فى تاريخنا العريض الممتد، عرفت مصر الكثير من السلاطين التافهين، كما عرفت الكثير من الاضطرابات والقلاقل بسبب استيلاء حفنة من المماليك على الحكم، كانوا يحكمون مصر بيد من حديد، تجمعهم «عصبة» واحدة، يختلفون فيما بينهم إلى حد الاقتتال، لكنهم كانوا على قلب رجل واحد فى الاستقواء على الشعب، ولم يكن سلطانهم بالنسبة لهم إلا الدمية، يحركونه كما يشاؤون، ويخلعونه وقتما يريدون، ويقتلونه إن لزم الأمر، بعضهم كان يتولى الحكم سنوات قليلة، وبعضهم لم تتعد فترة ولايته أكثر من بضعة أشهر، وبعضهم كان يمكث بالحكم عدة ليال، حتى اشتهر فى هذا الوقت مصطلح «سلطان ليلة» وهو ذلك السلطان الذى كان مماليكه يبايعونه مساء ليقتلونه صباحاً، وتلك هى ميزة عصور الانتقال التى نعيش فى واحدة منها الآن.
ولأنى من هواة التاريخ ومحبيه، فلم أفزع كثيراً مما نراه اليوم ونعاصره، فالمخاض صعب، لأن القادم أبهى، وما نراه اليوم من تخبط واضطراب ليس إلا ضريبة ندفعها من أجل وطننا المشتهى، بعضنا يدفعها من قوته وعرقه، وبعضنا يدفعها من أمنه وراحته، وبعضنا يدفعها من نور عينيه، وبعضنا يدفعها من روحه، هى مسابقة من أجل مصر، يدفع فيها الواحد ما يقدر عليه، فمهر مصر غال، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.
ولأن الأمور تشابهت والحقائق اختلطت، فأصبح كل المدعين يزعمون أنهم يدفعون «مهر مصر» فقد أثبتت الأيام من يدفع هذا المهر عن رضا وطيب خاطر وتفان وإنكار للذات، ومن يدفع ليحصل على الكرسى، وشتان بين من يضحى من أجل الوطن، ومن يضحى من أجل الكرسى أو المال أو الجماعة، ففى الأيام الماضية التى امتنعت فيها عن الكتابة، عايشت تجارب مريرة كانت كفيلة بأن تجعلنى أتأكد من موقفى المعارض لحكم الإخوان ومن تبعهم، فعلى باب قصر الاتحادية كنت من بين آلاف الشباب الذين يصدون هجوم الإخوان على المعتصمين، وفرق كبير أيضاً بين من كان معتصماً آمناً، ومن أتى من محافظته مشحوناً فى عربة مدججا بالسلاح ليفتك بأخوته فى الوطن، ما هى إلا ساعة حتى أصيب أخى وصديقى صالح عبود مهندس ترميم الآثار بحجر فى عينه راح نورها على أثره، وبينما أمكث بجوار صالح فى المستشفى برفقة أخيه محمد عبود مدرس اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس والفنان التشكيلى صالح عبدالعظيم، جاءنا خبر إصابة صديقنا الأعز الحسينى أبوضيف برصاصة خرطوش فى رأسه، اخترقت الجمجمة وانفجرت فى داخلها، ثم سمعت عن إصابة صديقى الشاعر مصطفى إبراهيم بطلق خرطوش فى صدره وظهره، وإصابة صديقى الشاعر عبدالرحمن مقلد بحجر فى رأسه، وبينما نحن فى مستشفى العيون الدولى بالدقى منتظرين إجراء الدكتور يحيى صلاح العملية الجراحية لصالح عبود، توافد على المستشفى ما يقرب من عشرة شباب فى العشرينيات، كلهم من معارضى مرسى، وكلهم أصيبوا فى أعينهم بطلقات خرطوش وقذاف المولوتوف والطوب، لذا كان مضحكاً ومؤلما أيضاً أن أسمع السيد محمد بديع وهو يقول إن كل المصابين من الإخوان وكل القتلى من الإخوان، وكان مضحكاً ومؤلما أيضاً أن يتكشف زيف الإخوان بوضع صورة فى المؤتمر الصحفى للمرشد لمعارض مصاب على اعتبار أنه إخوانى قتيل، ثم انكشف أمر مساومتهم لأسرة أحد الضحايا ليجبروه على أن يقر بأن أخاه إخوانى، وهكذا يقتل الإخوان القتيل ويسرقوا جنازته.
تخبط وكذب ومحاضر للإعلاميين بالبلطجة أو البلاغات، كان آخرها تقديم الرئاسة بلاغا إلا النائب العام ضد الزميلة والصديقة علا الشافعى لأنها كتبت مقالا ليس على هوى الرئيس.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد غزالي
أهمية هذه الشهادات