لم يمنع إلغاء الرئاسة الإعلان الدستورى الأول وتشريع إعلان دستورى جديد من استمرار حالة الانفجار فى الشارع المصرى، فلا تزال محافظتا المحلة الكبرى، والإسكندرية عند موقفهما من الاستقلال عن باقى محافظات الجمهورية اعتراضا على طريقة تعامل الرئاسة مع معارضيها، الأمر الذى يرجعنا لإعلان جمهورية زفتا فى 23 مارس 1919، واستقلالها برئاسة يوسف الجندى حاكم المدينة الجديد، وذلك عقب إعلان الحرب الدائرة بين المصريين والجيش الإنجليزى، هو ما يدفعنا للتساؤل هل يعيد التاريخ نفسه أم هى مجرد أداة ضغط غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع؟.
سياسيون وحقوقيون وخبراء اقتصاد تحدثوا لـ "اليوم السابع" عن إمكانية تحقق فكرة الاستقلال على أرض الواقع من عدمه، حمدى عبد العظيم أستاذ اقتصاد ورئيس أكاديمية العلوم الإدارية الأسبق أكد أن خطوة سكان المحلة ومحاولات بعض المحافظات للتوجه لاستقلالها كالصعيد والنوبة وسيناء وبعض محافظات القنال التى تبحث هذه الفكرة ما هى إلا أداة ضغط لا يمكن أن تعتبر أداة انفصال حقيقية قائلا "عدد سكان المحلة أقل من باقى محافظات الجمهورية، فضلا أنها لا تمتلك قوى عسكرية أو حكومة ذاتية، فضلا عن عدم توافر خصائص مستقلة فضلا أن كل خدماتها تدخل فى اعتماد ميزانية الدولة".
وتساءل عبد العظيم عن مصدر تمويل المحافظة لخدماتها قائلا "حتى لو اعتمدوا على تبرعات لن تكفى احتياجات الملايين، فكل خدمات المواطن تعتمد على موازنة الدولة، كما أن خريطة الجمهورية مقسمة إلى أقاليم، كل إقليم يضم مجموعة من المحافظات والإقليم له برنامج تنمية متكامل يتضمن كل المحافظات وبالتالى لا يجوز أن تستقل محافظة عن باقى المحافظات اقتصاديا أو سياسيا".
وشدد عبد العظيم على عواقب هذا الفعل قائلا "إذا أصر داعى الاستقلال سيفضى الأمر لحصار المحافظة لنفسها، فلن تصل إمدادات أو اعتمادات أو خدمات، الأمر الذى سيؤدى لإحداث مجاعة وفقر وبالتالى الدولة لن تقف فى صفوف المتفرجين بل ستتدخل، وما يحدث إلى الآن مجرد محاولات ضغط، الاستقلال يستلزم إقليما كبيرا كإقليم السودان، ونحن بصدد فوضى وشيكة".
من جانبه أكد الخبير الاقتصادى صفوت عبد البارى أن ما يحدث كارت ضغط، الهدف منه الضغط على السلطة المركزية فى مصر، مشددا أن فكرة الاستقلال لا يمكن أن تقع على أرض الواقع لطبيعة الأرض قائلا "الطبيعة الجغرافية لمصر جغرافيا وجيولوجيا لا تسمح بتحقيق فكرة الاستقلال، فلا يوجد حدود فاصلة قائمة بذاتها، فما يحدث حركات احتجاجية غاضبة، يجب أن تؤخذ فى الاعتبار، ولكن الخوف كله على سيناء فهى مساحة لها طبيعة جغرافية خاصة".
وأضاف عبد البارى، "الآن يجب أن نشعر بالقلق الفعلى، فنحن بصدد تصدير صورة للعالم الخارجى عن حدوث انقسامات شرسة فى مصر لم تحدث فى الاتحاد السوفيتى نفسه قبل سقوطه، والآن علينا أن نتوقع أى تأثير سىء قد يحدث على أرض الواقع سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى أو السياسى، كل السيناريوهات متاحة".
من جانبه، أكد الحقوقى بمركز الأندلس لحقوق الإنسان محسن كمال أن قرار الاستقلال يجب أن يكون بمطلب شعبى وليس قرارا نابعا من مجموعة من النخبة السياسية بأى منطقة، مشيرا إلى أن مثل هذا السلوك يشبه لحد كبير موقف أهالى زفتا باستخدامهم كارت الاستقلال لتحقيق مطالبهم المشروعة.
وأضاف كمال : الأمر الآن يسير فى اتجاه الضغط المشروع على مؤسسات الدولة، رغم أن طبيعة البلد الجغرافية لا تسمح بحدوث هذا الاستقلال، ولكن الخوف الآن أن يسير الأمر فى شكل عدوى لباقى المحافظات حتى لو على سبيل الضغط، كما هو حادث الآن فطلب محافظة بقوة المحلة بإعلان الاستقلال عن دولة الإخوان يؤكد على قدرة الشعب على إدارة شئونه بعيدا عن أخطاء الرئيس المنتخب، نتيجة شعورها بالضيق من حكم الرئيس المنتخب".
وأكد كمال أن استمرار الطرفين فى انتهاج العناد سوف يؤدى لخسارة اقتصادية وسياسية فادحة قائلا: "سوف ندفع ثمن عناد جميع الأطراف من اقتصادنا، فالبورصة يوميا تتعرض للانهيار، أما على الصعيد السياسى فما يحدث يحمل رسالة قوية للرئيس تؤكد على رفض الأغلبية الحقيقية فى كل المدن الاستمرار من جديد تحت حكم فرعونى".
وأوضح كمال أن الأزمة تكمن فى انتقال العدوى لمحافظات القناة والتى يوجد بها تمركز قوى للجيش، وتطل على قناة السويس، ولا يمكن لهم مثلا الاستحواذ على القناة أو الجيش، فيجب على الرئيس الانتباه لما يحدث هو وجود حركات فعلية تسير على قدم وساق لانفصال المحافظات عن الدولة لرفضهم لأخطائه المتكررة وهو أمر يجب أن يتخذ على محمل الجدية حتى لو كان مجرد أداة ضغط لاعتبارات جغرافية".
وأوضح كمال أن اتخاذ فئة من الشعب المصرى لهذا التوجه هو رد فعل طبيعى لما اسماه عدم قدرة الرئيس على الاستمرار فى الحكم، قائلا "من الواضح أن الرئيس سيستمر فى عناده ولكن عليه أن يراعى عواقب الأمور، ونحن لا نتمنى الوصول لهذه المرحلة ولكن ما يفعله الرئيس هو انتهاك لكل القواعد القانونية، فهو الآن من دفعنا لهذه المرحلة والناس تدرك أنها لو تنازلت عن حقها لن يسمح لهم بالمطالبة به أبدا".
أكد على ما سبق الناشط الحقوقى محمد زارع مشيرا لاستحالة تحقيق فكرة الاستقلال عن الدولة فى أرض الواقع بمعنى وجود دولة داخل دولة، خاصة لطبيعة الجغرافية لمدينة المحلة، إلا أنه أشار للرسالة المتضمنة لهذه الخطوة قائلا "منطقة المحلة منطقة صغيرة جدا، ومقوماتها لا تسمح بالاستقلال، لكن اتخاذ لهذه الخطوة يحمل رسالة مهمة للرئيس المنتخب، فهذا يؤكد أن الشعب قادر على تعطيل مخططات الدولة فى التوحش فى ممارسة سلطاتها حتى لو يكونوا يملكون لمقومات الانفصال، وهذا لن يحدث إلا بإعلان العصيان المدنى أو مبادرة بالاستقلال أو حرمان الحكومة من ممارسة سلطاتها".
وفيما يخص النتائج المترتبة على هذا الحدث قال زارع "على المستوى الاقتصادى ستتحقق خسائر ضخمة لا محالة، فضلا عن تهيئة المكان للعنف والقمع فمن المؤكد أن إعلان العصيان أو الاستقلال سيدفع الدولة للتدخل لأنها لن تترك على انتشار العدوى بين المحافظات، على الجانب الآخر يوجد رفض تام فى بعض المحافظات لإجراء الاستفتاء على الدستور، وما يقومون به يؤكد أن الشعب المصرى يملك القدرة والإرادة للتغيير".
وأضاف زارع " مبادرة بعض المحافظات قد لا تصل بهم إلى حل وسط مع الرئيس المنتخب ولكنهم بلك يحققون إفشالا لمخططات الدولة، وهنا يكمن الخطر لأن الدكتور مرسى لن يستطيع فرض سيطرته على الشعب المصرى، وهو بذلك سيلجأ بالضرورة لاستخدام العنف لتمرير قراراته سواء عبر الجيش أو الشرطة، فما نمر به سلسلة من الأحداث المتصاعدة قابلة للاشتعال فى المستقبل".
من جانب آخر رفض أستاذ العلوم السياسية نبيل فاروق إعطاء لمن أعلنوا عنه شباب المحلة بالاستقلال مؤكدا أنه أمر يعكس ضيق أفق الداعين للانفصال _ على حد تعبيره _ لا يمكن إعطاؤه أكبر من حجمه، معللا أن مثل هذه الأمور تحدث فى الأقاليم، لظروفها الجغرافية والديموجرافية واصفا ما يحدث بالانشقاق بين أبناء الوطن الواحد، قائلا : نمر بحالة شلل، فكل الجبهات الآن أصبحت فى مواجهة كل أصبح يخون الطرف الآخر، على عكس المفترض تباعه فهناك باب بالعلوم السياسية اسمه باب التفاوض فعلى الجميع الخروج من الأزمة منتصرا وعدم تحقيق كل طرف مكاسب على حساب الطرف الآخر، الآن يجب على الجميع الجلوس على طاولة تفاوض واحدة، مؤكدا أن الدعوة للاستقلال ما هى إلا مجرد "فرقعة" للفت الانتباه على أمر آخر غير معلوم، إلا أنه راهن على عدم انتشار تلك الدعوة بين المحافظات، قائلا " أغلبية أبناء الوطن عقلاء ولا يمكنهم الانسياق وراء تلك الدعوات".
واتفق على ما سبق محمد الجواد كاتب متخصص فى الأمن القومى مؤكدا أن تلك الدعوة لا تمثل إلا نوعا من الاحتجاج قام به مجموعة من القوى السياسية للضغط لعودة نظام مبارك مرة أخرى _ على حد تعبيره _ قائلا " حتى لو أعلنت جميع محافظات مصر الانفصال لن يحدث شىء".
وطن ينقسم.. سياسة الانفصال عن الدولة شبح يهدد الرئاسة.. سياسيون: التلويح باستقلال المحافظات أداة ضغط غير قابلة للتنفيذ.. واقتصاديون: الانفصال يعنى حصارهم اقتصاديًا
الإثنين، 10 ديسمبر 2012 12:35 م
خريطة جمهورية مصر العربية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري مش فاهم حاجة
فكرة رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
m
سؤال والنبـــــــــــى حــــــــــــــد يجوبنـــــى عليــــــــه :
عدد الردود 0
بواسطة:
د/عماد الدين
مين فى اسكندرية
عدد الردود 0
بواسطة:
مصزاوى
تهريج
عدد الردود 0
بواسطة:
المحلة
المحلة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
هذا المقال ما هو إلا تهييج الناس لإسقاط مرسي وغير منطقي ولا موضوعي
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى بدر
كفاية تهريج
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو اسحق المصرى
يارب احفظ مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين عثمان
دولة المقطم
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين عثمان
دولة المقطم