رصدت الصحف الأمريكية الصادرة صباح اليوم الخميس، موقف المعارضة من الاستفتاء على الدستور المقرر يوم السبت المقبل، وقالت إنها قررت التصويت بـ "لا" لكنها تركت الاحتمالات مفتوحة أمام المقاطعة، ما لم يتم تلبية عدة شروط.
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن قرار المعارضة الذى يأتى قبل ثلاثة أيام فقط من التصويت فى الاستفتاء، لن يكون له على الأرجح تأثير عملى فى الشارع، حسبما يقول المحللون الذين يرون أن المعارضة ليست منظمة بالقدر نفسه مثل جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها الرئيس محمد مرسى.
كما أشارت الصحيفة إلى أن التصويت على الدستور يأتى فى وقت تشهد فيه البلاد فوضى قانونية مع انقسام القضاة بشأن الإشراف على الاستفتاء، وقرار بعضهم ممثلا فى نادى القضاة مقاطعة الإشراف على الاستفتاء، فى حين قرر آخرون الإشراف.
وأوضحت الصحيفة أن مسألة صياغة دستور مصر الجديد والوثيقة نفسها كشفت عن هوة عميق حول الطريقة التى يرى بها ثوار مصر أنفسهم ومستقبلهم، مع وجود الإسلاميين فى جانب، وفى الجانب الآخر تحالف واسع من الليبراليين والعلمانيين والأقباط وشخصيات من النظام السابق.
فيما تحدثت مجلة "التايم" الأمريكية عن الأزمة الراهنة فى مصر، وقالت إن الأرضية المشتركة بدأت تنفذ من البلاد، وكان انتخاب محمد مرسى رئيسا لها بنسبة 52% فقط شيئا أقرب إلى ذلك فى حد ذاته. لكن فى الأسبوعين الأخيرين، أدت قراراته إلى حالة استقطاب فى البلاد إلى المدى الذى رأى فيه البعض لمحات من حرب أهلية محتملة. وينصب الجزء الأكبر من المشكلة على الإخوان المسلمين وأدائهم الغامض حتى الآن.
وتتساءل المجلة عما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين هى قوة حميدة وضاربة لكنها حسنة النية فى الأساس كما وصفها أحد قياديها وهو جهاد الحداد، أم أنها طاغوت الإسلام السياسى الذى ظل الغرب يخشاه على مدار أكثر من قرن من الزمان. وهل هى جماعة غامضة تنوى تفكيك الدولة القومية الحديثة لاستعادة هيمنة الخلافة على العالم الإسلامى، أن أنها كما يقول بعض المفكرين الإسلاميين، قوة مستهلكة، وملاذ للاعتدال والتى توجد إلى حد كبير من أجل أن تخلد نفسها.
وترى "تايم" أنه بعد ستة أشهر من حكم الإخوان المسلمين، لا يوجد إجابة واضحة على هذه الأسئلة. لكن شيئا واحدا لم تفعله الجماعة بعد عامين من الثورة، وهو بناء أى شىء يشبه ولو من بعيد التوافق، بل دخلت الجماعة التى تتسم بالعشائرية والتى ظلت سرية فترة طويلة إلى مجال السياسة الانتخابية مع عدوم وجود مخزون كبير من الثقة بين غير الأعضاء بها. ومنذ وصولها على السلطة لم تفعل شيئا لإعادة طمأنة الكثير من المتشككين.
ومرسى، كما تقول الصحيفة، لم يساعد فى ذلك.. فـ "معلم الفزياء السابق"، وفقا لتعبير المجلة، كان لطيفا ويتمتع بحس مداعبة عندما التقى به ثلاثة من محرريها فى القصر الرئاسى فى يوم 28 نوفمبر الماضى، لكن أحد التصريحات الأكثر حساسية التى أدى بها خلال المقابلة لم تكن قابلة للتنفيذ بعد أقل من 24 ساعة. فردا على سؤال حول المدى الزمى الذى تحتاجه الجمعية التأسيسية للانتهاء من صياغة الدستور، رد مرسى قائلا شهرا أو شهرين، وكان يميل للشهرين. لكن فى اليوم التالى مباشرة، أعلنت الجمعية إجراء الجلسة الختامية للتصويت على مشروع الدستور وانتهت منه صباح الجمعة.
وتتساءل تايم مرة أخرى: من المسئول؟ فمنصب الرئيس مصنوع لفرد، لكن كل المؤشرات تدل على أن قيادة الإخوان المسلمين لديهم الكثير ليقولوه عن الأحداث. ويقول جهاد الحداد: يجب أن نميز بين رؤية جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لمنصب الرئيس. فالإخوان ليسوا مهتمين بالأصوات وما شابه ذلك، بل مهتمون بفعل الصواب فى ضوء الهدف الذى يضعونه وهو إنهاء المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن. ويمضى الحداد قائلا: لو كانت الشعبية هى القضية، لما كنا اتخذنا أكثر من 80% من القرارات التى اتخذناها على مدار العامين الماضيين.
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الرئيس محمد مرسى وجماعته رهنوا مستقبلهم السياسى على مسودة الدستور، التى شكلتها جمعية تأسيسية غير ممثلة لفئات المجتمع المصرى حيث هيمن عليها الإخوان وحلفائهم من السلفيين، حيث باتوا يركزون على التصويت عليها دون أى عقبات.
وتحدثت الصحيفة الأمريكية عن الجهود التى تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين للتصويت بالموافقة على المسودة، حيث تقوم بتوزيع مئات آلالاف النسخ من مشروع الدستور فى أنحاء البلاد وتمول جهود أعضاءها ممن شاركوا فى صياغة الدستور للسفر إلى أنحاء مصر من أجل الضغط فى سبيل تمريرها، كما أنها تقود مجموعات منظمة من أنصارها لتأمين مراكز الإقتراع بشكل غير رسمى.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه الاستعدادات أثارت مخاوف المعارضة بشأن نزاهة عملية الاستفتاء والمضى نحو أخونه الحكومة المصرية. كما يزداد قلق المصريين بأنه بعد عامين من حالة الغموض السياسى التى تسود البلاد منذ رحيل نظام مبارك، يقوم الإخوان بملء الفراغ الذى تركته حكومة غير فعالة.
وتشير إلى أن الليبراليين يعربون عن قلقهم إزاء ميليشيات الإخوان التى ستنتشر أمام اللجان الانتخابية، هذا القلق الذى تبرره اعتداءات آلالاف من أنصار الجماعة على خيام معتصمى المعارضى أمام القصر الرئاسى الأسبوع الماضى، مما أسفر عن اشتباكات عنيفة أدت لسقوط قتلى وعشرات المصابين.
وفى ظل غياب دولة القانون، يحاول قادة الإخوان المسلمين تبرير ذلك من خلال الادعاء بالحاجة إلى هذه المجموعات "الميليشيات"، للحفاظ على النظام فى ظل ضعف قوات الأمن الرسمية. وتحذر الصحيفة إلى أن كلا من الإخوان ومعارضيهم يستعدون لاحتمال الاشتباكات خلال الاستفتاء.
ويتهم بعض قادة الإخوان قوات الأمن التى تعمل تحت إشراف الداخلية بالتواطؤ فى مؤامرة للإطاحة بمرسى لاستعادة النظام السابق. ونقلت وول ستريت جورنال عن جهاد الحداد، أحد كبار مستشارى الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، حزب الحرية والعدالة، قوله: "لا يمكننا الوثوق فى كافة الأطراف والفصائل داخل وزارة الداخلية".
وقارن الحداد دور الإخوان فى الاستفتاء بالسقالات المؤقتة التى أقيمت لمنع انهيار البناء. وكمثال على ذلك أشار إلى تصويت المصريين فى الخارج الذى بدأ، الأربعاء، فعندما تعطلب الطابعة بالسفارة الأمريكية فى الكويت، جلب الإخوان المسلمين طابعتهم الخاصة لطباعة بطاقات الاقتراع وتوزيعها على المصوتين.
بينما قالت وكالة "الأسوشيتدبرس" الأمريكية إنه على ما يبدو أن اجتماع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى مع القوى السياسية، تم إلغاؤه تحت ضغوط من الرئيس محمد مرسى الذى يصر منذ توليه منصبه على إبقاء الجيش بعيدا عن السياسة وأن ينصب دوره على مهمته فى حماية حدود البلاد.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن دعوة السيسى لعقد اجتماع بين مختلف القوى السياسية، والتى تأتى فى خضم احتجاجات شعبية واسعة ضد الإعلان الدستورى الذى يمنح مرسى سلطات استبدادية وضد الدستور الذى لا يمثل جميع المصريين، ينظر إليها على أنها عودة للجيش القوى إلى المشهد السياسى.
وتعد هذه هى المرة الثانية هذا الأسبوع التى تشهد تدخل المؤسسة العسكرية فى الأزمة السياسية المندلعة منذ قرابة أكثر من ثلاثة أسابيع، مما يشير إلى عودتها إلى المعترك السياسى، بعد أشهر قليلة من إطاحة مرسى بكبار جنرالات المجلس العسكرى ومنحه سلطاتهم لنفسه.
وعلى الرغم من أن السيسى معين من قبل مرسى، بعد الإطاحة بالمشير محمد حسين طنطاوى، فإن الأسوشيتدبرس تشير إلى أنه لا ينظر إلى قائد الجيش الحالى باعتباره خاضعا للسيطرة الكلية من قبل الرئيس الذى ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين.
الإعلام الأمريكى يرصد مواقف المعارضة من الاستفتاء على الدستور.. "واشنطن بوست": التصويت بـ "لا" لن يكون له تأثير كبير فى الشارع.. و"وول ستريت": مرسى وجماعته رهنوا مستقبلهم السياسى بقبول الدستور
الخميس، 13 ديسمبر 2012 02:01 م