لا شك فى أن حصول فلسطين على صفة دولة غير عضو(مراقب) بالأمم المتحدة، لتصبح الدولة رقم 194 بالمنظمة الدولية، هوانتصار حقيقى للقضية الفلسطينية وبمثابة شهادة ميلاد جديدة لها، بعد أن فشلت السلطة الفلسطينية العام الماضى فى الحصول على صفة "دولة كاملة العضوية" بالأمم المتحدة بسبب الفيتوالأمريكى داخل مجلس الأمن الدولى.
تعتبر هذه الخطوة الفلسطينية أيضا ضربة قاسية وهزيمة دبلوماسية لكل من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية اللذان صوتا ضد القرار، وأعلنا عدم الاعتراف به لكونه خطوة أحادية الجانب، ويعتبر عائقا فى طريق استئناف المفاوضات، والمضى قدما فى طريق إحلال السلام بين الطرفين.
هذه هى الضربة الدبلوماسية الناجحة الثانية التى تقوم بها السلطة الفلسطينية بعد قبولها عضوا فى منظمة اليونسكوفى شهر أكتوبر عام 2011، بالرغم من معارضة إسرائيل والولايات المتحدة، وتهديد الأخيرة بوقف تمويلها للمنظمة الدولية.
استطاع الفلسطينيون بهذه الخطوة أن يحققوا مجموعة مكاسب قانونية وسياسية ستساعدهم فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى الغاشــم وهى:
- تغيير التسمية من منظمة التحرير الفلسطينية إلى دولة فلسطين.
- الانضمام لعدد من الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية على رأسها اتفاقيات جنيف الأربع وخاصة اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحالة الحرب وهوما يعنى تحوّل وضع الأسرى الفلسطينيين من متهمين جنائيين فى نظر إسرائيل إلى أسرى حرب، يتوجب على إسرائيل إطلاق سراحهم عند توقف الأعمال العدائية، ومعاهدة قانون البحار لعام 1982 التى تحدد المياه الإقليمية بحيث يصبح لفلسطين سيادة على البحر الإقليمى فى قطاع غزة، واعتبار أى اعتداء إسرائيلى أودخول لهذه المناطق سواء بالطيارات أوالسفن خرقا لهذه الاتفاقية، مما يعطى فلسطين حق التقدم بشكوى ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية، وكذلك الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- الانضمام للمنظمات الدولية المختلفة مثل مجلس حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية ومنظمة التجارة العالمية، والأخيرة يعنى الانضمام إليها التخلص من القيود الاقتصادية والتجارية الإسرائيلية وإمكانية طرد إسرائيل منها إذا ارتكبت خروقا تجاه فلسطين.
- سيصبح المواطنون الفلسطينيون مواطنين يتبعون دولة يمكنها أن تمنحهم جنسيتها وجواز سفر وحمايتهم فى الخارج دبلوماسيا، فضلا عن إمكانية الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية ورفع قضائية جنائية ضد إسرائيل، وتقديم مجرمى الحرب الإسرائيليين إلى العدالة الدولية.
- اعتبار دولة فلسطين دولة محتلة، وهذا سيقود إلى تفعيل قرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن المختلفة وأهمها القرار رقم 242 الخاص بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى حدود 4 يونيو1967، وكذلك القرار رقم 194 الذى ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التى هُجّروا منها بفعل العدوان الإسرائيلى فى عام 1948.
رغم الحديث عن مكاسب هامة وكثيرة ومتوقعة فإن استثمار هذا الإنجاز يتطلب ترتيب البيت الفلسطينى الداخلى أولا ونبذ الفُرقة وإنهاء حالة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية المختلفة وعلى رأسهم حركتا فتح وحماس، وعدم الرضوخ للضغوط الدولية المتوقعة ضد أى خطوة فلسطينية فى المحافل الدولية من جهة أخرى، مع ضرورة دعم الموقف الفلسطينى داخليا وإقليميا ودوليا من خلال قيام الفصائل الفلسطينية مجتمعة بالمبادرة من أجل مصالحة وطنية عامة، وقيام جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى بمواصلة دعم الدولة الفلسطينية فى المحافل الدولية حتى حصولها على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وكذلك حصولها على الاستقلال التام وقيام الدولة وتكون القدس الشرقية عاصمتها.
على الفلسطينيين أن يواصلوا كفاحهم ونضالهم بدون كلل أو ملل من أجل قضيتهم الوطنية، وعليهم أيضا الاستعداد لضغوط أمريكية وإسرائيلية للى ذراع السلطة الفلسطينية عن أى توجه لاستغلال المكانة الدولية الجديدة وتوظيفها ضد إسرائيل وسياساتها العدوانية.
فمن المتوقع أن يكون هناك رد فعل قاس من الدولة العبرية ومن الولايات المتحدة الأمريكية إزاء هذه الخطوة الفلسطينية، أهم تجلياتها ستكون شل حركة الاقتصاد الفلسطينى من خلال تقليص أو قطع المساعدات الأمريكية، وإغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، إلى جانب تصاعد التوتر مع الجانب الإسرائيلى الذى ما زال يمسك بالعديد من المفاصل الاقتصادية والأمنية فى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة