حينما نجحت ثورة يناير المجيدة بالقضاء على النظام البائد طالب الجميع بصياغة دستور جديد للبلاد ووافق الشعب عبر الاستفتاء بإجراء الانتخابات البرلمانية لمجلسى الشعب والشورى أولاًُ ثم الاستفتاء فظننا جميعاً أن هذا الحدث سيكون عرساً للمصريين يحتفلون به بثورتهم المباركة لكن أطماع الطامعين كان لها رأى آخر فى إفساد هذا العرس حتى وصل بنا الحال على ما نحن عليه من انقسامات وقتل وإهدار دماء واضطرابات واتهامات متبادلة ومنها اتهام البعض من المعارضة بالخيانة العظمى.
وصدور إعلانات دستورية وقرارات رئاسية وإلغائها بعد أيام معدودات ومليونيات رفض وتأييدات واعتذارات من القضاة بعدم إشرافهم على الاستفتاء، حفاظاً على حياتهم من تعرضهم بسوء من هذا أو ذاك أو لا يعاتبهم أحد فيما بعد باشتراكهم فى سن دستور لم يتوافق عليه الغالبية من أفراد الشعب لعدم وجود المناخ السياسى والمناسب لإجرائه فكيف يوافق القضاة بالإشراف على الاستفتاء وكان يوجد إعلان دستورى ظل يجمد اختصاصاتهم ويعتدى على استقلالهم حتى قبل حلول الاستفتاء بخمسة أيام، ثم الفاجعة الكبرى ألا وهى محاصرة المحكمة الدستورية العليا حتى الأربعاء الموافق 12/12/2012م، والعجيب أن المستشار/ زكريا البلشى ـ أمين عام اللجنة العليا قد صرح بالتلفاز على الهواء مباشرة أول أمس بأنهم حصلوا على وعد بفك الحصار قبل يوم واحد لإجراء الاستفتاء ونريد أن نسأل من الذى وعد؟ ثم من الذى يتحمل مسئولية الحصار وفك الحصار؟ وهل هذه الأجواء تسمح بإجراء استفتاء الثورة؟ وما هو الواجب الوطنى الذى يلزم الشرفاء منهم بالإشراف على الاستفتاء أو الذين لا يبحثون عن مصالح شخصية لأنفسهم منهم.
والتساؤلات التى تطرح نفسها هل من معوقات تعوق إرجاء الاستفتاء لمدة شهر أو شهرين، خاصة أن السيد الرئيس قد مد أجل الوقت للجمعية التأسيسية شهرين وغير معتبراً بنص المادة 60 من الإعلان الدستورى الذى يبررون به بأنه لا يجوز التعدى على الخمسة عشر يوماً بعد استلامه المسودة من الجمعية التأسيسية ثم ماذا عن تعديه على المادة رقم 21من الإعلان الدستورى المتعلقة باستقلال القضاء وعدم الاعتداء على اختصاصات ـ القضاء ـ، ولماذا الإصرار على إجراء الاستفتاء السبت القادم 15/12/2012م بالرغم على وجود هذه الأحداث والصراعات؟ ألا نخشى من وقوع آثار ومصائب أكبر وأشد نتيجة إجراء الاستفتاء؟ سواء بتأييده أو رفضه أم أن الأجندات السياسية لأصحاب القرارات ترى بأن لا تدع الفرص تضيع هباءً وضرورة إجرائه فى ميعاده الذى حدده الرئيس لرؤيتهم بأن الفوز سيكون من نصيبهم ولصالحهم مستغلين مؤيدين يسمعون الأوامر دون مناقشات فأمس تأييد قرارات واليوم تأييد إلغاء نفس القرارات مما يثير الدهشة.
وإذا كان المؤيدون على هذا النحو من أهل العلم والاشتغال بالسياسة فما ظنكم بالكثير منا البسطاء المهمومين بلقمة العيش ولا يشغلهم سوى الحصول على ثمن رغيف الخبز وقضاء الحاجات ذات الضرورات، بمعنى أنه يجب على السادة أصحاب القرارات أن يمكثوا مع أنفسهم ولو لحظات ليقدموا مصالح الدولة والشعب على أغراضهم السياسية والشخصية، خاصة أن سيادة الرئيس لم يف بعهده ووعده بأنه سيطرح الدستور للشعب للاستفتاء عليه بعد دراسته وإبداء الملاحظات عليه من المعنيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية بل تسلم سيادته المسودة من رئيس الجمعية وبعد دقائق دعا الشعب ومحدداً له ميعاد الاستفتاء المذكور آنفاً. ودعونا نتساءل بصراحة ماذا يحدث من المعارضين إن لم يتواجد نص المادة 226 بالمسودة (تنتهى مدة رئيس الجمهورية الحالى بانقضاء أربع سنوات من تاريخ تسلمه مهام منصبه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة أخرى) هل تتواجد المليونيات المعارضة للدستور أم ينصرف كل مهموم بهمه مع مرشحى الرئاسة الذين ينفقون الملايين منذ قيام الثورة طلباً منهم على مقعد الرئاسة الحاضر الغائب ولا نسمع الأفواه بالفضائيات عن قصور الدستور فيما يتعلق بالحقوق والحريات وضرورة حماية المال العام من أيدى الفاسدين بالسلطة التنفيذية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية للجميع.
ولماذا أصر أنصار الرئيس على وجود هذه المادة بالدستور بينما لم يذكروا شيئاً بالدستور عن ضرورة تنقية القوانين وإلغاء وتعديل المخالف منها للشريعة الإسلامية، والعجيب أن الكثير منهم يقرر أن بالدستور نصوص كثيرة تخالف الشريعة الإسلامية وبالرغم من ذلك سيصوتوا بنعم.
وأخيراً سيادة الرئيس إن النظام السابق كان يدعى بأن الفيصل والكلمة للصناديق وقرارات اللجنة العليا للانتخابات مستغلاً الظروف والملابسات قبل إجراء الانتخابات، هذا علاوة على أن إجراءات هذا الاستفتاء به عوار قانونى جسيم سيستغله القانونيون فيما بعد لإبطال الاستفتاء؛ فنرجو من سيادتكم إرجاء الاستفتاء لإبداء الملاحظات وتصحيح الأخطاء.
عبد الرحمن طايع يكتب: سيادة الرئيس نرجوكم إرجاء الاستفتاء
الجمعة، 14 ديسمبر 2012 04:56 م
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة