د.طارق الدسوقى يكتب: لماذا لا؟

الخميس، 13 ديسمبر 2012 08:08 ص
د.طارق الدسوقى يكتب: لماذا لا؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدث إلى أحد أقرب أصدقائى ليسألنى عن رأيى فيما يحدث الآن فى مصر من انقسامات ومظاهرات وتصعيد وتخوين، وهل إذا كنت سأصوت بنعم أم بلا على الدستور الجديد فقلت له سأصوت بلا بدون شك مع يقينى بأن المحتوى الداخلى للدستور هو محتوى أكثر من جيد وإن كان فى النهاية هو عمل غير كامل كأى عمل بشرى يمكن أن نأخذ منه ونرد، ولكن أنا اقتناعى بـ"لا" هى لأسباب أخرى جوهرية وسببها الرئيسى هى سوء إدارة المؤسسة الرئاسية للمرحلة التى تم فيها إنجاز الدستور والأسوأ فيها هو فصل النهاية المتعجل حتى لا يتم حل الجمعية التأسيسية بحكم قضائى منتظر يوم ٢ ديسمبر. لو كان الرئيس مرسى متأكداً من إمكانية إنجاز مسودة الدستور قبل ٢ ديسمبر فلماذا أصدر الإعلان الدستورى الملغى، إذاً الهدف أصبح واضحاً أكثر وهو عمل إعلان دستورى يعضد قراراً هاماً من وجهة نظر هيبة الرئيس وهو إقالة النائب العام. إذاً لقد أصبحت القرارات المصيرية والإعلانات الدستورية تستخدم لتحقيق أهداف شخصية، هذا مع العلم أننى لست مؤيداً للنائب العام السابق وأعتبره مقصراً هو والنيابة العامة فى تقديم أدلة كافية فى أحداث الثورة وما بعدها يستطيع أن يحكم بها السادة القضاة بما يرتضيه ضميرهم ومهنيتهم، وليس معنى كلامى أننى مع القضاء بدون أى تحفظات حيث إن مواقف القضاء المصرى الشامخ لا تتفق مع بعض المواقف التى اختلطت فيها منصة القضاء مع السياسة فنالت من قدرها لدى رجل الشارع، وعلى سبيل المثال لا الحصر فى قضية تسفير المتهمين فى قضية منظمات المجتمع المدنى والأخرى بل والأخطر هى بالسماح للمرشح أحمد شفيق بخوض انتخابات الرئاسة بالمخالفة للقانون الصادر من المجلس التشريعى المنتخب بعزل هؤلاء الرموز. إذاً نحن أمام مشهد ملتبس ومحير كان من الأجدر بالرئيس عندما وجد الانسحابات تتوالى من التأسيسية هى أن يلعب دوراً توافقياً بصفته رئيساً لكل المصريين حتى تصدر مسودة الدستور بالتوافق وبرضاء أطياف الشعب المختلفة، عندها كانت ستصبح الأمور أكثر سهولة ومرونة عند تحديد نقاط الخلاف التى أعتقد أنها ليست جوهرية لدرجة الصدام ولكنها تستحق فترة استماع أطول من كل طرف لوجهة نظر الآخر حتى نصل إلى نقطة توافق، أيضاً أين تشاور الرئيس مع المرشحين السابقين الذين لو اتحدوا حينها لكان الدكتور مرسى الآن يقف معارضاً أمام قصر الاتحادية وليس بداخله، إن التشاور معهم يأتى من منطلق تغليب مصلحة الوطن والحفاظ على مكاسب الثورة والاختلاف فى الرأى لا يعنى أن تتجاهلهم، إن دعوة الرئيس للحوار الآن كانت قد تختلف كلياً لو دعاهم وأفصح لهم ما لديه من معلومات أو استشهادات بأن هناك مؤامرة تحاك بمصر حتى تسقط الشرعية لتدخل البلاد فى دوامة الفوضى بلا رجعة، إن توقيت اتخاذ القرار يتناسب مع حجم التوقعات فى ذلك التوقيت وهذا هو أحد أهم أسباب سقوط الرئيس السابق. أما السقطة الكبيرة التى وقع فيها الرئيس مرسى بعد تجاهله للحوار مع شركاء الثورة فى الوقت المناسب وتجاهله للمستشارين بالمجلس الرئاسى حتى يعلموا بالإعلان الدستورى من الإعلام سقط الرئيس فى عدم منع أعضاء جماعة الإخوان من الذهاب لفض اعتصام الاتحادية بقوة الذراع، ولم يصدر بياناً يدين هؤلاء المهاجمين تحت مرأى ومسمع من قوات الأمن، بل الأكثر من ذلك هو تفاخر أعضاء الجماعة بنجاحهم فى فض الاعتصام فى قناتهم التليفزيونية بحجة أن المكان ليس مقصوراً على المعارضين فقط، سقط الرئيس فى هوة الصمت عن أفعال الجماعة والتى شهدها محيط الاتحادية، أنا لست مع إهانة الرئاسة والرسم البذىء على أسوار القصر الرئاسى ولا مع حرق مقرات الجماعة حتى وإن كانت غير قانونية، أنا مع منع كل هذه التجاوزات ولكن عن طريق سلطة الدولة وقوات الأمن وليس بالذراع حتى لا يترسخ مبدأ الثأر باليد وتضيع كل القوانين الإنسانية ويظل البقاء للأقوى الذى يطبق فقط قانون الغاب. أنا لم أنتخب الرئيس مرسى ولكنى رضيت بحكم الأغلبية وبإرادة الله فى توليه الحكم بل الأكثر من ذلك وقفت معه فى قرارات هامة وأيدته وقلت فى أول مقال بعد توليه الحكم الحمد لله الذى جعلنا نعيش لنسمع حاكما عربيا يقول فى هذا الزمان: وليت عليكم ولست بخيركم، أطيعونى ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لى عليكم، وأقول للسيد الرئيس، إن قوتك هى فى التفاف الشعب حولك وليست جماعة الإخوان فقط، أريد منك أن تخرج لتقول لقد أخطأ الإخوان المسلمين عند فض الاعتصام بالقوة، ويتحمل المسئولية أصحاب القرار من قيادات الجماعة، أريدك أن تكون عادلاً منصفاً محايداً حتى يلتف الشعب حولك ويستمر تأييده لك، إن لا للدستور ستكون بمثابة تقييم حقيقى لحجم المعارضة التى يجب أن تسمع لها ولتتذكر يا سيادة الرئيس أن تمرير الدستور وهو أمر ممكن يعنى فقط انتصاراً فى معركة ولكنه ليس نهاية المطاف حيث إن المعارضة لديها فرصة كبيرة فى انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة إذا توحدت وأصبح لديها قائد حقيقى، عندها ستكون منافسة حقيقية ينتصر فيها الأفضل لأنه الأفضل وليس لضعف أو لوجود ثغرات لمنافسه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة