كان لثورة 25 يناير ثلاثة أهداف واضحة: الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وفى السنوات التى سبقت الثورة، توصلت القوى السياسية المختلفة فى مصر بل وأغلب المصريين إلى نتيجة مفادها أن الضمان الأفضل لهذه الأهداف هو إقامة دولة مدنية شاملة متأصلة فى تاريخ مصر وتقاليدها، وتقوم على أساس حكومة نيابية والتى يكون لها ضوابط وتوزانات على سلطتها.
وكرئيس لحزب الحرية والعدالة الذى تأسس بعد الثورة، عمل الرئيس مرسى جاهدا مع ممثلى القوى السياسية المختلفة من أجل تشكيل توافق حول كيفية المضى قدما لتحقيق هدف تشكيل حكومة ممثلة. فى يونيه 2012 تم إعلان محمد مرسى أول رئيس منتخب بحرية فى مصر، ومنذ اليوم الأول التزم برؤية الثورة لبناء دولة نيابية وشاملة للجميع.
وبعد انتخابه فورا، تحرك الرئيس سريعا فى عدد من الأمور:
-استعادة البرلمان المنحل فى 7 يوليو 2012، وتم الانقلاب عليه سريعا بقرار ثان من المحكمة الدستورية العليا، واحترامًا للقضاء، عقد البرلمانيون جلسة مختصرة أشاروا خلالها إلى مسألة محكمة النقض.
-إعادة القوات المسلحة إلى دور الأمن والدفاع الوطنى وإنهاء دورها السياسى فى 12 أغسطس 2012.
-محاولة المصالحة الوطنية من خلال العفو عن مرتكبى الجرائم الاقتصادية لدفع مرتكبيها الأموال التى سرقت من الدولة فى عهد مبارك. وتجنب الرئيس أيضا عمليات تطهير على مستوى البلاد مفضلا تحفيز كل المصريين للعمل معا لبناء مصر الجديدة.
-شكل مجموعة واسعة من المستشارين من مختلف أنحاء الطيف السياسى.
-قام بتعيين حكومة على أساس غير إيديولجى من التكنوقراط، واختار نائبا للرئيس من تيار القضاء الإصلاحى المستقل.
-واصل الحوار مع الجماعات المختلفة وممثلى المجتمع المصرى من طلاب وفنانين ومفكرين وقادة دينيين من جميع الطوائف.
وكان أحد إنجازات البرلمان المنحل انتخاب جميعة من 150 عضوا لصياغة الدستور. وهذه الجمعية التأسيسية قد تم تشكيلها بعد مفاوضات مكثفة بين الأحزاب السياسية المختلفة وكل القوى السياسية. ووافقت على 150 اسما وتم الإعلان عن النتيجة من جانب رئيس حزب الوفد "الليبرالى" فى مقر الحزب.
وبحلول أكتوبر 2012، أقرت كل الأحزاب بأن العملية تسير بشكل سلس وعلقت آمالا كبيرة على الدستور.
ومع ذلك، فإن القوى المناهضة للثورة كانت تصعد من حملتها للانقلاب على مكاسب الثورة. وتجلى هذا فى عدد من المجالات:
-الافتقار الواضح للتحرك من الجبهة القانونية من قبل النائب العام. فتقريبا كل من اتهموا بجرائم خلال الثورة تمت تبرئتهم لغياب الأدلة وتم التعامل مع حالات قليلة جدا بشكل جدى.
-مؤشرات من عدد من الجهات على أن المحكمة الدستورية العليا ستقوم بحل الجمعية التأسيسية.
فتحرك الرئيس وقام بإعفاء النائب العام من مهامه وتعيينه فى منصب شرفى. والنائب العام الذى قبل بذلك مبدئيا، تراجع. والجدير بالذكر، أن عددا من الشخصيات التى يفترض أنها مؤيدة للثورة اصطفوا لتأييد النائب العام المعين من قبل مبارك.
وكان الاعتبار الأخير الأكثر خطورة ومع ازدياد قوة تلك المؤشرات، تحرك الرئيس لحماية الجمعية التأسيسية من الحل. وكان الهدف الأساسى للإعلان الدستورى الصادر فى 22 نوفمر 2012 هو فعل ذلك من خلال تمديد عمل الجمعية لتسهيل التوافق وتحصين هذه القرارت من التدخل من جانب المحكمة الدستورية العليا.
وعندما أثار الإعلان الدستورى الجدل بين القوى السياسية، عقد الرئيس حوارا وطنيا واسعا. وكان الاجتماع مفتوحا لكل القوى السياسية. وحضر اللقاء 54 من مختلف ألوان الطيف السياسى، وعقدوا لجنة قانونية أصغر والتى توصلت إلى أن الرئيس لا يمكنه تمديد موعد الاستفتاء الدستورى لأن الجدول الزمنى نفسه تم تحديده فى استفتاء عام. وأوصت اللجنة وووافقت المجموعة الأكبر بالإجماع على المضى قدما فى الاستفتاء على الدستور.
ويواصل الرئيس توجيه دعوة مفتوحة لكل المصريين للمشاركة فى الحوار الوطنى الذى يهدف إلى:
-الوصول إلى توافق فى الآراء بشأن مواد الدستور التى يمكن تحصينها. فلو تم التوصل إلى توافق على هذه المواد، سيدعو الرئيس كل الأحزاب السياسية للاتفاق على أن تقدم هذه التعديلات على الدستور مع انعقاد البرلمان.
-اتخاذ قرار بشأن خارطة الطريق لمستقبل التحول الديمقراطى فى مصر بعد الاستفتاء، سواء تم التصويت بنعم أو لا على مشروع الدستور.
-اتخاذ القرار بشأن كيفية ملء الأماكن الشاغرة فى مجلس الشورى. فلو وافق الشعب على قبول مشروع الدستور، فإن السلطة التشريعية للرئيس ستنتقل إلى مجلس الشورى. وتجرى المناقشات على قدم وساق حول كيفية ضمان أن يكون مجلس الشورى أكثر ميلا لمختلف الاتجاهات السياسية والإيديولوجية.
لقد جاهدت مصر فى ظل نظام استبدادى على مدار الستين عاما الماضية. وبناء مصر جديدة لها حكومة ممثلة لها ضوابط وتوازنات على سلطتها لن يكون أبدا بالمهمة السهلة.
ومع ذلك، فإن التزام الرئيس بالرؤية والإيمان بالديمقراطية يمكنه من التمسك بروح التعاون ودعوة كل المصريين للعمل معا لبناء مصر جديدة.
نرصد خريطة الرئيس مرسى نحو ديمقراطية نيابية شاملة
الجمعة، 14 ديسمبر 2012 05:16 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
soltan,,
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااا