت تأكل من كل قطعه جزءا صغيرا، واستمرت فى تكرار ذلك عدة مرات وفى كل مرة تقسمها تأكل منها جزءا إلى أن أصبحت القطعة المتبقية من الجبن صغيرة الحجم، فاستطاعت أن تباغته وتأكلها مرة واحدة وسط ذهول ودهشة منه.
إن هذا المشهد يذكرنى تماما بما أصبحنا عليه الآن من انقسام وفرقة لم يشهدها الوطن من قبل، فبعد ثورة ٢٥ يناير التى جمعت ووحدت كل أطياف الشعب فى ميدان التحرير والميادين الأخرى بالرغم من اختلاف توجهاتهم السياسية أو انتماءتهم الحزبية، فكنا نرى الثوار فى الميدان يتقاسمون فيما بينهم الطعام والغطاء والرصاص، ولم تكن تستطيع أن تميز فصيلا عن آخر طوال مدة هذه الثورة، وبعد أن نجح الثوار فى إسقاط النظام السابق ورحيله ووسط غمرة الفرح بهذا الإنجاز بدأت بعض الفصائل والنخب السياسية فى اتهام وتخوين بعضها البعض فى مدى ارتباطها وتأييدها من قبل للنظام السابق (الفلول)، وهنا بدأ أول انقسام يضرب لحمة هذا الوطن تلاه الإنقسام الثانى، عندما أجرى المجلس العسكرى الاستفتاء على الإعلان الدستورى فى ١٩ مارس من نفس العام، فهذا مؤيد (بنعم) ويقف من خلفه تيار الإسلام السياسى وذاك مصوت بـ(لا) ويسانده فى ذلك الأحزاب المدنية، وأغلب شباب الثورة، ما أدى إلى انقسام واضح يفصل بين أبناء الوطن الواحد، ثم رأينا انقساما آخر عند مرحلة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بين الدكتور مرسى والفريق أحمد شفيق والتى قسمت الوطن إلى فسطاطين متساويين تماما، وتلحظ ذلك بوضوح من نسبة الأصوات التى حصل عليها الدكتور مرسى فى الانتخابات مقارنة بالأصوات التى حصل عليها الفريق شفيق، ولكن يبدو أن هذا الانقسام والتشرذم الذى أصبح سمة أساسية فى حياتنا اليومية ونشاهده كل يوم على الفضائيات والتى يحاول فيها كل فريق أن يكيل الاتهامات للفريق الآخر، ويخونه لم يعد كافيا كى نستيقظ وننتبه للخطر الذى يداهمنا، ويكاد يفتك بوحدة هذا الشعب فلم أكن أتوقع أن أرى أبناء الوطن الواحد يتقاتلون، وتسيل دماؤهم فى مشهد لم تشهده مصر من قبل حتى فى أصعب المحن التى مرت عليها، والآن لم يعد أمامنا إلا طريق واحد للنجاة من هذا الكابوس الذى يلاحقنا، طريق يجب أن نسير فيه جميعا وننسى فيه أى انقسام أو اختلاف يؤدى بنا إلى المجهول، فما زالت قطعة الجبن لم تأكل بعد!!.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أغلبنا يتذكر المشهد الذى جمع بين الطفلة المرحة خفيفة الظل فيروز والراحل أنور وجدى فى فيلم (دهب) عندما اقترحت عليه أن تقوم بتقسيم قطعة الجبن بينهما بالعدل، فقامت بكل خبث ودهاء بتقطيعها إلى نصفين ثم أخذت تأكل من كل قطعه جزءا صغيرا، واستمرت فى تكرار ذلك عدة مرات وفى كل مرة تقسمها تأكل منها جزءا إلى أن أصبحت القطعة المتبقية من الجبن صغيرة الحجم، فاستطاعت أن تباغته وتأكلها مرة واحدة وسط ذهول ودهشة منه.
إن هذا المشهد يذكرنى تماما بما أصبحنا عليه الآن من انقسام وفرقة لم يشهدها الوطن من قبل، فبعد ثورة ٢٥ يناير التى جمعت ووحدت كل أطياف الشعب فى ميدان التحرير والميادين الأخرى بالرغم من اختلاف توجهاتهم السياسية أو انتماءتهم الحزبية، فكنا نرى الثوار فى الميدان يتقاسمون فيما بينهم الطعام والغطاء والرصاص، ولم تكن تستطيع أن تميز فصيلا عن آخر طوال مدة هذه الثورة، وبعد أن نجح الثوار فى إسقاط النظام السابق ورحيله ووسط غمرة الفرح بهذا الإنجاز بدأت بعض الفصائل والنخب السياسية فى اتهام وتخوين بعضها البعض فى مدى ارتباطها وتأييدها من قبل للنظام السابق (الفلول)، وهنا بدأ أول انقسام يضرب لحمة هذا الوطن تلاه الإنقسام الثانى، عندما أجرى المجلس العسكرى الاستفتاء على الإعلان الدستورى فى ١٩ مارس من نفس العام، فهذا مؤيد (بنعم) ويقف من خلفه تيار الإسلام السياسى وذاك مصوت بـ(لا) ويسانده فى ذلك الأحزاب المدنية، وأغلب شباب الثورة، ما أدى إلى انقسام واضح يفصل بين أبناء الوطن الواحد، ثم رأينا انقساما آخر عند مرحلة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بين الدكتور مرسى والفريق أحمد شفيق والتى قسمت الوطن إلى فسطاطين متساويين تماما، وتلحظ ذلك بوضوح من نسبة الأصوات التى حصل عليها الدكتور مرسى فى الانتخابات مقارنة بالأصوات التى حصل عليها الفريق شفيق، ولكن يبدو أن هذا الانقسام والتشرذم الذى أصبح سمة أساسية فى حياتنا اليومية ونشاهده كل يوم على الفضائيات والتى يحاول فيها كل فريق أن يكيل الاتهامات للفريق الآخر، ويخونه لم يعد كافيا كى نستيقظ وننتبه للخطر الذى يداهمنا، ويكاد يفتك بوحدة هذا الشعب فلم أكن أتوقع أن أرى أبناء الوطن الواحد يتقاتلون، وتسيل دماؤهم فى مشهد لم تشهده مصر من قبل حتى فى أصعب المحن التى مرت عليها، والآن لم يعد أمامنا إلا طريق واحد للنجاة من هذا الكابوس الذى يلاحقنا، طريق يجب أن نسير فيه جميعا وننسى فيه أى انقسام أو اختلاف يؤدى بنا إلى المجهول، فما زالت قطعة الجبن لم تأكل بعد!!.
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Egyptian
البقال غشيم و متعافى