يلعب الرأى العام دورا هاما فى العديد من بلدان العالم، وذلك لما له من قوة تأثيرية كبيرة، ويكون للرأى العام الصدى الأكبر فى الدول التى تتسم بقدر كبير من الديمقراطية.
والرأى العام ببساطة شديدة، هو توجهات الأفراد وآراؤهم تجاه قضية ما سواء بالتأييد أو المعارضة، الرفض أو القبول. وهناك العديد من الوسائل والآليات التى تساعد فى تكوين وتشكيل الرأى العام وأهمها مستوى التعليم، الثقافة، مستوى المعيشة، الإعلام وغيرها من الآليات التى تجعل المواطن أكثر وعيا وإلماما لما يدور حوله من قضايا محورية هامة.
بالحديث عن الرأى العام فى مصر فما زال رأيا عاما مذبذبا ويميل إلى الاضطراب فى كثير من الأحيان، فعندما يتم طرح أى قضية على الساحة خاصة قضايا الساحة السياسية، نجد الاختلافات الشديدة التى تؤول إلى اضطراب الساحة، والمشكلة هنا ليست فى الاختلاف فى حد ذاته "فالاختلاف أمر وارد "ولكن المشكلة فى أن هذا الإختلاف غير واع ولا يستند على الركائز الأساسية للقضية المطروحة محل الخلاف، فما يقرب من 41%من الشعب المصرى أميين هذا إلى جانب تدنى مستوى المعيشة فالغالبية العظمى يعيشون تحت خط الفقر، وهذا ما يجعل أفق اهتمامات الغالبية من المواطنين منصبا على توفير الحاجات الدنيا "الطعام والشراب والمأوى" وبالتالى تكون الرؤية ضبابية إن لم تكن منعدمة لأى قضية يتم طرحها على الساحة السياسية للغالبية العظمى من المواطنين.
ولذلك يمكن القول بأن الرأى العام فى مصر ينقسم إلى قسمين، فالقسم الأول هو الرأى العام الواعى ويكون هذا النوع على دراية بركائز ودعائم القضايا المطروحة، وكذلك ما وراء هذه القضايا وكيفية التعامل معها بشكل سليم وهذا النوع بالطبع نسبته قليلة ولنقل أنها 20%، والقسم الثانى هو الرأى العام الذى لا ينشغل بالقضايا المطروحة، لأنها وببساطة شديدة لا تلوح فى أفق اهتماماته فهو لا يزال فى حاجة إلى سد متطلباته من الحاجات المعيشية ولكنه يكون رأى عام موجها، وذلك لافتقارة للمعرفة الحقيقية بالقضايا المطروحة لأنه وببساطة ما زال فى نضال وصراع للحصول على قوت يومه وهذا النوع نسبته كبيرة جدا ولنحاول تمثيلها بنسبة 80% تقريبا.
وهذا الأمر يفتح الباب على مصراعيه للتلاعب بالرأى العام من خلال إستغلال القسم الثانى منه -على الرغم من عدم وعيه ومعرفته ورؤيته الضبابية – وذلك لتوجيه الرأى العام فى القضايا الهامة، والمحورية والتى تشكل مستقبل البلاد على أهواء وميول أصحاب المصلحة فى ذلك، وهذا من خلال التلاعب باحتياجات ومتطلبات هؤلاء الأفراد.
هذا الأمر الذى يجعل الرأى العام فى مصر فى مأزق وأزمة حقيقية حيث يتم توجيهه فى اتجاه معاكس وسلبى حيث ينصهر الوعى باللاوعى، والإيجابيات بالسلبيات وينزلق الرأى العام فى شلال المصالح الذاتية ويبعد كل البعد عن مصلحة الشعب والبلاد.
ولقد تعددت المشاهد السياسية التى أبرزت مأزق وأزمة الرأى العام فى مصر بعد قيام ثورة 25 يناير، وباسترجاع بعض من هذه المشاهد التى أثيرت فيها قضايا سياسية هامة كان من الممكن أن يؤول الاتفاق عليها إلى مستقبل أفضل ولكن آلت النتيجة إلى العكس.
وأهم هذه المشاهد كان الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى أجراها المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية، فكانت آراء فقهاء الدستور والقانون وكذلك الآراء الواعية بأن الدستور سقط بقيام الثورة فكيف إذا يتم تعديل دستور ساقط؟!!!. أى كان العقل والمنطق بأن نرفض مثل هذه التعديلات ولكن كانت النتيجة بالسلب وتمت الموافقة على تعديل دستور كان قد سقط بالفعل وهذا أيضا كان من خلال استغلال تذبذب الرأى العام إلى جانب ما قام به الإخوان والسلفيون من حملات لتكفير من يرفض التعديلات الدستورية. على الرغم من أنه لو تم رفض هذه التعديلات لوضعنا دستورا جديدا بخطى ثابتة ويأتى بعده رئيس الجمهورية وليس العكس الذى وضع البلاد فى مأزق سياسى خطير فى الفترة الراهنة حيث الدستور الذى وضعة الإخوان "بمعنى أدق طبخه الإخوان " من خلال تأسيسية الإخوان لافتقارها لتمثيل كل فئات وطوائف وكذلك الإعلان الديكتاتورى وليس الدستورى الذى أصدره ليحصل على سلطات مطلقة وصولا إلى المحاولات الضارية من قبل الإخوان لاستدراج القضية لتصل إلى استفتاء شعبى على الدستور وهنا تتضح اللعبة التى يحاول الإخوان تكرارها كعاداتهم وهى" استغلال أزمة الرأى العام من خلال اللعب باحتياجات ومتطلبات الأفراد وهم على دراية تامة بالنجاح الذى تحققه هذه الوسيلة، وتتكرر الأزمة وتسلب الإرادة الواعية العاقلة، أمام إرادة السلع التموينية، ولذلك فنحن بحاجة إلى نهضة للرأى العام ومنشط للوعى حتى لا تصبح البلاد فى مهب الريح.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة