الشاعر القديم قال:
يطلب الإنسان فى الصيف الشتا فإذا جاء الشتا أنكره
بيت الشعر هذا ينطبق على الإخوان المسلمين، فالجماعة قضت الجزء الأكبر من تاريخها مطاردة وملاحقة من الدولة، منذ العهد الملكى مرورًا بعبد الناصر، وأنور السادات، وثالثهم حسنى مبارك. خلال سنواتهم العجاف كان الإخوان موضع شفقة وتعاطف من جهة الكثيرين فى الوسط السياسى وخارجه، وكلما ضاقت حلقات القهر والظلم على عنق المصريين الكادحين الصامتين كانوا ـ الإخوان ـ يخبرون من حولهم بأنهم على أهبة الاستعداد لتبديل وجه مصر الكالح البائس إلى آخر ينضح بعلامات العافية والصحة، إذا تمكنوا من تولى الحكم، ولديهم من ما يكفى ويزيد من خطط الإصلاح والتغيير وكلها جاهزة ومعدة للتنفيذ الفورى.
ثم جاءتهم جائزتهم الذهبية بفضل ثورة شباب الخامس والعشرين من يناير، وانتخب مرشحهم الدكتور محمد مرسى رئيسًا، على الرغم من تخوف شرائح عديدة فى المجتمع المصرى مما سيؤول إليه حال البلاد والعباد تحت رايتهم. الفاجعة كانت فى أن الإخوان ومن حالفهم من التيار الإسلامى اعتقدوا أن من حقهم توجيه البلد فى الاتجاه الذى يحددونه، ولم يكترثوا بالتشاور والتنسيق مع الجالسين خارج إطار أهلهم وعشيرتهم. النتيجة المؤسفة كانت تباعد المسافات ومساحات التلاقى بين الحكام الجدد من الإخوان وبقية التيارات السياسية الأخرى أو لنقل للدقة معظمها، وهو ما انعكس سلباً وتهديدًا لأمن ومستقبل مصر، إلى أن بلغنا حافة الهاوية بانشطار المصريين إلى نصفين مؤيد ومعارض للرئيس، واشتبكا معا فى شوارع المدينة، وزادت رقعة الدم والدعوة للقصاص ممن تسبب فى إراقته.
والآن يتحدث قادة الإخوان عن أن الرئيس يتعرض لمكيدة من معارضيه بمساعدة من الخارج لإفشاله وإفشال تجربة الحكم الإسلامى برمته، وتوزعت الاتهامات وأحاديث المؤامرة يمينًا ويسارًا، ولو نظرنا بموضوعية خالصة، بحثا عن المسئول عن الكيد لإفشال مرسى وإغراق الوطن فى وحل الاختلاف والانقسام، لوجدنا أن جماعته تتحمل المسئولية بنسبة 90% والعشرة المتبقية ستكون من نصيب المتشددين فى جبهة المعارضة وممَنْ يدينون بالولاء لمبارك حتى لحظتنا تلك.
فالإخوان كانت لديهم فسحة كافية من الوقت لكسب وتجميع مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية بمن فيهم أشد وألد خصومها ومنتقديها ليكونوا حائط الصد الذى تستند إليه وقت الشدة، لكنهم كانوا متسرعين يريدون قطف ثمار السلطة بسرعة البرق، وبدا أنهم لا يحبذون جلوس احد إلى جوارهم ومشاركتهم كعكة السلطة. وبالعقل وبالمنطق هل يكون الرد على المؤامرات والمكائد المحاكة من قبل ذيول النظام السابق بتفسخ البلاد وزيادة العداوة والبغضاء بين أهلها؟
ثم أننى لم أر أى اعتراف شجاع من الإخوان بتحملهم قدرًا من مسئولية تكدير صفو الجبهة الداخلية وإشعالها، ولم أسمع منهم انتقادات لتأخر مرسى عن الظهور، بينما يشتبك المصريون مع بعضهم البعض ويسفكون دماءهم على جداران قصره الرئاسى؟
لم نر سوى التخبط وبطء اتخاذ القرار والإغراق فى حديث المؤامرة، وأن المخالفين والمناهضين للرئيس هم من اتباع مبارك، وإطلاق فتاوى تكفيرهم ووصفهم بأنهم من المعارضين لتطبيق الشريعة الإسلامية، وأنهم ينفذون مخططًا غربيًا لإجهاض التجربة الإسلامية فى مصر وغيرها من المضحكات المبكيات. إن مصر لن تنهض بهذا الشكل وعلى الإخوان فهم أنهم خسروا كثيرًا من رصيدهم لدى الشارع خلال أحداث الأسبوعين المنصرمين، وأنه حانت لحظة مراجعة الذات قبل أن نصل لمحطة لا ينفع فيها الندم والعويل على مجد أضعناه بسوء تصرفاتنا وسوف يحسبنا التاريخ بقسوة على إضاعته.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سين من الناس
سيدى كاتب المقال انت لم تقدم اى حلول
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو حمزه
مفيش غير حل واحد بس
عدد الردود 0
بواسطة:
basset
نخبة الفشل
عدد الردود 0
بواسطة:
كل المصرين مع الرئيس مرسى أما النخبة الإعلامية فهم فى بلد اخر غير مصر
كل المصرين مع الرئيس مرسى أما النخبة الإعلامية فهم فى بلد اخر غير مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
tamer
مصر بقت كلها جهابزه ياسلام