أعتقد أن الدكتور محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين لم يصدقوا أنفسهم عقب قيام ثورة 25 يناير المجيدة والتى أطاحت بحكم الديكتاتور المخلوع حسنى مبارك فكفاحهم على مدى أكثر من ثمانين عاما يوشك أن يحقق مرادهم فشاركوا ولحقوا بقطار الثورة قبل أن يغادر نهائيا، فلا يكون لهم مكان ثم بعد أن كانوا مع الجميع صفا واحدا ويدا واحدة ذهبوا وحدهم وجلسوا مع المجلس العسكرى الذى آلت له الأمور فى البلاد ودون تنسيق أومشاركة من ثوار مصر وحركاتها وأحزابها رغم أنهم شركاء الكفاح والنضال وتم الاتفاق على أسوأ مرحلة انتقالية فى تاريخ الثورات فبدلا من البدايات الطبيعية لهذه المرحلة من خلال تشكيل جمعية تأسيسية تضع دستورا يليق بمصر الثورة وتتولى هذه الجمعية سلطة التشريع وتشكل مجلس رئاسى مؤقت وحكومة لإدارة شئون البلاد وذلك لحين استكمال مؤسسات الدولة وتشكيلها بطريقة ديموقراطية. إذ بنا نفاجأ بخريطة طريق معوجة ومشوهة وتقضى بإجراء انتخابات مجلس شعب وشورى ثم انتخابات رئاسية وتشكيل جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد ورغم اعتراض كثير من القوى الوطنية على ذلك صممت تيارات الإسلام السياسى المنظمة على استغلال منابر المساجد والحشد لنعم فى الاستفتاء الذى تم فى مارس من العام الماضى وكان نتيجة ذلك ما نعانيه من مشكلات لا تعد الآن فنحن أمام صورة من أعجب ما يمكن فلدينا رئيس يملك صلاحيات إلهية فى الحكم وغير محددة ولا يمكن مساءلته أو محاسبته وفضلا عن صلاحياته التنفيذية - بحكم موقعه - لديه كامل السلطة التشريعية فضلا عن تنصيب نفسه سلطة تأسيسية من خلال إصدار إعلانات دستورية، ولدينا مجلس شورى تم انتخابه بقانون حكم من قبل بعدم دستوريته ومع ذلك فهو محصن وغير قابل للحل بل الأدهى من ذلك أن مسودة الدستور الكارثية ستمنحه سلطة التشريع وأصبح لدينا محكمة دستورية اسما فقط بعد أن تم تعليق جلساتها لأجل غير مسمى فضلا عن أنها تنتظر العصف بها بعد إقرار مسودة الدستور هذا المشهد السياسى الملتبس السبب فيه من وجهة نظرى هو أن جماعة الإخوان المسلمين وجدت نفسها فجأة تمسك بزمام الأمور والرئاسة أصبحت بحوزتها والمجالس التشريعية ملك يديها وليس لديها مشروعا وطنيا تقوم به وأن المشكلات التى تعانيها الدولة المصرية كثيرة والتركة التى آلت اليها من النظام السابق تنوء بها وبدلا من الجلوس مع شركاء الثورة والعمل بشكل جماعى على حل أى أزمات تعصف بسفينة الوطن فإن طغيان واستبداد الجماعة ظهر بشكل واضح فاضح، فمصر لا تعنيها وإنما هى جزء من كل.
وعودة الخلافة تقتضى التمكين فى مصر ولكن ظهرت معارضة كبيرة لأحلام الجماعة تقتضى السحق ولو بالقوة كى يتحقق ما تريد الجماعة. وأصبحت الجماعة ورئيسها ورجال أعمالها على المحك، فالتجربة المصرية إما أن تنجح فتكون نواه للمشروع الإسلامى للمنطقة كلها وإما أن تفشل فيذهب المشروع بكامله وتذهب الجماعة نفسها وتصبح فى ذمة التاريخ.
إن الصراع الآن هو صراع وجود لجماعة الإخوان المسلمين وليس لديها أدنى استعداد للتراجع أو التوافق مع الآخرين فهم يعتقدون أن من ليس معهم فهو ضدهم ويؤمنون كثيرا بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة وأعتقد أن ميكيافيللى لو كان حيا الآن لكان قد اختارعنوانا لكتابه "المرشد" وليس" الأمير".
وقد كشفت جماعة الإخوان المسلمين عن وجهها تماماً بالمؤتمرين الصحفيين للمرشد العام ونائبه وقد تابعنا جميعاً ما دار فيهما، لا أدرى لماذا لم تقم الجماعة وحكومتها ومريدوها حتى الآن ورغم وجودهم فى سدة الحكم بإقامة مشروعات صناعية عملاقة تمتص الكثير من الشباب المتعطل عن العمل؟.. ولماذا لم تقم بوضع الحد الأدنى للأجور؟.. ولماذا لا تكبح جماح ارتفاع الأسعار بما لديها من أداوت؟.. ولماذا لا يتم تعديل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار؟!.. إنها مجرد أسئلة منطقية تلح فى الظهور وتحتاج لإجابات وأعتقد أن هناك أجوبة ربما تبدو ظاهرة وواضحة وضوح الشمس، فالجماعة ورجال أعمالها لا يحبون الصناعة وإنما يفضلون التجارة كثيراً فالأرباح كثيرة وبدون تعب وعناء وعمال ومشاكلهم ولذلك لم نجد مصنعاً واحداً أقامه أحد رجال الأعمال الإخوان وحتى الآن. وكذلك فوضع حد أدنى للأجور ليس على بال الجماعة وحكومتها وليذهب الفقراء إلى الجحيم.
فما زالت الحكومة مصرة على حد الإعفاء الضريبى للشخص كما هو خمسة آلاف جنيه وما زاد على ذلك يدفع عنه ضريبة رغم أنه وأسرته – طبقاً للمعايير الدولية ـ يعيش فقيراً فهو يعيش على أقل من دولارين فى اليوم الواحد.
إننا لا ندرى إلى أين تأخذنا هذه الجماعة ورئيسها وحكومتها.
نريد دولة حديثة تناسب مصر الحضارة مصر الثورة مصر بكل أبنائها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شكسبير المصرى
اساس المشكلة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ماهر
مقال ممتاز
مقال ممتاز ويعبر عن نبض الشارع