حالة من الهدوء والحزن خيّمت على مدينة طما بسوهاج، لرحيل شهيدها الصحفى الشاب الحسينى أبو ضيف، توحى لك بأن أهالى القرية لا يذهبون للإدلاء بأصواتهم فى الاستفتاء على الدستور، فلم يكن لهم يوم عرس مثلما يصفه الساسة، حيث اكتست القرية بالسواد، وما من فرد تتحدث له عن صلة بالحسينى فتجده حزينا حزنا شديدا على فراقه وذهاب روحه هباء وهو فى ريعان شبابه، إلا أن معظم أهالى قريته، خوفا على باقى إخوانهم، أعلنوا تأييدهم للدستور من أجل استقرار حال البلد، وحتى لا تفقد بلدتهم آخرين مثلما راح الحسينى ضحية الصراع غير المبرر، حسبما وصفوه.
جلال عبد العزيز، موظف بالتأمينات الاجتماعية على المعاش، خرج من لجنة مدرة الوفاء الابتدائية، وأكد أنه قال نعم حتى يستطيع الفقراء فى بلدته الحصول على لقمة عيش نظيفة، قائلا فى غضب، "كفاية الحسينى راح من غير سبب، والناس اللى فى مصر بتعمل مظاهرات مش حاسة بحال الفقراء هنا"، مؤكداً أنه يرغب فى أن يستقر حال البلاد وتنفض الاعتصامات".
وقالت جمالات عبد الخالق، حاصلة على دبلوم وربة منزل، "نعم"، مؤكدة أنها قرأت جميع مواد الدستور وبنوده ولم تجد فيها أى عيوب، واصفة ما يحدث من اعتصامات أمام قصر الاتحادية بالاعتراض من أجل الاعتراض، ولا يوجد مبرر لما فعلوه، مضيفة، "هم السبب فى مقتل الحسينى، ولازم نقول نعم حتى لا يموت آخرون مثل الحسينى".
أما رفعت على حسين، محام بالنقض، فأكد أنه أدلى بصوته لصالح تأييد الدستور، قائلا، "أنا قلت ألف مليون نعم حتى تستقر أحوال البلد، مضيفا، "لا ستفتح عمل الشيطان"، مشيراً إلى أنه لم يجد مبررا لما يحدث سوى دخول الشيطان بين أطياف الشعب فاشتعلت الفتنة والمظاهرات، مؤكداً أن المصريين لن يتفقوا أبدا، ونعم ستدعم استقرار البلاد وتهدئ الاعتصامات التى أوقفت المصالح العامة.
لم يختلف عنه صديقه الذى كان بصحبته فى طريقه للجنة الاستفتاء، ويدعى الحاج جمال على حامد، موظف على المعاش، الذى أكد أن من قتل الحسينى هم المتظاهرون أمام الاتحادية، مؤكداً أنه دعا جميع شباب القرية للإدلاء بنعم حتى لا تذهب أرواحهم فى اعتصامات غير مبررة، مثلما مات الحسينى أبو ضيف.
وقالت ناهد عبد الغنى، مهندسة زراعية، إنها قالت "نعم" حتى ينفض الانقسام الحاصل بين الإخوان والأطراف المدنية، حسبما قالت، مؤكدة أن تمرير الدستور سيحفظ مصر من الوقوع فى حرب أهلية، مضيفة أنها غير مقتنعة بآراء كل من حمدين صباحى المرشح الرئاسى السابق والدكتور محمد البرادعى، وذلك لأنهما لا يصلحان لحكم مصر، مشيرة إلى أن من يجد شيئا لا يعجبه فى الدستور فمن الممكن تعديله عقب انتخاب مجلس شعب جديد.
فيما قال البدرى عباس، ويعمل سائقا، إنه سيقول نعم، رغم أنه لم يقرأ الدستور، ولكن لأنه حسبما سمع وقيل له فإن تمرير الدستور والموافقة عليه بنعم سيجعل شرع الله يطبق فى مصر، بينما قال زميل مهنته مجدى فرغلى، إن نعم للدستور ستحقق استقرار أحوال البلاد، مبديا انزعاجه الشديد من وجود معتصمين ومتظاهرين أمام قصر الاتحادية، واصفا إياهم بالمرتزقة، مؤكدا أنهم هم من قتلوا الحسينى أبو ضيف.
ولم يختلف عنه فى الرأى كثيرا محمد ممدوح، عامل بسوبر ماركت وخريج حقوق، مؤكداً أنه عندما قرأ مواد الدستور وجدها تراعى كل أطياف المجتمع، من مسلمين ومسحيين ومرأة وطفلا وفلاحا، ولا داعى للرفض من أجل الرفض.
وعلى جانب آخر أكد جميع أقارب وأشقاء ووالد الحسينى أبو ضيف أنهم سيذهبون للتصويت بلا ضد الدستور، وقال شقيقه وليد، إن الإخوان هم من قتلوا أخى، ولن أوافق على دستور يكرس لبقائهم، مؤكداً أنه منذ بدء عملية التصويت فى الصباح الباكر شاهد أعضاء حزب الحرية والعدالة يعطون أهالى البلد الغلابة وغير المتعلمين عشرين جنيهاً مقابل التصويت بنعم ـ على حد قوله ـ مؤكداً أنه حاول إقناع كل من حوله بالإدلاء بلا على الدستور.
"اليوم السابع" فى "طما" بسوهاج مسقط رأس الشهيد الحسينى أبو ضيف.. أهالى قريته: سنقول "نعم" للدستور حتى تهدأ الفتنة وتتوقف إراقة الدماء.. وأشقاؤه ووالده: سنقول "لا" لأن الإخوان قتلة ومزورون
السبت، 15 ديسمبر 2012 03:20 م